دولة تخرج من السجن!

■ في ليبيا اكتشفنا دولة كاملة خرجت من السجن بعد أن اختزلها العقيد في شخصه وأبنائه وعشيرته المقربين!
كيف يحدث أن تكون دولة في سجن منذ أربعة عقود؟ لقد كان خلف القضبان، التاريخ والجغرافيا والناس والدواب..
اكتشفنا المدن والقرى والأودية وكثبان الرمال، ولكن المهم هو اكتشاف أن في ليبيا شعبا عظيما، فيه رجالات الدولة، والأدباء والشعراء والروائيون والمناضلون الأحرار الذين قدّموا دماءهم وأرواحهم في سبيل تخليص بلادهم من سجن العقيد.
اكتشفنا أن الأربعين سنة الماضية لم تغير في الشعب العظيم، صغاره قبل كباره، دينه أو أخلاقه وعقيدته وروحه رغم دروس الكتاب الأخضر وتجييش الفرق المتخصصة في غسيل الدماغ وإرهاب أجهزة الدولة البوليسية القائمة على المرتزقة من كل مكان.
في المشهد العسكري، وهو المهم، اكتشفنا قادة ميدانيين كبارا من أمثال عبد الفتاح يونس ـ رحمه الله، وغيره من القادة الذين أشرفوا على القتال في الجبهات المختلفة.
وفي المشهد السياسي.. وجدنا رجالا من نوعية مصطفى عبد الجليل، سياسي يحمل في خطابه روح المواطن الليبي الخائف على بلده، يتكلم بهدوء، يفكر أولا لأن هذه هي متطلبات المرحلة الأهم، مرحلة التسامي على الجراح والذات، ظل يدعو إلى التزام تعاليم الإسلام وأخلاقه في الحرب والسلم، كذلك شاهدنا في الأيام الماضية الدكتور محمود جبريل كيف يتحدث ويتحاور بكلمات وسمت رجل الدولة في العواصم العالمية.. إنه مشهد جديد!
مشهد مفرح ومتفائل، مفرح لكل عربي، فقد ظللنا في السنوات الماضية نتجرع المرارة بصمت ونحن نرى كيف يضحك العالم على القذافي، فقد كان الممثل الممتاز في المحافل الدولية، كان بطل مسرح العرائس بأزيائه الصارخة ونياشينه وحركاته المضحكة!
كنا نقول داخل أنفسنا: هل هذا ما ورثته ليبيا من تاريخ النضال الشريف الذي قاده عمر المختار؟!
إن ليبيا تستحق أكثر.. وما تستحقه حصلت عليه بدماء الشهداء، إنها دولة تخرج من سجن!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي