نظرية النوافذ المحطمة وبعض الظواهر لدينا

تستند نظرية النوافذ المحطمة إلى أن الجريمة نتيجة حتمية للخلل، وبالتالي إذا كانت هناك نافذة مكسورة ومر بعض الوقت، ولم يتم إصلاحها، سيستنتج الناس الذين يمرون بها أن لا أحداً يهتم، وليس هناك أحد مسؤول. وبعد فترة سيتم كسر المزيد من النوافذ، وبالتالي ستنتشر الفوضى من المبنى إلى الشارع الذي يواجهه، وهذا سيؤدي إلى إرسال إشارة بأن كل شيء مباح. وقد تكون البداية من مشكلات بسيطة نسبيا مثل الفوضى العامة، لكنها في الواقع تمثل دعوات إلى المزيد من الجرائم الخطيرة. فيا ترى كم من الأمثلة لدينا تحاكي نظرية النوافذ المحطمة؟ تبدأ كمشكلة بسيطة ثم تتطور في تعقيدها بعدد من المراحل والدوائر لتصبح نقطة تحول لنوع من الجرائم الخطيرة المنظمة.
نعم، بكل أسف يمكن تطبيق نظرية النوافذ المحطمة على العديد من الظواهر الغريبة التي بدأت في البروز وأخذت منحنى خطيراً في مجتمعنا، ومن تلك الظواهر القصص المروعة لجرائم ارتكبت، ويتكرر ارتكابها مثل جرائم القتل، والسطو المسلح، ومصانع الخمور، وغيرها من الجرائم، إضافة إلى ارتفاع نسبة ما يتم القبض عليهم في قضايا التهريب لمواد مخدرة من حشيش وحبوب مخدرة، وانتشار تعاطي المخدرات بين الشباب، لتكون في تطوراتها ظاهرة خطيرة. قضية أخرى مهمة تتمثل في ظاهرة ابتزاز واستغلال الفتيات والنساء من ذئاب بشرية، حيث أصبحنا نقرأ بشكلٍ قد يكون يومياً عن حالات وقضايا مؤلمة ترتكب في حق فتيات ونساء يغرر بهن من سعوديين وأجانب. ودون شك، إن لهيئة الحسبة، جزاها الله خيراً، دوراً إيجابياً في التصدي ومعالجة بعض هذه القضايا وحماية الضحايا من هؤلا المجرمين. لكن، يا ترى ماذا كانت نقطة البداية لتلك الجرائم؟ وما نقطة التحول التي أدت إلى استفحال مثل هذه الجرائم؟ هل نجم ذلك عن ضعف في تطبيق العقوبة المستحقة لمثل هذه الجرائم؟
في الأولى، المؤلم حقا،ً أن عدداً غير قليل من مرتكبي بعض تلك الجرائم هم من العمالة الوافدة. ألا يحتم ذلك علينا ضرورة وجود آلية للاستفسار عن سجل المستقدم قبل الاستقدام وإراحة المجتمع من شرور هذا النوع من العمالة؟ وعند المقارنة بين متطلبات استقدام العمالة الوافدة، وما يطلب من أي مواطن يريد السفر لعدد من الدول، خصوصاً الدول الأوروبية وشمال أمريكا، نجد أن المواطن يجب عليه أن يقدم معلومات كثيرة عنه حتى كشف الحساب البنكي، ومقابلة شخصية، ولا بد من الفحص والتدقيق قبل منحه التأشيرة التي قد تتطلب عدة أسابيع، هذا وهو يريد الذهاب إما للسياحة أو الدراسة أو القيام ببعض الأعمال التجارية، ونحن نستقدم من هب ودب دون حتى اشتراط تقديم تقرير عن الشخص المستقدم يتيح معرفة بعض المعلومات الأساسية المهمة مثل خلو سجل المستقدم من الإجرام وأنه مستقر نفسياً.
أما في الثانية، فتزايد عدد الضحايا في قضايا الابتزاز التي تعرضت لها السعوديات، حسبما نقلت إحدى الصحف المحلية، الذي وصل إلى نحو 600 حالة شهرياًً، وهو معدل خطير يحتم إيجاد حل يتناسب مع حجم المشكلة. قد يكون أحد أهم أسباب تفاقم تلك القضايا هو ضعف العقوبة المطبقة على مثل تلك الجرائم، ويمكن أن يقع بعض اللوم على سذاجة بعض الضحايا بانخداعهم ببعض أساليب منفذي هذه الجرائم، حيث تبدأ بمحادثة بكلام معسول ووعود بالزواج أو بتقديم فرصة عمل لاصطياد الضحية، ولذلك لا بد من وجود وتطبيق عقوبات رادعة، ولا بد من رفع درجة الوعي والتثقيف، لأن منع حدوث الشيء أجدى من التصدي لمعالجة المشكلة بعد استفحالها.
ختاماً، إن تزايد وتيرة ارتفاع بعض الجرائم الخطيرة يحتم ضرورة إيجاد حلول تتعاطى مع حجم المشكلة، بعض تلك الجرائم تحولت أو في الطريق إلى أن تتحول إلى ظاهرة، حيث أصبحنا نقرأ عنها بشكل يومي في صحفنا اليومية. دون شك، أحد أهم أسباب تفاقم تلك القضايا هو ضعف العقوبة المطبقة على مثل تلك الجرائم، وبالتالي لا بد من وجود وتطبيق عقوبات رادعة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي