(تجارة التجزئة).. ضد السعوديين!
كسعودي شعرت بالخجل عندما أعلنت وزارة العمل أن أكثر من مليون شخص، أغلبهم من الشباب (ذكور وإناث) تقدموا إلى برنامج بدل البطالة ليحصلوا على (2000) ريال.
الشباب في هذه المرحلة العمرية الأساسية لاكتساب المعرفة والمهارات وبناء التجارب الضرورية تجاه الذات وتجاه المجتمع والأسرة، هل يرضون من غنيمة الثروة الوطنية الكبرى لبلادنا بهذين الألفين؟!
هل الخلل فيهم، أم في مجتمعهم، أم في برامج الدولة التي لم تعدهم لاكتساب مقومات الحياة الكريمة؟
مئات الآلاف من الشباب السعودي ينتظرون راتب البطالة .. ولدينا مليون مغترب مقيم من أقرانهم وفي أعمارهم ينخرطون في تجارة التجزئة بكل قدرة ومهارة، وهم في طريقهم ليكونوا طبقة التجار الذين سوف يقودون قطاع الأعمال في العقد القادم إذا استمرت معدلات إنتاجيتهم وتراكم الثروة كما هي الآن مستفيدين من طفرة الإنفاق الحكومي، وتعديل الرواتب والمميزات الحكومية، ورخص أسعار الطاقة وغياب الضرائب وتوسع ظاهرة التستر التجاري وهزالة اشتراطات الاستثمار الأجنبي.
الشباب بدأ يدرك أن تجارة التجزئة تعد مستودع الثراء والاستقرار والأمل لهم، ومع انحسار الفرص في الشركات الكبرى وعدم قدرة الأجهزة الحكومية على استيعاب القوى العاملة، الشباب الآن يرى أمامه فرص العمل في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لكن تحديات العمل في هذه المنشآت عديدة ولا يمكن للشباب مهما توافرت لديهم الإرادة ورأس المال أن ينجحوا فيها إذا لم تدعمهم أنظمة وقرارات حكومية حازمة وجادة وخلاقة.
عدم قدرة الشباب على اختراق تجارة التجزئة يعود للاحتكارات المنظمة التي تمارسها العمالة في هذا القطاع الواسع، فكل جنسية أحكمت حلقات السيطرة على أحد مجالات تجارة التجزئة عبر العمل الدؤوب المنظم والمتماشي مع الأنظمة (شكرا للتستر التجاري)، وإذا كان هذا الوضع مقبولا قبل عقدين من الزمن، فإنه الآن مصدر خطر على المجتمع والدولة.
هل نحن عاجزون عن وضع حل عملي موضوعي لتجارة التجزئة؟
هل نحن غير قادرين على وضع خطة عمل لسعودة العمل في هذا القطاع خلال عشر سنوات؟
الآن لدينا الاختبار الأول لقصر العمل في محال المستلزمات النسائية على النساء .. ونرجو أن تنجح الدولة ويدعمها المجتمع في هذا المشروع؟
بعده ما هو القطاع الآخر؟
هل نبادر إلى قطاع تجارة المحروقات، بالذات (محطات البنزين) عبر التوسع في إنشاء الشركات الكبيرة المتخصصة في تسويق منتجات الطاقة بحيث يقصر العمل فيها على السعوديين، وهناك ميزات وطنية عديدة لهذا التوجه، إنها الخطوة الأولى لتنظيم هذا القطاع وتعظيم قيمته المضافة للاقتصاد الوطني.
لدينا اقتصاد حيوي، ولدينا قوة شرائية، ولدينا مشاريع عملاقة منها ما هو تحت التنفيذ ومنها ما هو قادم .. ولدينا المستقبل الذي بيدنا الآن تشكيل ملامحه الإيجابية.
ولكن .. كيف يكون لدينا مئات الآلاف من الشباب ينتظرون راتب عاطل؟!
الإرادة المبدعة تستطيع أن تجمع نقيضين وتولد منهما فرصا للنجاح.