Author

القطاع الصحي السعودي ومسيرة تطور غير مسبوقة

|
منذ صدور أمر الملك عبد العزيز ــ طيب الله ثراه ــ بإنشاء مصلحة الصحة العامة في عام 1925 في مكة المكرمة، وبعدها بفترة وجيزة إنشاء مديرية الصحة العامة والإسعاف بهدف الاهتمام بشؤون الصحة والبيئة والعمل على إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في جميع أنحاء المملكة، والقطاع الصحي السعودي يشهد نقلات صحية حضارية غير مسبوقة، توجت بإنجازات صحية عديدة أسهمت في الارتقاء بالخدمات الصحية في السعودية، وفق أفضل المعايير الصحية العالمية، حيث وصل عدد المستشفيات الحكومية والأهلية في المملكة إلى (408) مستشفيات بإجمالي أسرَّة يصل إلى (55932) سريراً، بلغ نصيب وزارة الصحة منها (244) مستشفى، تتسع لـ (34370) سريراً، تدعمها (2037) مركزاً للرعاية الصحية الأولية، إضافة إلى العيادات والوحدات المجمعة الخاصة. وجاء صدور الأمر السامي الكريم الأخير، القاضي بدعم ميزانية وزارة الصحة بمبلغ 16 مليار ريال، دعماً إضافياً لتعزيز وتطوير وزيادة المدن الطبية والمستشفيات التخصصية، وإنشاء مراكز للعناية المركزة، ليصبح بذلك عدد المدن الطبية المتكاملة خمس مدن طبية، موزعة على مناطق المملكة المختلفة، بسعة أكثر من سبعة آلاف سرير مرجعي، وهي: مدينة الملك فهد الطبية في الرياض لخدمة المنطقة الوسطى، ومدينة الملك عبد الله الطبية في مكة المكرمة لخدمة المنطقة الغربية، ومدينة الملك فيصل الطبية لخدمة المناطق الجنوبية، ومدينة الأمير محمد بن عبد العزيز لخدمة المناطق الشمالية، ومدينة الملك خالد لخدمة المنطقة الشرقية. جدير بالذكر، أن تطور القطاع الصحي في المملكة، انطلق من رؤية ورسالة صحية سديدة واضحة المعالم تمثلت في توفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة الوقائية والعلاجية والتأهيلية والتعزيزية، بما يتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية وأخلاقيات المهن الصحية، وبما يحقق رضا المستفيدين من المراجعين والمرضى وأسرهم ومجتمعهم من الخدمات الصحية، وذلك من خلال رفع مستوى الوعي الصحي وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات الصحية كماً ونوعا على مختلف مناطق المملكة، إلى جانب اهتمام وزارة الصحة، بأوضاع منسوبيها والعناية بتدريبهم وتأهيلهم وتحفيزهم ورفع كفاءتهم بصفة مستمرة بما ينعكس إيجابا على مستوى ما يقدمونه من خدمات. وتم تنفيذ الأهداف الصحية للمملكة، وفق استراتيجية صحية مدروسة، تم التعامل معها على أساس أنها مشروع وطني للرعاية الصحية المتكاملة والشاملة، والذي يعد أحد أهم مرتكزات وأركان الخطة الصحية الاستراتيجية، التي اعتمدتها وزارة الصحة أخيراً، والتي اشتملت على مجموعة من البرامج والمبادرات الصحية، التي من بينها على سبيل المثال، برنامج الطب المنزلي، وبرنامج إدارة الأسرَّة، وبرنامج جراحة اليوم الواحد، وبرنامج علاقات المرضى، إضافة إلى برنامج الطبيب الزائر، الذي قام بسد احتياجات المناطق من التخصصات النادرة والدقيقة. كما تجدر الإشارة إلى أن الخدمات الصحية في المملكة، أصبحت اليوم محل تقدير وإشادة المتابعين والمهتمين بها، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل حتى على المستوى الدولي، حيث صنفت منظمة الصحة العالمية الخدمات الصحية للمملكة، في مصاف الدول المتقدمة من حيث المستوى المتطور، الذي وصلت إليه أنظمة الرعاية الطبية وأساليب الخدمات الصحية المعمول بها. وتحقيقاً لتطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وولي عهده الأمين والنائب الثاني – حفظهم الله – فقد سعت وزارة الصحة جاهدة إلى تحديث القطاع الصحي وتطويره، بالشكل الذي يحقق رضا الله سبحانه وتعالى ثم رضا المواطن السعودي الكريم، حيث جاء الاهتمام في المقام الأول، بالصحة العامة ومكافحة الأمراض، وتحقق تبعاً لذلك عدد من الإنجازات الصحية الطموحة في عهد خادم الحرمين الشريفين الميمون الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي من بينها على سبيل المثال، تشغيل سبعة مراكز للسكر، وتشغيل وإحلال (22) مركزًا لطب وجراحة الأسنان في مختلف مناطق المملكة. وتأتي الاستراتيجية الوطنية الصحية للسنوات العشر (2010-2020م)، تحت شعار (المريض أولاً)، بشكلها الحالي متسقة ومتناغمة تماماً مع استراتيجية الرعاية الصحية في المملكة، لكونها تركز بشكل كبير جداً على تحسين خدمات الرعاية الصحية المقدمة لمواطني المملكة، وتحقيق رؤية مستقبلية تتماشى مع ما يشهده قطاع الخدمات الصحية من تطور في العالم أجمع، ولاسيما أنها تأتي استجابة لمجموعة من التحديات الكبيرة، التي يواجهها قطاع الرعاية الصحية في مختلف دول العالم والتي من بينها المملكة، والتي من بينها على سبيل المثال، النمو الكبير والتقدم في مستوى وعي المتلقي للخدمة الصحية، إضافة إلى ارتفاع سقف توقعاته، المتمثل في تطلعه المتزايد إلى خدمات صحية يستطيع الوصول إليها بسهولة ووفق معايير جودة عالية، وبالذات في ظل نمو الوعي الصحي لدى أفراد المجتمع، وازدياد الطلب على خدمات الفحص الدوري ورصد عوامل الخطورة والاكتشاف المبكر للأمراض وإلى غير ذلك من التحديات. ومن هذا المنطلق بادرت وزارة الصحة من خلال الخطة الاستراتيجية الصحية الحالية، إلى الأخذ بالمناهج الحديثة في تقديم خدمات الرعاية الصحية، التي تستند إلى أن المريض هو مركز اهتمام النظام الصحي، وليس مجرد جزء منه، الأمر الذي يعني أن منظومة الخدمات الصحية تتمحور كلها حول تلبية احتياجات المواطن السعودي الصحية في الوقت المناسب وفي المكان المناسب، ابتداءً من الرعاية الصحية الأولية، وانتهاءً بالخدمات العلاجية المتخصصة، وبطريقة مهنية يضمن معها المريض حقوقه كافة، مثل حقه في معرفة طبيعة حالته، وحقه في معرفة خيارات العلاج المختلفة، وحقه في اختيار الطبيب المعالج، وحقه كذلك في أن تتم معاملته دائمًا بطريقة، تضمن كرامته، وتلبي تطلعاته وتحقق له توقعاته باهتمام تام وعناية كاملة. خلاصة القول، إن الخدمات الصحية في المملكة العربية السعودية، شهدت تطوراً ملحوظاً وتقدماً ملموساً خلال العقود القليلة الماضية من الزمن، حتى أن أصبحت اليوم تضاهي أفضل مستويات الخدمات الصحية، التي تقدم على مستوى دول العالم المتقدم. من بين أبرز الأسباب، التي أسهمت في تطور القطاع الصحي في المملكة، توجيهات القيادة السعودية، ثم الاهتمام الكبير الذي توليه وزارة الصحة لتطوير خدمات القطاع الصحي، والمتمثل في الرفع من مستوى وجودة أداء الخدمات الصحية، من خلال ضمان تقديم رعاية صحية بمستويات عالمية، وأيضاً من خلال رفع مستوى المهارات الفنية والطبية للعاملين في المجال الصحي والطبي، بما في ذلك استخدام أفضل الأجهزة الطبية الحديثة على مستوى العالم. ويتوقع للخدمات الصحية في المملكة، أن تشهد المزيد من التطور والتقدم خلال السنوات القليلة المقبلة، بما يتماشي مع النمو المطرد على الخدمات الصحية في السعودية، وبالذات في ظل الالتزام بتطبيق بنود الاستراتيجية الوطنية الصحية، والسعي الدءوب لتطوير الخدمات الإلكترونية الصحية واستقطاب الكوادر البشرية الوطنية المتميزة للعمل في المجال الصحي، والله من وراء القصد.
إنشرها