«الأسعار القياسية» تعلق نشاط مصانع ذهب في السعودية
كشف لـ "الاقتصادية" متعاملون وتجار سعوديون أن مصانع ذهب صغيرة في عدد من مناطق المملكة علقت نشاطها فيما انسحب بعضها، إثر الارتفاعات المتلاحقة التي شهدتها أسعار المعدن الأصفر خلال الفترة الماضية، بلغت به في البورصات العالمية مستوى تجاوز 1800 دولار للأوقية "الأونصة"، وهي زيادة تفوق 30 في المائة عن سعره في بداية العام الجاري، والذي صاحبه ركود وعزوف من قبل المستهلكين المحليين عن الشراء والتداول، ما تسبب في إلحاق خسائر كبيرة في تلك المصانع.
وأضافوا: "كما أن التوقعات التي تشير إلى أن الذهب سيستمر في تسجيل أرقامه القياسية بفعل الاضطرابات الاقتصادية المتفاعلة في أمريكا وأوروبا أثرت هي الأخرى في حجم الشراء، وعلى طموح المصانع الصغيرة في الاستمرار، بالنظر إلى عدم قدرتها على مواجهة وتحمل الخسائر، بخلاف المصانع الكبيرة التي ما زالت تمارس نشاطها على الرغم من تضررها من ارتفاعات الأسعار وإحجام المشترين، حيث قدر التجار انخفاض مبيعات تلك المصانع الكبرى بنسبة 40 في المائة عن الأعوام الماضية، بسبب ذلك الركود.
وأشار تجار ذهب تحدثوا لـ "الاقتصادية" إلى أن معظم المصانع التي علقت نشاطاتها هي من فئة صغيرة الحجم وتتبع لعمالة أجنبية يعملون بنظام التستر في أكثر من مدينة في المملكة، مرجحين أن يكون لاستمرار هذه الأزمة عامل ضغط أكبر قد يدفع ببقية المصانع من المستوى نفسه إلى الانسحاب من السوق أو تحويل النشاط.
ولفت التجار إلى أن سوق الذهب تغيرت حالها أخيراً، حيث أضحت تستقبل من النساء كميات كبيرة من الذهب بغرض البيع بدلاً من الشراء، وذلك للاستفادة من الارتفاعات الكبيرة التي يشهدها الذهب خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب أن عددا كبيرا منهن أصبحن يرغبن في شراء القطع الصغيرة ذات الأحجام المتدنية السعر.
وهنا أكد عبد الغني المحمد علي صاحب مصنع ذهب في المنطقة الشرقية أن عددا كبيرا من مصانع الذهب الصغيرة في المنطقة الشرقية اندثرت خلال الفترة الأخيرة وفضل مستثمروها الانسحاب من السوق بعد الخسائر التي تعرضوا لها جراء شلل حركة البيع نتيجة ارتفاع الأسعار، مبيناً أن ضرر الأزمة طال أيضاً المصانع الكبيرة التي لا تزال تقاوم.
واعتبر عبد الغني أن الذهب أصبح حالياً للطبقة الثرية نظراً لسعره الباهظ، مشيراً إلى اتجاه عدد كبير من الزبائن لشراء الأكسسوارات التي تعد أقل سعر وتفي بالغرض في هذه الظروف.
وقال عبد الغني: "الذهب لا يشتريه أحد في الوقت الحالي إلا للزواج، أو من كان في الطبقة الغنية، وهذا تسبب في شلل الحركة على محال الذهب، وأنا الآن أبيع بما يعادل 10 في المائة من مبيعاتي التي كانت تتم خلال الأعوام الماضية".
من جانبه، أفاد سرور الحربي تاجر مجوهرات بأن مبيعات المحال تأثرت سلباً خلال الفترة الماضية بسبب ارتفاع الأسعار وعدم وجود رغبة في الشراء من قبل المجتمع بالرغبة السابقة نفسها، مبيناً أن ذلك أثر في حجم طلبات المحال من المصانع وقلصها بشكل كبير.
وأضاف الحربي أن معظم الطلبات تتركز على الذهب ذي الأحجام والمشغولات البسيطة، وبالأخص من عيار 18، وأن الزبائن هم من المضطرين الذين لديهم مناسبات زواج وخلافه، متفقاً مع ما ذكره عبد الغني من تأثير تلك الحالة في مصانع الذهب خصوصاً الصغيرة منها التي أقفل عدد كبير منها أخيراً، لكنه رجح عودة بعضها في حال انخفاض أسعار المعدن الأصفر لاحقاً.
وقال الحربي: "أعداد الزبائن في تناقص مستمر، كما أن معظمهم من الذين يرغبون في بيع ما لديهم من ذهب للاستفادة من الأسعار".
عبد الرسول موسى تاجر مجوهرات في المنطقة الشرقية أضاف قائلاً: "حتى المصانع الكبيرة انخفضت مبيعاتها بنسبة 40 في المائة، أما بالنسبة للمحال فمبيعاتنا حالياً تمثل 10 في المائة من حجم مبيعات السنة الماضية، ومن ثم هناك ركود كبير يعم السوق".
أيمن حبش تاجر مجوهرات في الرياض، أشار إلى أن بعض الزبائن دفعهم ارتفاع أسعار الذهب إلى الشراء بشكل كبير من الذهب، وذلك نظراً للتوقعات التي تشير إلى إمكانية ارتفاعه بشكل أكبر مستقبلاً، والاستفادة من فروقات الأسعار خصوصاً في السبائك لمن أراد البيع لاحقا، مبيناً أن عددا آخر من المشترين يرغب في حفظ ماله عن طريق الذهب.
وحول تعليق مصانع ذهب نشاطها أخيراً، اعتبر حبش أن ذلك تم بناء على ضعف الإنتاج، الذي جاء تبعاً لقلة الطلب خصوصاً المصانع التي تنتج الذهب المحول، مشيراً إلى أن الفترة الماضية كانت قاسية على المستثمرين في هذا المجال، وفضل عدد كبير منهم الانسحاب من السوق.
ولفت حبش إلى أن المشترين الآن أصبحوا يحرصون بشكل مستمر على متابعة أسعار الذهب في البورصة العالمية والأخبار المتعلقة به، إلى جانب سؤال تجار الذهب عن مستقبل المعدن الأصفر خلال الفترة المقبلة وأفضل وقت للشراء والبيع، معتبراً أن الفترة الحالية يصعب التوقع فيها بالنظر إلى وجود عدد من العوامل العالمية المؤثرة في الأسعار.
وأفاد تاجر المجوهرات بأن عددا من زبائن محاله من المقدمين على الزواج أكدوا له رغبتهم في تأجيل زواجهم لحين عودة الأسعار إلى سابق عهدها، مشيراً إلى أنهم أوضحوا له أن هذه الأسعار مكلفة بشكل كبير، ولا يستطيع الإنسان البسيط الشراء من خلالها.