الأولوية المطلقة للعمل الفلسطيني

ثار الجدل في الساحة الفلسطينية حول جدوى الذهاب إلى الأمم المتحدة، فرأى البعض في الساحة الفلسطينية أن المطالبة بدولة على حدود 1967 فيه تفريط للحق في دولة على كل فلسطين، كما رأى هذا الفريق أن الأولى من الذهاب دون تشاور مسبق أن يتم التركيز على إنجاح المصالحة الفلسطينية وإظهار الصوت الفلسطيني الواحد. كما ذهب فريق آخر إلى أن إعلان الدولة الفلسطينية ينهي الحق في العودة بحيث تكون العودة إلى الدولة الجديدة. وهي لا تزيد على 22 في المائة بما فيها المستوطنات والجدار العازل في الضفة الغربية والقدس، كما رأى فريق ثالث أن الذهاب إلى الأمم المتحدة مسرحية رتبها عباس لكي يرفع شعبيته وأنها خطوة انفرادية تنتهك أبسط قواعد المصالحة. ومع ذلك تسلم حماس بأن المسعى في الأمم المتحدة له بعض الإيجابيات لكن الأهم الآن هو أن قبول فلسطين وهي إقليم محتل مستحيل، وأن المفاوضات تلح على عباس من جميع الجوانب، ولكن الأولى من هذه المفاوضات التي تعيد الكرة مرة أخرى في ملعب إسرائيل هو دعم المقاومة وإنجاح المصالحة ووقف التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وبعد ذلك تدخل الحكومة الموحدة إلى المفاوضات.
وقد لاحظنا أن إسرائيل تصر على أنه إذا سلمنا بحق الفلسطينيين في دولة، فإن ذلك لن يتحقق بالمسعى الفلسطيني منفرداً وإنما من خلال المفاوضات، وتعلم إسرائيل جيداً أن المفاوضات لم تسفر عن أي نتيجة إيجابية سوى المزيد من شق الصف الفلسطيني والمزيد من الاستيطان والتهويد، وهي الحالة التي دفعت أبو مازن إلى استخدام ورقة الأمم المتحدة كخيار أخير. وترد إسرائيل بأنه لا جدال في الحق في الدولة، ولكن ما قيمة المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة إذا كانت إسرائيل تسيطر على الأرض فتضحى الدولة الفلسطينية دولة محتلة لا تستوفي شرط الاستقلال ضمن الشروط الخمسة للعضوية في ميثاق الأمم المتحدة.
في ظل هذا الوضع نعتقد أن المسعى الفلسطيني كان صائباً وأن مجلس الأمن يجب أن يمنح فلسطين العضوية لأن المجلس نفسه هو الذي فشل في إزالة الاحتلال، ويتعين عليه أن ينفذ ما ورد بشأن دوره في تنفيذ قرار التقسيم في الشق المتعلق بالدولة الفلسطينية لأن ذلك سيقوي ساعد الفلسطينيين في قضايا المفاوضات حول معالم الدولة الجديدة. أما رهن العضوية بالاستقلال فيعد انتهاكاً خطيراً لدور مجلس الأمن وضياعاً لحقوق الشعب الفلسطيني بل وإسقاط عضوية إسرائيل لأنها انضمت إلى الأمم المتحدة بقرار الجمعية العامة رقم 273 في 11/5/1948 بشروط أهمها احترام قرار التقسيم أي السماح للجانب الفلسطيني بإقامة دولة على 43.5 في المائة من فلسطين.
فإذا أحبط المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة فإن ذلك يضعف الجانب الفلسطيني في أي مفاوضات قادمة، وأن هذه المفاوضات ستمكن إسرائيل من اتخاذها غطاء لكل مخططات الاستيطان.
لا عودة للمفاوضات بغير ضمانتين: الأولى،الوقف الكامل للاستيطان وتأكيد مرجعية المفاوضات ووضع جدول زمني لموضوعات وزمن للمفاوضات، حتى لا تعود المفاوضات إلى سابق عهدها.
الأولوية المطلقة للجانب الفلسطيني الآن هي إعادة اللحمة بين فتح وحماس وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي