الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 14 ديسمبر 2025 | 23 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.5
(-0.58%) -0.05
مجموعة تداول السعودية القابضة153.7
(-3.88%) -6.20
الشركة التعاونية للتأمين121.9
(-0.89%) -1.10
شركة الخدمات التجارية العربية126.8
(-0.39%) -0.50
شركة دراية المالية5.35
(0.19%) 0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب32.2
(-4.73%) -1.60
البنك العربي الوطني21.8
(-3.54%) -0.80
شركة موبي الصناعية11.3
(3.67%) 0.40
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.82
(-5.75%) -1.88
شركة إتحاد مصانع الأسلاك20.91
(-3.46%) -0.75
بنك البلاد25
(-3.47%) -0.90
شركة أملاك العالمية للتمويل11.29
(-0.27%) -0.03
شركة المنجم للأغذية53.15
(-1.21%) -0.65
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.86
(1.37%) 0.16
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54
(-1.19%) -0.65
شركة سابك للمغذيات الزراعية115
(-0.95%) -1.10
شركة الحمادي القابضة28.46
(-1.11%) -0.32
شركة الوطنية للتأمين13.3
(1.92%) 0.25
أرامكو السعودية23.89
(-0.04%) -0.01
شركة الأميانت العربية السعودية16.65
(-2.80%) -0.48
البنك الأهلي السعودي37.58
(-1.78%) -0.68
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات29.34
(-1.41%) -0.42

كانت لعبة السوق تعتمد في الماضي على قاعدة سمكية مفادها ''الكبير يأكل الصغير''، لكنها لم تعد كذلك اليوم، إذ تحولت إلى قاعدة ''السريع يأكل البطيء'' مهما كان حجمه. وهذا يقودنا إلى أنه مع حداثة الانتقال إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية في معظم حكومات العالم من حولنا؛ فإن مسؤولية هذا العمل لا يمكن أن تُلقى على عاتق جهاز حكومي أو مؤسسة إدارية واحدة، بل هو جهد مشترك بين جميع أجهزة ووزارات الدولة، وذلك من أجل ضمان التعاون السريع للجميع، وبحيث يأخذ السريع بيد البطيء نحو سوق خدمي إلكتروني لا يأكل فيه أحد أحداً، وإنما يتنافس الجميع لخدمة المستفيد النهائي لتقديم خدمة إلكترونية أيسر وأسهل.

وبالنظر إلى حقيقة تكوين أية خدمة حكومية من عدد مصغَّر من الإجراءات والتي تستدعي تعبئة نماذج وتواقيع وأختام وإرفاق إثباتات وبيانات شخصية، إضافة إلى دفع رسوم الخدمة؛ فإنه قد يكون من غير المنطقي نقل الخدمة الحكومية المتعامل بها يدوياً إلى الوسط الإلكتروني مباشرةً من دون إجراء تعديلات عليها بما يتلاءم والبيئة الجديدة التي ستعيش وستتفاعل فيها من خلال إعادة هندسة الإجراءات والخدمات بشكل يرفع الأداء والكفاءة ويقلل التكلفة في إنجاز العمل وتقديم الخدمات.

وتبقى إعادة الهيكلة الوجه الآخر لإعادة هندسة الإجراءات بأخذ متطلبات العمل في هذه البيئة الإلكترونية في الاعتبار، والمبادرة إلى إعادة هيكلة إدارات الحكومة بحيث تبدو أصغر حجماً وأسرع استجابة وأكثر فاعلية، وبما يدعم خطط التعاملات الإلكترونية الحكومية بأهداف ذكية SMART GOALS تتم مراجعتها وتنقيحها والإضافة إليها والطرح منها وصولاً إلى خطة نهائية يكون ما تحتويه هو وحده الذي يتم تنفيذه، وما يقع خارجها لا يتم هدر الوقت والجهد والكوادر فيه، لأنه ببساطة لو كان مهماً لتم إدراجه في الخطة من البداية، ثم (للتراخي) إذا عنَّ للقائمين على التخطيط إدخال بنود جديدة بعد ذلك؛ فإن عليهم أن يتحلوا بالشجاعة الكافية لإدراج اعتمادات بشرية ومادية لتنفيذ ذلك، بل تعديل النطاق الزمني ونطاق العمل للخطة الأم نفسها وفقاً للحيثيات الجديدة، وإن كان التخطيط الناجح يضع في اعتباره دائماً مستجدات الأمور.

وفي مضمار بحثنا وتحولنا إلى كل ما هو جديد؛ لا يتحتم علينا في المقابل أن نطرح من حساباتنا ما لدينا بالفعل من ماضي الحكومة التقليدية؛ فإن أبسط قواعد الاستثمار المعلوماتي لا تقتضي منا ذلك، إنما علينا الاستفادة من هذا الإرث فلا نبدأ من الصفر. وليبقى المطلوب هو أن يتم بناء بؤرة تكامل Integration Hub بين الأنظمة المعلوماتية الموروثة Legacy Systems وأنظمة التعاملات الإلكترونية الحكومية الجديدة، وفي مراحل متقدمة يمكن للحكومة أن تنخرط في عملية تكامل وتبادل بيانات مع حكومات إقليمية أو عالمية أخرى في إطار ما يسمى التكامل الداخلي/ الخارجي؛ ففي عالم صغير كعالمنا يختلط فيه ما هو داخلي بما هو خارجي لا يجب النظر للمستفيد بصورة ضيقة تحصره في مستفيد الداخل، فماذا عن المواطنين في الخارج؟ وماذا عمن يستعدون لزيارة المملكة للسياحة أو للحج والعمرة؟

ولعل ما يحدث لحكومات اليوم من تغيرات في شكلها المألوف واتجاهها نحو التكامل؛ هو رد فعل طبيعي لما حدث لبيئة تلك الحكومات قبل سنوات بتعرضها لنوع من التغير اللانمطي Discontinuous Change، الذي يأتي في مقابل التغير النمطي أو الطبيعي، ففي الحالات النمطية تتغير النماذج الحكومية بطريقة طبيعية كرد فعل على الأحداث العادية الواقعة حولها، وبناءً عليه، تقوم الإدارة بإدخال التعديلات على أجهزة الحكومة بتحسين الإجراءات الموجودة وليس إعادة صياغتها من جديد، أما في حالة التغير اللانمطي؛ فإن ثمة أحداثا جوهرية خارجة عن السياق الطبيعي للأحداث تقع في فترة زمنية متقاربة وتؤدي إلى تغيير جذري في الكيانات التي تحيا في نطاق حدوثها.

ومن هذه الأحداث ما هو سياسي مثل ظهور مفهوم العولمة ومقتضياته الدولية، وتزايد النظر إلى التقدم في مجال التعاملات الإلكترونية الحكومية باعتباره مؤشراً على تقدم الدول، ومنها ما هو تقني مثل توسع شبكة الإنترنت، وتدني أسعار وسائل الدخول إليها، وتطور شبكات الاتصالات، وظهور مفهوم طريق المعلومات السريع الذي يعتمد على الشبكات عالية السعة والقادرة على نقل البيانات الضخمة والوسائط المتعددة بسهولة، وتطوير مستويات عالية من تشفير البيانات بحيث أصبحت الثقة بالشبكة وأمنها أمراً ممكناً، فضلاً عن تأسيس مركز للتصديق الرقمي والتواقيع الرقمية الذي يمثل أكبر تحدٍ لمفهوم الإدارة بالأختام الذي لم نأخذ غيره من كل مكونات التجربة اليابانية التقليدية والرائدة في الوقت نفسه لدخول عوامل أخرى ثقافية وتاريخية كعوامل وسيطة.

ومن هذه الأحداث التي تبعث على التغير اللانمطي أحداث اقتصادية، مثل ظهور التجارة الإلكترونية، وضرورات خفض الحكومة تكلفة إجراءاتها وصولاً إلى مستوياتها الدنيا، وانتشار مشاريع الخصخصة مع ما يتطلبه تطبيقها من تواصل بين القطاع العام والخاص والمؤسسات المدنية، وكذلك من هذه الأحداث ما هو اجتماعي مثل زيادة الوعي العام بالتقنية والإنترنت وما يمكن أن يتم إضافته للمستفيد عن طريقهما، ومحاولة تحقيق متطلبات الرفاهية للمواطنين، والبحث عن سبل تفعيل مفهوم ''اخدم نفسك'' للحد من الموارد البشرية المطلوبة الشحيحة لدى كثير من الدول كماً وكيفاً، التي تمثل العنصر المفقود في كل معادلات الانتقال إلى أجندة حكومية جديدة.

وإن أحداث التغيير اللانمطي هذه لا تفترض منا الاستجابة لتحدياتها بصورة نمطية؛ وإنما تفترض منا استجابة إبداعية ابتكارية لا نمطية في آن واحد، وإذا اقتضى الأمر؛ فإن علينا أن نعيد ترتيب المنظومة الكلاسيكية القائمة للفعل ورد الفعل وصولاً إلى منظومة حكومية تمسك بزمام المبادرة وتكون هي رهاننا الرابح على الغد.

كاتب صحافي

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية