قوائم الكراهية

أفهم أن يحب المرء إنسانا لأن شخصا ما أثنى عليه، لكن أن يكره إنسانا آخر فقط لأن فلانا لا يحبه، هذه تحتاج إلى نظر. ذلك أن دوافع المحبة رحبة، وهي أصل من أصول التواصل الإنساني، أما الكراهية، فهي غالبا نتاج أزمة نفس سرعان ما تستشري كالنار في الهشيم لتصبح انسياق قطيع خلف هذا الهوى.
عندما بدأ هتلر مسيرته الشريرة، ارتكز على رهان "ما أريكم إلا ما أرى" فقرر أن كل الأعراق سيئة وغير نبيلة، والجنس الوحيد الذي يستحق أن يبقى هو العرق الآري. كان حصاد الشر قاصما للعالم. والفكرة بدأت بنوع من الكراهية التي استشرت كالطاعون. الصورة نفسها تتكرر على صعيد أضيق. وقد تتوارى الكراهية خلف قناع نكتة سامجة، أو تعبير ينطوي على انتقاص، أو استعلاء يضيق أفقه بكل ما عداه.
نحن بلا استثناء وقعنا ونقع ضمن الدائرة نفسها، ونمارس الورطة ذاتها. نصب كراهيتنا في آذان الآخرين، فيستقبلونها ويتبنونها وأحيانا يسهمون في تصديرها إلى آخرين. وسرعان ما يتوارى صاحب التأثير الأول، لكن يبقى الأثر الذي يدفع ثمنه فرد أو أسرة أو مجتمع بأكمله. كثير من تنميط الأحكام يعطينا في نهاية الأمر قالبا جاهزا. النكتة عندما يتم بناؤها تتجه في بريطانيا إلى الإيرلندي، وفي مجتمعاتنا هي تتجه إلى هذه المدينة أو تلك، وهي تتباين، فالنكتة في مصر تتجه إلى إقليم وهي في بلد ثان تتجه إلى إقليم آخر.
العقل الباطن يحيل أحكامنا على الأفراد والجماعات إلى سلوك وممارسة، حتى لو تم تسريب هذه المعلومة على هيئة نكتة، ففي الصورة الذهنية، عندما تريد أن تتصور هيئة الأحمق أو الغبي لن تتذكر سوى الشخص أو المجتمع الذي طالته هذه النكتة.
للتخلص من هذا الأثر، هناك حاجة للتدرب على أن نضع أنفسنا موضع الآخر ونطرح السؤال الأهم: ماذا لو كنت مكانه، كيف سأشعر؟ هذا السؤال سيكون المقدمة الأصوب لمراجعة قوائم الكراهية في داخلك، وإلغاء معظمها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي