رسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، البارحة الأولى، في جمعة تاريخية الحدث الإسلامي الأبرز من خلال تدشينه لأكبر توسعة للحرم المكي الشريف منذ فجر التاريخ الإسلامي، حيث شاهد المسلمون في جميع أنحاء العالم مراحل بدء هذه المشاريع والتي ستدخل العاصمة المقدسة في مصاف المدن المتطورة لتصبح منارة عالمية ومدينة عصرية ذكية، وهذه التوسعة التاريخية لبيت الله الحرام تليق بجموع المسلمين الذين يتوجهون إليه خمس مرات كل يوم وليلة، وتليق بأطهر بقعة على وجه الأرض، وتتوافق مع رؤية خادم الحرمين الشريفين لتطوير أطهر البقاع لراحة ضيوف الرحمن.
ويعمل قرابة عشرة آلاف عامل على تنفيذ أعمال التوسعة، حيث يتوقع أن تسلم الشركة المنفذة للمشروع أعمالها منتصف العام المقبل، حيث تعمل الشركة على مدار الساعة لتكتمل مراحل المشروع.
وهذه التوسعة ليست الأولى في عهد خادم الحرمين الشريفين فقد سبقتها مشاريع عديدة، وخدمات جليلة لزوار المشاعر المقدسة، من أبرزها توسعة المسعى، ورفع طاقته الاستيعابية من 44 ألف ساع، لتصل إلى أكثر من 118 ألف ساع في الساعة.
#2#
وكذلك تطوير سقيا ماء زمزم لتصل إلى الحجاج والمعتمرين والزائرين في عبوات صحية، وبطريقة ميسرة، إضافة إلى وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين الذي يعد من أضخم المشاريع الاستثمارية التي يعود ريعها لصالح المسجد الحرام، والمسجد النبوي، وهو ما يشكل مصدرا دائما لتمويل المصروفات التشغيلية والخدمية للحرمين الشريفين حاضرا ومستقبلا وستضيف التوسعة الشمالية للحرم 1.2 مليون مصل في نهاية مشروعها العملاق.
ولقد أسس خادم الحرمين الشريفين بهذا المشروع التاريخي، الذي يعد الأضخم في تاريخ البيت العتيق وعلامة بارزة في تاريخ عمارة المسجد الحرام، نقلة معمارية فريدة وهو حدث يأتي في مكانه وفي توقيته مرتبطا بأهمية المنجزات الكبيرة التي تحققت للمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة ومدى حرص القيادة الرشيدة على تقديم كل التسهيلات للحجاج والمعتمرين للأماكن المقدسة.
وجعل خدمة هؤلاء واجبة من منطلق الدور الإسلامي والروحي والأخلاقي الذي تقوم به المملكة ومن موقع مسؤوليتها التاريخية هو دور متصل بعظمة وقيمة ما تقدمه المملكة عبر مشروع تطويري وتحديثي وعلمي وفني في قفزة حضارية كبيرة للمشاعر المقدسة.
وهنا يشير مراقبون ومهتمون بعمارة المسجد الحرام إلى أن هذه التوسعة جاءت لتلبي كل الاحتياجات ودون أن تحدث أية اختناقات ومن أجل البحث عن سبل وطرق تحقق المنظومة الشاملة والمتكاملة من مشروع التطوير والتوسعة الجديدة روعي فيها أدق معايير الاستدامة من خلال توفير الطاقة والمواد الطبيعية وأحدث التجهيزات والخدمات الأساسية وأنظمة المراقبة الأمنية تمثل الأكبر والأوسع في تاريخ توسعة المسجد الحرام، وبيَّن المراقبون أن التوسعة حدث عظيم لا بد من الوقوف عنده لنرى ما يبذله ويقدمه ملوك هذه البلاد، ابتداءً من الملك المؤسس - طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته - المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن وأبنائه البررة - رحمهم الله - الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد - جزاهم الله خيرا على كل ما بذلوه من أجل خدمة الإسلام والمسلمين - وها نحن نشهد في عهد ملك المنجزات وضع حجر الأساس لأكبر توسعة في التاريخ للمسجد الحرام، إنه عصر وزمن النهضة الشاملة.
#3#
ويقول الدكتور أسامة البار، أمين العاصمة المقدسة والمشرف العام على لجنة تطوير الساحات الشمالية للحرم، مشروع توسعة المسجد الحرام من أكبر المشاريع المنفذة حاليا، حيث تم إنجاز مساحة التوسعة الأساسية، واللجنة التحضيرية التي أرأسها مسؤولة عن إعداد المشروع والإزالات والخدمات، والخدمات البديلة.
ونحن انتهينا من التوسعة داخل المنطقة المركزية وتبقت محطة الخدمات المركزية في المسجد الحرام بعد التوسعة في منطقة البيبان والأنفاق، وهذا المشروع سيكون نقلة نوعية في المنطقة المركزية.
ووصف البار مراحل المشروع، حيث أكد أن هناك ثلاث مراحل للمشروع؛ المرحلة الأولى عدد عقاراتها المزالة البالغة 1003 عقارات، ومرحلة الـ100 متر الملاصقة للساحات وعدد عقاراتها المزالة 531 عقارا، محطة الخدمات المركزية في البيبان وعدد عقاراتها 235 عقارا، مداخل أنفاق المشاة وعددها 531 عقارا.
فيما نطاق المشروع يشتمل على توسعة الساحات الشمالية للحرم المكي الشريف من شارع المسجد الحرام الغزة شرقا إلى شارع جبل الكعبة غربا وبعمق 660 مترا من الكعبة المشرفة وهي عبارة عن مرحلتين (الأولى والـ100 متر الملاصقة لها).
وأنفاق المشاة هي النفق الشرقي، من الساحات الشمالية للحرم المكي الشريف باتجاه الحجات (جبل دفان) بطول 1200 متر تقريبا.
والنفق الغربي، يبدأ من الساحات الشمالية للحرم المكي الشريف باتجاه جرول مرورا بدحلة حرب بطول ألف متر تقريبا.
ونفق الطوارئ، يبدأ من شارع جبل الكعبة (القبة) غربا باتجاه الشرق بطول 700 متر تقريبا يتقاطع مع النفقين الشرقي والغربي.
وتم تسليم المقاول مواقع المشروع أولا بأول بعد إنهاء إجراءاتها لتنفيذ أعمال الإنشاءات الخاصة بتوسعة خادم الحرمين الشريفين، كما تم إنهاء صرف تعويضات المواطنين من ملاك وناظري الأوقاف بنسبة كبيرة، وجار استكمال صرف مستحقات المتبقي بعد استكمال متطلبات الصرف من الجهات ذات العلاقة.
#4#
وبيَّن البار أن المشروع في طاقته الاستيعابية يمثل ثلثي الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام، وقال عبد الرحمن عبد القادر فقيه، رئيس مجلس إدارتي شركة مكة للإنشاء والتعمير وشركة جبل عمر للتطوير، إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد أضاف صفحات مشرقة إلى تاريخ مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بوضعه - حفظه الله - حجر الأساس لأكبر توسعة في التاريخ يشهدها المسجد الحرام وتدشينه لسلسلة من المشاريع التي خطط لها ودعمها بمتابعته وتذليل الصعاب كافة التي اعترضتها حتى أصبحت واقعا ملموسا ومشاهدا وإضافة متميزة للخدمات التي تقدمها بلادنا لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين الذين تشهد أعدادهم زيادة مضطردة على مدار العام، ومن ذلك توسعة المسعى وإنشاء جسر الجمرات وتسيير قطار المشاعر وبناء وقف الملك عبد العزيز الذي خطط له الملك المفدى ليكون داعما للحرم المكي ولمشاريعه وتشغيله، وهي نظرة اقتصادية مستقبلية، وفّق الله - سبحانه وتعالى - خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للتفكير فيها وتبنيها وتنفيذها، وقال فقيه: إن مكة المكرمة شهدت وستشهد - إن شاء الله - مشاريع تطويرية عديدة ستعمل من دون شك على أن تكون قبلة المسلمين مدينة فريدة في قدسيتها وعمرانها وخدماتها بدعم خادم الحرمين الشريفين، ومتابعة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، الذي يعمل ليل نهار في إطار علمي استراتيجي على تنفيذ التوجيهات السامية الكريمة لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وبذل كل ما هو متاح من أجل راحة الحجاج والمعتمرين.
ودعا فقيه شركات التطوير العمراني الوطنية إلى المساهمة الفاعلة في تنفيذ خطط الدولة الرامية إلى تطوير مكة المكرمة وأحيائها وخدماتها.
#5#
وقال يوسف بن عوض الأحمدي، رئيس مجلس إدارة شركة الأفكار السعودية للتنمية وعضو لجنة تقدير الساحات الشمالية للحرم: إن الشعوب الإسلامية تنظر بعين الاحترام والإجلال للتوسعة التاريخية للحرم؛ لما لها من دور في تيسير أمورهم لأداء مناسكهم، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يدخل المسجد الحرام مرحلة تاريخية جديدة من البناء والتوسع، ولقد وضع الملك عبد الله خدمة الحرمين الشريفين في أولويات اهتماماته وحرص على متابعة شؤون الحرمين متابعة شخصية وما وضع حجر الأساس لأكبر توسعة للحرم المكي إلا دليل واضح على أن المملكة كانت ولا تزال تضع خدمة الحرمين في المقدمة بهدف تسهيل مهمة المعتمرين والحجاج والزوار.
وبيّن الأحمدي أن التوسعة تتسم بالدقة العالية واعتمادها أسلوبا راقيا، وفق أحدث وأرقى النظم الكهربائية والميكانيكية لمباني التوسعة والساحات المحيطة بها والجسور المعدة لتفريغ الحشود ترتبط بمصاطب متدرجة، وتساند هذه التوسعة الجديدة أعلى المستويات من التقنية للأنظمة الحديثة في مختلف المجالات، وعلى وجه الخصوص في الإضاءة والتكييف وتنقية النفايات والتخلص منها، وأنظمة الرقابة الأمنية، ونوافير شرب الماء، وسيتم في هذه التوسعة تظليل الساحات الشمالية وربطها بالتوسعة الأولى والمسعى من خلال جسور متعددة.
وكان المسجد الحرام قد شهد على مر العصور العديد من التوسعات ومساحة المسجد الحرام في ازدياد مستمر على مر العصور ليتمكن من استيعاب الزيادة المطردة في أعداد الحجاج والمعتمرين، وكان أول من وضع حدود للمسجد الحرام، ثم قام بعدها بشراء بعض البيوت المجاورة ليضم مساحتها إلى المسجد هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وتوالت بعد ذلك التوسعات حتى التوسعة التي تمت في العهد السعودي، وأخيرا التوسعة الكبرى التي تمت في عهد الملك عبد الله، حيث ضاعفت مساحة المسجد الحرام أضعافا مضاعفة.





