Author

لماذا تحصل «إعمار» على الدعم الذي يحرم منه قطاعا الطيران والاتصالات؟

|
أعلنت شركة إعمار المدينة الاقتصادية التي تتولى تنفيذ وتطوير مدينة الملك عبد الله الاقتصادية توقيع اتفاقية تمويل مع وزارة المالية السعودية، تقوم بموجبها الوزارة بتوفير قرض تجاري لشركة إعمار المدينة الاقتصادية بمبلغ خمسة مليارات ريال سعودي (1.3 مليار دولار)، وتنص بنود الاتفاقية على تسديد قيمة القرض على عشر سنوات تشمل ثلاث سنوات مهلة. وقدمت ''إعمار المدينة الاقتصادية'' ضمانات عبارة عن مجموعة أراضٍ مساحتها الإجمالية 24 مليونا و724 ألف متر مربع. وستتمكن الشركة من تسديد القرض من خلال عوائد المشروع حسب الخطة الموضوعة، ويتوقع أن يكون لهذا القرض آثار إيجابية في المشروع وفي القوائم المالية للشركة.. انتهى إعلان الشركة. ولتتضح الصورة لدى القراء فإني أضع بين أيديهم بعضاً من الحقائق حول شركة إعمار المدينة الاقتصادية المنشورة في ''تداول''، حيث حصلت شركة إعمار المدينة الاقتصادية رسمياً على موافقة وزارة التجارة والصناعة على ترخيص التأسيس في 13 أيار (مايو) 2006، أي أنه مر أكثر من خمس سنوات على التأسيس، ويبلغ رأسمال الشركة 8.5 مليار ريال سعودي، ومع الأسف، مع مرور هذه السنوات توالت الخسائر التشغيلية على الشركة حتى بلغت خسائرها المتراكمة كما في نهاية عام 2011 مبلغاً يزيد على 1.200 مليون ريال، وتقوم شركة إعمار المدينة الاقتصادية بتطوير مشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية على مساحة قدرها 168 مليون متر مربع بالقرب من ساحل البحر الأحمر شمال مدينة جدة. وتلعب الهيئة العامة للاستثمار دور المشرف الرئيس على المشروع إلى جانب دورها في توفير كل المتطلبات والخدمات والتسهيلات. ويتمحور مشروع الشركة الوحيد حول إقامة مدينة متعددة الأغراض تتألف من ست مناطق رئيسة هي: الميناء البحري والمنطقة الصناعية وحي الأعمال المركزي والمنتجعات والأحياء السكنية والمدينة التعليمية. ويهدف المشروع إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتوفير فرص عمل أمام الكوادر السعودية، ووفقاً لتصريح الشركة فإنه من المتوقع أن يوفر المشروع أكثر من مليون فرصة عمل. الشيء الوحيد المؤكد الذي نراه نحن كمراقبين أو ما يراه المؤسسون أن شركة إعمار المدينة الاقتصادية تنزف منذ خمس سنوات، خلال هذه السنوات الخمس ما الذي حدث في الشركة؟ لقد خسرت الشركة ما يقارب من 15 في المائة من رأسمالها، وفشلت في بناء المشاريع التي وعدت بها، كما فشلت في تسويق المشاريع التي بنتها، كما مر على الشركة خلال هذه السنوات أربعة مديرين، وانخفضت قيمة السهم من عشرة ريالات إلى 7.5 ريال بخسارة ربع قيمة السهم! الهيئة العامة للاستثمار التي صنعت الشركة وأقامت الدنيا ولم تقعدها منذ تأسيس الشركة حتى اكتشفت صعوبة نجاحها إن لم تكن استحالتها، حتى هذه الهيئة تبرأت من صنيعتها، فقامت بآلية غير مفهومة بحشد الجهود التي انتهت بتأسيس هيئة المدن الاقتصادية، التي ستشرف على المدن الاقتصادية، ويرأس مجلس هذه الهيئة أيضاً رئيس الهيئة العامة للاستثمار في تعارض شديد للمصالح بين الجهات الحكومية، لكنه أفضل طريقة للتحقق من عدم نشر غسل هذه المدن أو لنقل تأخيره. هذا السرد ليس مقدمة للاعتراض على القرض الممنوح من الصندوق للشركة، لكنه تساؤل حول هذا الحماس لدعم هذا المشروع الذي ولد خديجاً، الذي ما زال يستنزف الجهود والأموال لبناء مدينة الأحلام، تساؤل حول الدعم الحكومي لمشروع يفترض أن يحصل على تمويله من البنوك التجارية، وإذا فشل في إقناع البنوك بالتمويل فهذا يضع شكوكاً أكبر حول مستقبله والضمانات المقدمة، وإذا كان ذلك فليست الدولة مسؤولة عن دعمه، فالمشروع لم يقدم أي بوادر إيجابية خلال سنوات عمره التي كان من المفترض أن تنتهي بتشغيل المشروع وبيع جزء كبير منه وتشغيل الأجزاء الرئيسة له. أقترح على صندوقنا الموقر الالتفات إلى مشاريع وقطاعات أخرى أهم وأولى وأجدر بدعم الدولة وصندوق الاستثمارات العامة، وهناك قطاعات أكبر وأهم وأكثر تأثيراً اقتصادياً وحيوياً واجتماعياً في المملكة من شركة إعمار المدينة الاقتصادية، ومن أبرز هذه القطاعات الطيران الاقتصادي، التي أفلست شركته الأولى (ناس) وحالياً تواجه شركته الثانية (سما) المصير نفسه، وهذا القطاع يعاني بسبب المنافسة غير العادلة من ناقلنا الوطني (السعودية) وبسبب عدم الدعم لهذا القطاع يعاني الكثير من المواطنين في جميع مدن المملكة عند التنقل جوا، ولم تحصل هذه الجهات على أي دعم يمكنها من مواصلة المنافسة والتشغيل، القطاع الثاني الذي يستدعي الدعم هو قطاع الاتصالات الذي يعاني معاناة قاتلة لشركتي زين وعذيب، ما قد يجعل بقائهما في السوق مسألة وقت أو قرار سياسي، وإبقاء هاتين الشركتين على قيد الحياة وبعافية جيدة سيجعل السوق أكثر نضجاً وتنافسية، ما يخدم مصلحة المستخدمين والسوق ككل، وبالتالي فدعمهما ليس خياراً، بل واجب وطني ومسؤولية حكومية. الطريف في الأمر أن صندوق الاستثمارات العامة سيقدم قرضاً بخمسة مليارات ريال بضمانات بعض من مساحة أرض المشروع، وهذه الأراضي كانت حكومية في يوم من الأيام تنازلت عنها الحكومة بمنح مجانية، وبالتالي فإن عجزت ''إعمار'' عن السداد فإن الحكومة ستسترد هذه الأراضي المجانية بمبلغ خمسة مليارات ريال.
إنشرها