النظام السوري المقاوم يحقق انتصارات

عدد شاذ من المثقفين والإعلاميين الذين كنا نظن بهم خيرا انحازوا مع النظام السوري ضد شعبه؛ بحجة أنه نظام مقاوم، أو ممانع - كما يحلو لهم أن يصفوه - وقد ثبت فعلا أنه نظام مقاوم، وممانع، فقد حقق انتصارات كثيرة:
منها: أنه قتل آلاف الشعب السوري.
ومنها: أنه اعتقل عشرات الآلاف من الشعب السوري.
ومنها: أنه حقق غنائم من محال وبيوت الشعب السوري، حتى نهبت محال تجارية بالكامل.
إذن، هو قتل وأسر وغنم، كما تفعل الجيوش المنتصرة، وبهذه الانتصارات يكون النظام قد حاز وسام المقاومة والممانعة بامتياز، وكلها انتصار ومقاومة وممانعة...ضد الشعب! يا للسخرية..!
ولم تحظ دولة في التاريخ المعاصر وغيره بما حظي به النظام السوري من الفتك والتقتيل والاعتقال والتنكيل، حيث استخدم ضد شعبه كل الألوان البشعة لمقاومة شعبه المندس بين البيوت والمساجد والأزقة، وقد أزيح الغبار المتراكم من ظهور الدبابات والطائرات الحربية، كما تزحزحت البوارج البحرية من أماكنها لقصف البيوت السورية على شاطئ اللاذقية وغيرها..!
ثم ضباط الجيش وأمن الشبيحة ''المقاومون'' بلغوا حدا لا يوصف في الفتك بالناس والتمثيل والتنكيل بهم بوحشية، بل تطاولوا على الذات الإلهية ليحملوا الناس على الشرك بالله عبر كلمات يقف منها شعر الرأس، ومن يشاهد صور ذلك عبر الفضائيات واليوتيوب ينتابه شك من طبيعة هؤلاء الذين انتزعت الرحمة من قلوبهم، هل هم بشر، أم مخلوقات شيطانية في صورة بشر..؟ ولا أشك أبدا أن الجينات التي تحملها هذه المخلوقات هي نفس الجينات التي يحملها القذافي وأزلامه، ويبدو أنهم رضعوا من لبان واحد، فهم إخوة من الرضاع، ويثبت من الرضاع ما يثبت من النسب.
لقد كان للممارسات الوحشية التي يقودها النظام السوري آثار مروعة لأبناء الشعب السوري، ومن رحمة الله تعالى بعباده أن المنح قد تولد من رحم المحن، حيث نشأ من هذه الأعمال الوحشية شيء لم يكن يخطر ببال أحد من السوريين، إنه شيء عزيز المنال، وهو توحد السوريين، وتقوية اللحمة بينهم، وتقوية صلتهم بالله، والتي أضعفها النظام خلال أكثر من أربعة عقود، وسعى لوضع حواجز أمنية، تضعف النسيج الاجتماعي والديني، وتصيبه بالوهن.
فالنظام السوري بأسلوبه القمعي، وبجهازه الإداري المترهل بالفساد، قد أوجد بيئة ملوثة، تنتعش فيها الجراثيم والطفيليات، وتخبو فيها الكائنات الصحية، حتى قل التدين، وكثرت الرشاوى، وخصوصا في المقار الحكومية وفي المطارات وعلى الحدود، بل وكثرت القطيعة والخلافات حتى بين الأقارب، كما حدثني غير واحد من إخواننا السوريين، وفي ظل هذه الممارسات الوحشية والقمع الأمني توحد الشعب، فاختفت وتلاشت كل مظاهر الوهن، فعادت الصلة بين الناس، وبلغت أوجها، وتركوا خلافاتهم جانبا، وقويت الصلة بالله، واهتم الناس بالصلاة في المساجد، وخصوصا الفجر، ورفعت الشعارات واللافتات التي تعبر عن قوة العلاقة بالله تعالى، وكأن هذا الشعب بشهور القمع التي يمر بها الآن يتلقى دورة تصفية مما علق به خلال عشرات السنين الماضية، ويمر بفترة تمحيص لرواسب تكلست منذ أربعة عقود (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ..) ومن زار سورية، وجلس مع الشعب السوري الأصيل، عرف أن الخير مغروس فيهم، وفي فطرهم، وأن الصورة التي رسمها بعض السوريين الذين يستهدفون السياح، ويلاحقونهم لينتزعوا أكبر قدر ممكن من المال، ما هي إلا صورة مشوهة كان يقودها من يمثل دور الشبيحة الآن، ممن ينتزعون الأرواح، ويسحقون الشعب.
إن الشعب السوري سيخرج من هذه الأزمة منتصرا، وموحدا، وستعود اللحمة التي قطع أوصالها النظام وشبيحته، وسيعود التدين إلى سابق عهده، كما عاد في مصر وتونس، فالطغاة يفنون، ويبقى الشعب، ويبقى التدين محفورا في نفوس الناس؛ لأنهم فطروا على الخير، و(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه) أي: يجعلانه يدين بدين المجوس أو الفرس، والشعب السوري كان النظام السوري وزبانيته يمجسانه فترة من الزمن، بتقاربه السياسي والطائفي مع النظام الإيراني، وما إن انتفض الشعب السوري حتى أعلن رفضه لسياسة التمجيس هذه، ورفعوا الشعارات الرافضة لإيران وحزب الله وسياساتهما المعادية للشعب السوري..
ولن تعود سورية في حضن إيران وحزب الله، بل ستعود إلى حضن الشعب بكافة فئاته، ستعود إلى حضنها الطبيعي، وسيخسر كل من يراهن على النظام السوري، ويبقى من يراهن على الشعب، وها هو نظام القذافي يتداعى أمام شعبه، ويختبئ في جحره، وسيتداعى نظام الأسد قريبا أمام شعبه - بإذن الله تعالى..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي