الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 14 ديسمبر 2025 | 23 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.5
(-0.58%) -0.05
مجموعة تداول السعودية القابضة153.7
(-3.88%) -6.20
الشركة التعاونية للتأمين121.9
(-0.89%) -1.10
شركة الخدمات التجارية العربية126.8
(-0.39%) -0.50
شركة دراية المالية5.35
(0.19%) 0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب32.2
(-4.73%) -1.60
البنك العربي الوطني21.8
(-3.54%) -0.80
شركة موبي الصناعية11.3
(3.67%) 0.40
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.82
(-5.75%) -1.88
شركة إتحاد مصانع الأسلاك20.91
(-3.46%) -0.75
بنك البلاد25
(-3.47%) -0.90
شركة أملاك العالمية للتمويل11.29
(-0.27%) -0.03
شركة المنجم للأغذية53.15
(-1.21%) -0.65
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.86
(1.37%) 0.16
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54
(-1.19%) -0.65
شركة سابك للمغذيات الزراعية115
(-0.95%) -1.10
شركة الحمادي القابضة28.46
(-1.11%) -0.32
شركة الوطنية للتأمين13.3
(1.92%) 0.25
أرامكو السعودية23.89
(-0.04%) -0.01
شركة الأميانت العربية السعودية16.65
(-2.80%) -0.48
البنك الأهلي السعودي37.58
(-1.78%) -0.68
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات29.34
(-1.41%) -0.42

نظر الإسلام إلى الإنسان على أنه خليفة الله في أرضه، وأكرم مخلوقاته فيها، قائم عليها يسخرها لمنفعته، ويعمرها لاستمرار وجوده، جيلاً بعد جيل.. ليس هو الفاسد في الأرض ولا السافك للدماء فيها، بل، هو الأمين بطبعه المتعاطف مع جنسه، المتراحم مع غيره من سائر الكائنات الأخرى، وهو أهل للأمانة وأهل للمسؤولية، وخُصَّ بالطيبات، ومُيِّز بالفضائل العقلية والروحية، وبهذا المعيار خوطب الإنسان كعالِم بما أودع فيه من عقل، ومفكر بما تميّز به من قوى، وسامع ومبصر بما أوتي من حواس، وهذه المزايا في حقيقتها ليست مجرّد اختصاص، بل عوامل تكريم له، تساعده على أداء الالتزام المُفترض فيه تجاه خالقه، وتجاه ذاته، وتجاه غيره.

والتزام الإنسان تجاه خالقه، يعني التزامه بما فُرض عليه من حقوق وواجبات، هذا الالتزام قد لا يعرفه الإنسان تلقاءً، وقد يستثقل حمله فيطرحه، ويعجز عن إدراك حكمته فيجحده.. ولكن، الإسلام حين ألزمه بما فرض عليه، أمره أن يؤديه، لأنه قد يكون محتاجاً إليه متى كان هو السائل له.. فإن إلزام الإنسان أداء حق ما، هو منفعة راجحة له، قد لا يُدركها، بل قد تأباها نفسه، ومتى أجُبر على أدائها، أدرك في النهاية أنه، وإن كان المُعطي لهذا الالتزام مرّة، قد يكون هو الطالب له مرات.. فالتزام المسلم ببرّ والديه، هو في الحقيقة التزام أبنائه ببرِّه، وعندما يساهم في الصدقات، سيحصل عليها حين يحتاج إليها، وهكذا.. وهذه جزئيات بسيطة، من حقائق الإسلام في رعايته للإنسان، تتفوق على كل ما يُقال عن حقوق الإنسان في الغرب.

كما أن الإسلام أمعن في الاهتمام بنفس الإنسان، فاعتبرها ملكاً لخالقها، وليست ملكاً لصاحبها يفعل بها ما يشاء، فعظّم من شأنها وقيمتها، فصرّح أن إزهاق نفس واحدة هو إزهاق لكل الأنفس، وإحياء نفس واحدة هو إحياء لسائر الأنفس.. فمن قتل نفسه فهو في النار.. والله لم يكلف هذه النفس ما لا تطيق: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، ووسَّع عليها: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، مُحذراً من التفريط بها: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، والرسول – صلى الله عليه وسلم – نبَّه إلى احترام هذه النفس في خطبته يوم النحر فقال: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا"، ليصبح التزام الإنسان بحفظ نفسه ليس التزاماً أخلاقياً فردياً، بل هو التزام قسري. إلا أنّ رعاية الإنسان لنفسه، كواجب عليه، لا تعني تقمصه لأنانية هذه النفس وسيطرتها، بل حماية لها من العوامل المادية المكونة لها، أو العوامل الخارجية المعتدية عليها.. هذا الوجوب في مراعاة الإنسان لنفسه، في الإسلام، خصيصة قد لا توجد في عقائد وضعية، أو مذاهب فلسفية، أخرى، غابرة أو معاصرة، حيث نجد في بعضها آثاراً شاذة وغريبة نحو نفس الإنسان: فهذا أهمل جسده تعبّداً، فنحِل ومرض، وآخر أهمل طاقته فجلس يستجدي رزقه من غيره، وثالث رفض الزواج للتعبّد والتبتّل، واستبدَّ النقص في آخر، فطفق يبحث عن ذات غيره بعد أن ألغى ذاته! والأمثلة هنا كثيرة، رفضها الإسلام، وبيّنها لنا الرسول – صلى الله عليه وسلم – في قوله: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي".

إذاً، الإسلام ألزم الإنسان تجاه نفسه، من خلال علاقة متوازنة بين التزامه هذا، والتزامه تجاه غيره في إطار متعادل، أساسه علاقة إنسانية متبادلة، وهذه العلاقة ليست مجرد نصائح ووصايا يلتزم بها من يريد، ويتركها من لا يريد، بل هي أوامر ونواه، وتطبيقات، مُلزمة لمصلحة النفس والأنفس.

وإن كان لا يصح إلا الصحيح، فلن أزيد إن قلت: إن الإسلام بما حمل من مبادئ إنسانية، سيكون، بعد أن كان على الدوام، بفضل الله، نمطاً للحياة القادمة، كما كان نمطاً للحياة الغابرة، إن كان بالنسبة لنفس الإنسان، أو لحقوق الإنسان بعامة، خاصة، أن الإسلام حرّر النفس البشرية من خوفين، يكادان يكونان أصلاً لكل ما عاناه الإنسان ويعانيه: العمر والرزق، قال تعالى: (هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، وقال تعالى: (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ)؟ فإن لم يخف الإنسان على عمره ولا على رزقه، فممن يخاف؟!

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية