راحة يد تتسع لعالم!

من الكتب التي ظلمها عنوانها بلا شكّ، وإن كان العنوان دافعاً ومحرضاً للانطلاق في القراءة. قصص بحجم راحة اليدّ هي مجموعة قصصية للكاتب الياباني ياسوناري كاواباتا، لماذا قرأتها؟ لأنني وجدت في الأدب الياباني سحراً لا يقاوم.
ولأن قصصاً بهذا الحجم سريعة الالتهام، خصوصاً إذا كنتم تمرون بالحالة المعاكسة لاحتباس الكتابة ألا وهي: احتباس القراءة.
يقول النقاد عن الكتاب بأنه مجموعة من النصوص "التجريبية" التي كتبها الحائز على نوبل في الآداب، لم تكن القصص كلها بالقوة التي تبحث عنها لدى مؤلف "نوبلي" لكن لكل منها روعته الخاصة. كاواباتا يجلسك أمام شاشة عرض ملونة وضخمة، وينقل تفاصيل الحياة اليابانية ببساطتها وتعقيدها.
يضع كل ذلك في كفيك، العادات اليومية والسياسة والمجتمع. وعلى الرغم من أنّ بعض القصص كُتبت في مطلع القرن العشرين إلا أنها لفرط إنسانيتها تسقط كرداء حريري فاخر على كل مكان وزمان!
سواء كان القارئ قارئاً عادياً أو متمرساً سيجد في الاطلاع على كتاب كاواباتا "التجريبي" متعة كبيرة. هناك من سيقرأ ظاهر النصّ ويكتفي به، وهناك من سيبحث وراء الرموز ويستغرقه الأمر ساعات وصفحات ليكتب عن ما يعثر عليه من أسرار بين السطور.
لا يمكنني تجاهل حقيقة أن كاواباتا وظف الواقعية السحرية - اتجاه الأدب المفضل لديّ - في القصص التي كتبها، هناك شيء يذكرنا بالأحلام المقتطعة وحكايات الجدات. أيضاً إذا حاول القارئ تصوير ما يقرأه فإنّ سلسلة من مشاهد الكرتون الياباني التي كبرنا ونحنُ نشاهدها ستظهر أمامه.
وصف الطبيعة من جبال وينابيع وأشجار وأزهار كثيف ينقل الإحساس العام بالمكان، ثمّ يوجهنا للشخصيات المتحاورة والمواضيع التي يتحدثون فيها ويعيشونها.
هذه المواضيع هي سمة الكتاب العامة، ياسوناري كاواباتا يتحدث عن الموت والحياة والذاكرة والجنس البشريّ كله.
يحتوي الكتاب على سبعين قصة قصيرة، كُتبت ما بين عام ١٩٢٠م و١٩٧٢م، أي على مدى 50 عاماً تقريباً مرّ فيها الكاتب بالكثير.
ولأنني لم أقرأ لكاواباتا سوى كتابه هذا وثلاثة كتب أخرى، لا أستطيع الجزم بأنّ كل ما لديه من أفكار وتجارب يظهر في قصصه القصيرة. هناك متطلبات للنصّ تحدّ من التوسع.
الخلاصة تكمن في كون هذه القصص ضربات ملونة على لوحة كاوباتا الكبيرة التي تنتظر اكتشاف القارئ لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي