فليرمها بحجارة!
كانت امرأة قد أخطأت، وتجمع الناس يريدون رجمها بالحجارة، فأطلق السيد المسيح مقولته الشهيرة: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر". ومن منا بلا خطيئة. و"كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، كما جاء في الحديث الشريف لسيدنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
أقول هذا بمناسبة القضية التي تتردد هذه الأيام والخاصة بالسجينات المحكوم عليهن في جرائم الشرف. فبعد أن تقضي السجينة فترة العقوبة من الطبيعي أن تغادر السجن، ولكن إلى أين؟ إن أسرة هذه السجينة التي أخطأت ترفض استقبالها. ولا يوجد قانون يلزم الأسرة بتسلم ابنتها. وحتى عندما تتسلم الأسرة ابنتها فإما أن تقتلها أو تعذبها، فتضطر الفتاة نتيجة التعذيب إلى الهرب إلى الشارع. وقد تعود للسجن مرة أخرى. هذه قضية شائكة. أعرف وقعها على الأسرة، لكن ليس من المعقول أن تظل هذه القضية بلا حل. فإذا كانت الأسرة قد أغلقت الباب في وجه هذه المخطئة المسكينة، وأقول المسكينة، لأنه لا أحد يخطئ حبا في الخطأ، ولكن لا بد من أسباب قهرية دفعت هذه المسكينة، لارتكاب الخطيئة، وبالضرورة هي أسباب اجتماعية.
إنني لا أبرر هذه الخطيئة، ولكن هذه المسكينة لا بد لها من حل، وأن يكون الحل اجتماعيا. ولذلك أقترح إنشاء جمعية نسائية تعنى بشؤون هؤلاء السجينات اللواتي قضين مدة عقوبتهن وخرجن للمجتمع، الذي يجب ألا يرفضهن، على أن تقوم الجمعية بإيوائهن، وتوفير الفرصة للتوبة والإصلاح والعودة من جديد للاندماج في المجتمع. ولن يتحقق ذلك إلا بعلاجهن نفسياً وتوفير فرصة للدراسة لمن تريد، أو تعليمهن مهناً يمكن أن تكون طريقاً للتعامل مع المجتمع. إننا أمام قضية إنسانية قاسية. ونحن مجتمع مسلم يعرف التوبة ويعرف الرحمة. وإذا كانت الأيام قد قست على هؤلاء المسكينات، فليس من المعقول أن نتركهن للقتل أو التعذيب، وأن نسد أمامهن كل الأبواب، فلا يكون أمامهن إلا الخطيئة والعودة إلى السجن من حديد. إننا لا نريد أن نضعهن داخل دائرة مغلقة، تبدأ بالسجن وتنتهي بالسجن أيضاً. إن قيام مثل هذه الجمعية التي أقترحها يمكن أن يمولها رجال المال والأعمال، والمملكة مليئة بهم ومعظمهم يقوم بأعمال خيرية اجتماعية كثيرة. وهذه القضية تحتاج إلى كرم هؤلاء الرجال، لفتح باب الأمل أمام هؤلاء المسكينات اللاتي ضاقت بهن الدنيا، ولم يجدن الرحمة في قلوب ذويهن. فليس أقل من أن يجدن قلوباً رحيمة في المجتمع تحنو عليهن. و"من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" كما جاء في الحديث الشريف. وهذه كربة ما بعدها كربة. إن الله - سبحانه وتعالى - يفتح باب التوبة. ما دام الإنسان مقبلا على التوبة. فلا تغلقوا الباب أمام هؤلاء السجينات، يرحمكم الله.