أصول الأمانات.. والعدل بين الناس
إذا كانت هناك خطوة لتحقيق التوجه الذي نسعى له جميعا، دولة ومجتمعا، وهو تحقيق الشفافية والنزاهة وإرساء قواعد العدل بين الناس، فإننا إزاء خطوة يجب أن نبرزها وندعمها؛ لأن هذا واجب ديني ووطني يثير في الناس نوازع الخير والفضيلة.. فإضاءة شمعة خير من الجلوس ولعن الظلام!
هنا أشير إلى خطوة وزارة الشؤون البلدية والقروية في الإعلان الذي وضعته أمس في الصحف لدعوة الناس إلى الاستفادة من المواقع الاستثمارية في المدينة المنورة، فهذه الخطوة ليست جديدة بالطبع، فالبلديات تعلن عن المواقع البلدية، ولكن ما يهم هو الأسلوب الجديد لإخبار الناس بهذا الشكل المتعدد الوسائط.
في السابق لم نكن نرى هذا الأسلوب في دعوة المستثمرين، وكانت معلومات ممتلكات الدولة التي تحت قطاع أمانات المدن المعدة للانتفاع العام يتم تداولها في نطاق محدود.. لم تكن مغيبة أو محجوبة، بل لم يكن يسيرا الوصول إليها من كل الناس، حتى الذين لا يهمهم الاستثمار أو لا يفكرون فيه، هذا هو الجديد.
دعوة الناس، بالذات صغار المستثمرين مهمة جدا، وهذا ما لمسناه في إعلان أمانة المدينة المنورة، فهناك مساحات متاحة للتأجير للمشروعات الصغيرة، مثل (الأكشاك)، والاهتمام بالمشروعات الصغيرة نرجو أن يكون في قائمة اهتمامات الأمانات، على أن يحصر العمل فيها على السعوديين فقط، (ملاكا أو قوى عاملة) حتى نحارب التستر التجاري.
طرح الفرص الاستثمارية بهذه الطريقة يتجاوز تكريس مبدأ الشفافية والعدالة، بل هو خطوة لحماية الأصول من المتربصين بها، وأيضا مهمة لرفع إيرادات الأمانات من تأجير أصولها، فالمدن تحتاج إلى التوسع في تنمية الإيرادات، وطرح الأصول في المزاد العلني يؤدي إلى تعظيم عوائدها عندما تكون حسب قيمتها السوقية الحقيقية، وفي هذا عدل مع بيت المال ومع الناس.
والحرص على رفع الإيرادات ضرورة وطنية، إذ أننا نتطلع إلى دور حيوي وفاعل للمجالس البلدية التي تستعد لانتخاب أعضائها، فالمجالس (فرصة ذهبية) للدولة كي تشرك الناس في إدارة مدنهم. وأهم ما تحتاج إليه المجالس، أن يكون تحت تصرفها موارد مالية تمكنها من تنفيذ مشروعات في المدن يراها الناس .. حتى لو كانت مشروعات لترميم الأرصفة وإعادة تأهيلها. ونجاح المجالس البلدية مدخل عملي لتهيئة المجتمع للتعامل الجدي مع القضايا المحلية اليومية التي تؤثر في رضاهم الاجتماعي.