«العمل» تطلق برنامج نطاقات من 3 ألوان للحد من السعودة الوهمية في القطاع الخاص
أعلن المهندس عادل فقيه، وزير العمل، برنامجا جديدا تحت مسمى ''نطاقات'' للحد من السعودة الوهمية في القطاع الخاص، وهو بديل لنظام نسب السعودة السابق، والذي سيطلق على شكل تقييم آلي بثلاثة ألوان لضبط السعودة بتسهيلات وعقوبات متدرجة.
وقال فقيه خلال مؤتمر صحافي أمس: ''إن خادم الحرمين الشريفين وجّه باعتماد توفير ألف وظيفة جديدة ليتم تعيين مفتشين إضافيين على مستوى المملكة للاستعانة بهم في برنامج (نطاقات)''.
وأكد الوزير، أن برنامج ''نطاقات'' يعد إحدى أدوات مراقبة سوق العمل السعودية في 40 نشاطا، والتي تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متزايدة لتوطين الوظائف في القطاع الخاص والوصول بمعدلات البطالة إلى مستوياتها الدنيا.
وعن آليات المتابعة والإشراف الخاصة بالبرنامج، أوضح وزير العمل، أن فرق التوطين والمتابعة في مكاتب العمل ستعمل على التأكد من امتثال القطاع الخاص لمعدلات التوطين الجديدة من خلال جولات التفتيش الميدانية.
وسيحفز البرنامج الجديد المنشآت على توطين الوظائف الذي يضع معايير جديدة وملزمة، بحيث يتم التفريق في التعامل بين المنشآت ذات معدلات التوطين المرتفعة والأخرى غير الراغبة في التوطين، وسيعلن التصنيف للمنشآت في التاسع من رجب المقبل.
ويصنف برنامج نطاقات المنشآت إلى ثلاثة نطاقات ملونة - الخضراء والصفراء والحمراء - حسب معدلات التوطين المحققة بتلك المنشآت، بحيث تقع المنشآت المحققة لنسب توطين مرتفعة في النطاق الأخضر، بينما تقع المنشآت الأقل توطينا في النطاقين الأصفر، ثم الأحمر على التوالي حسب نسبها.
وستحرَم المنشآت الواقعة في النطاق الأحمر من تجديد رخصة عمل العمالة الوافدة، ومنع تأشيرات الاستقدام، والسماح للعاملين فيها بالانتقال إلى منشآت أخرى. كما ستمنح المنشآت الواقعة في النطاق الأخضر حرية انتقاء وتوظيف ونقل كفالة العمالة الوافدة من المنشآت الواقعة في النطاقين الأحمر والأصفر دون موافقة صاحب العمل.
وقال وزير العمل: ''سيتم الإعلان في التاسع من شهر رجب المقبل عن تفاصيل المزايا والتسهيلات الإضافية - من خلال وزارة العمل الالكتروني، التي ستستفيد منها المنشآت ''الخضراء''، بينما سيحرم منها المنشآت ''الصفراء'' و''الحمراء''.
وأوضح المهندس عادل فقيه، أن البرنامج الجديد سيربط نسب تحقيق السعودة وما بين ما تقدمه الوزارة من خدمات آليا، مؤكدا صرامة ضبط البرنامج آليا ولا يقبل تقديم أي خدمة لمن وقع في نطاقي الأصفر والأحمر.
وقال: ''ليس هدفنا أن نؤذي القطاع الخاص، والهدف أن نساعده بأن ينمو سليما ويستمر''.
ووصف وزير العمل، نظام نسب السعودة السابق بـ ''السلبي''؛ لعدم ربط خدمات الوزارة ربطا دقيقا محكما بنسب السعودة. وأردف قائلا: ''لا يزال هناك أعداد كبيرة من الشركات لم تحقق نسب السعودة المطلوبة منها، ومع ذلك تقدم لها الخدمات، وكان من الأسباب أيضا أن النسبة كانت عالية في بعض الحالات، ولا يمكن إيقاف الخدمات على كل الشركات لعدم تخصصية نسب السعودة في الأنشطة، ومن ثم في المجالات الوظيفة وفقا لاعتبارات السوق''.
وفي سياق آخر، قال عبد الله الحقباني، مدير مشروع الحكومة الإلكترونية في وزارة العمل: ''بلغ عدد المسجلين في برنامج حافز الخاص بالباحثين عن عمل حتى الآن 3.5 مليون شخص، ولا يعتبر دقيقا لوجود تكرار في التسجيل، إضافة إلى تسجيل أشخاص في البرنامج عندما أشيع عن توزيع منح أراضٍ، الأمر الذي قاد إلى ارتفاع العدد''.
وبالعودة إلى البرنامج الموعود من قبل الوزير، أوضح فقيه، أنه خلافا لنسب التوطين (السعودة) السابقة - التي حددت مسبقا نسبة شبه موحدة لتوطين الوظائف بقطاعات العمل الخاص - فإن معدلات برنامج ''نطاقات'' واقعية ومستوحاة من واقع السوق، ومن واقع المعدلات المحققة بالفعل في المنشآت. وقد تم تصميم البرنامج على أن تقع غالبية المنشات في النطاق الأخضر، مما يضمن قوة تطبيق البرنامج وضمان استمرارية دوران عجلة الاقتصاد.
وأفاد الوزير بأن معدلات التوطين ببرنامج ''نطاقات'' راعت خصوصيات أنشطة وأحجام العمالة في المنشآت، وتمت دراستها في العديد من ورش العمل واللقاءات التي ضمت ممثلين عن الوزارة والمختصين بتنمية الموارد البشرية والاقتصاديين وممثلي القطاع الخاص.
وعن سعودة الوظائف في القطاع الحكومي، حيث كشف تقرير وزارة العمل 1430-1431 المنظور لدى مجلس الشورى أخيرا عن استقدام الجهات الحكومية لـ 61 ألف عامل وافد للعمل لديها خلال عام التقرير، وأوضح فقيه، أن المسؤول عنها وزارة الخدمة المدنية، مشيرا إلى أن الاستقدام جاء لمهن غير موجودة كأساتذة الجامعات والأطباء وغيرها.
وتهدف الوزارة من خلال برنامج ''نطاقات'' - والحديث لوزير العمل - إلى استخدام معدلات توطين الوظائف كميزة تنافسية بين منشآت القطاع الخاص تؤهل المنشآت الملتزمة والواقعة داخل ''النطاق الأخضر'' من الحصول على حزمة من التسهيلات والمحفزات؛ مما يسهل من معاملاتها العمالية ويعطيها المرونة الكافية لتحقيق مستويات نمو متصاعدة.
كما يهدف البرنامج إلى خلق قدر من التوازن بين مميزات التوظيف للعامل الوافد والعامل السعودي من خلال رفع تكلفة الاحتفاظ بالعمالة الوافدة في المنشآت ذات معدلات التوطين المتدنية.
وقال فقيه: ''خلافا لبرامج التوطين السابقة، يفرق برنامج نطاقات بين المنشآت الخضراء الملتزمة بمعدلات التوطين وتلك الحمراء المقاومة له من خلال مصفوفة الحوافز الذكية التي تتأهل لها المنشآت آليا، والتي تكافئ المنشآت الخضراء، وتمنع التسهيلات عن المنشآت الحمراء وتعطي مهلة للمنشآت الصفراء لتتمكن من تعديل أوضاعها قبل حرمانها من تلك الخدمات. وتوقع فقيه أن يؤدي البرنامج إلى إعادة توزيع تسهيلات الوزارة من تأشيرات استقدام ورخص عمل وتوجيهها للمنشآت الراغبة في توطين الوظائف والملتزمة بالاستثمار في رأس المال البشري السعودي بغرض الدفع بعجلة نمو الاقتصاد الوطني.
وطالب فقيه المنشآت بأن تبدأ منذ الآن وحتى حلول ذلك التاريخ في استكمال تسجيل موظفيها السعوديين لدى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية؛ لضمان احتسابهم في معدلات التوطين؛ مما يرفع من درجة تقييم التوطين بالمنشأة في الوقت الذي يضمن خلق بيئة عمل أفضل للعمالة السعودية. وذكر أن الوزارة ستعتمد في تقييم نسب التوطين بمنشآت القطاع الخاص على قاعدة بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والذي سيحتسب آليا في الموقع الإلكتروني للوزارة.
وتساءل فقيه: ''إن كنا قادرين على استيعاب أكثر من ثمانية ملايين عامل وافد في سوق العمل.. فلماذا لا نستطيع استيعاب عُشر هذا العدد، خاصة أن طالبي الوظيفة هم من أبناء وبنات هذا البلد؟ هذا ليس انتقاصا من دور العمالة الوافدة، ولكن تأكيدا لحق مواطنينا في الحصول على وظائف تؤمّن لهم سبل العيش الكريم''. وأضاف: نحن مصممون كوزارة عمل على تحقيق اختراق حقيقي على جبهة التوطين الوظيفي، وسيظل توفير وظائف للأيدي العاملة الوطنية واجبا لا حياد عنه، وعلينا جميعا أن نعي أن توطين الوظائف أصبح ضرورة وطنية ملحة وليس مجرد اختيار.
وقد قدرت آخر الإحصاءات الرسمية أعداد الباحثين عن عمل من الأيدي العاملة الوطنية بنحو 448 ألف مواطن ومواطنة - علما بأن المؤشرات الأولية التي يمكن الحصول عليها من برنامج حافز تعطي انطباعا بأن عدد الباحثين والباحثات عن العمل ربما يفوق هذا الرقم بمراحل - في مقابل ما يزيد على ثمانية ملايين عامل وافد يعمل أكثر من ستة ملايين منهم في القطاع الخاص بالأنشطة الاقتصادية كافة ويكلفون الاقتصاد الوطني فاتورة سنوية تبلغ نحو 98 مليار ريال في صورة حوالات مصرفية إلى بلدانهم الأصلية (حسب آخر بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي)، إضافة إلى التكاليف غير المباشرة نتيجة الضغط المتزايد على قطاعات المرافق والخدمات في جميع مدن وقرى المملكة.
كما قدرت الإحصائيات الرسمية نسبة الزيادة السنوية للعمالة الوافدة بـ 5 في المائة، وهي ضعف معدل نمو السكان السعوديين، الأمر الذي يؤدي إلى اختلال واضح داخل سوق العمل السعودية ويحرم المواطنين تدريجيا من فرصهم العادلة في التنافس للحصول على الوظائف بالقطاع الخاص، خاصة مع تدني تكلفة العامل الوافد مقارنة بالسعودي التي غالبا ما يأخذها القطاع الخاص بعين الاعتبار بغض النظر عن الحاجة الوطنية الملحة إلى تعديل مسار توطين الوظائف داخل القطاع وانعكاساته على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني.
وأفاد بأن فرق العمل المكلفة بالمتابعة والإشراف على تطوير برامج ''نطاقات'' عملت خلال الفترة الماضية على فتح قنوات الاتصال مع أطراف سوق العمل السعودية كافة ومؤسسات المجتمع المدني؛ لتبادل الآراء والوصول لحلول واقعية وعادلة تتناول تحديات التوطين والبطالة من منطلق يتسم بالمسؤولية والمشاركة المجتمعية.
كما شدد فقيه على أهمية الدور الحيوي للقطاع الخاص في إنجاح برامج التوطين من خلال خلق بيئة عمل صحية وجاذبة للموظف السعودي. وقال: ''إنه بتعاون أصحاب العمل سيكون النجاح بأقل التكاليف، بل وسيكون مربحا على المدى البعيد، فأجر الموظف السعودي يضخ مرة ثانية في الدورة الاقتصادية الوطنية فينعش مرافقها وخدماتها، وبالتالي يساعد على نمو الاقتصاد وخلق المزيد من الفرص الوظيفية الجديدة التي تستفيد منها الأيدي العاملة الوطنية، ناهيك عن تحصين الوطن ضد آفات البطالة''.
وأضاف: لا يعقل أن يقوم صاحب العمل بالاستعانة بأفضل الاستشاريين والتقنيات والمواد في التخطيط لأي مشروع، لكن حينما يتعرض لتحدي توفير العامل البشري يكون الاختيار والاتجاه دائما إلى استقدام العمالة الوافدة، ولا يتم التخطيط بالجودة نفسها لتدريب وتطوير العمالة الوطنية، في الوقت الذي يجب أن نعي فيه أن الاستثمار في استقطاب وتطوير وتدريب الموارد البشرية له الأهمية نفسها التي نتعامل بها مع إتقان إدارة العناصر الأخرى كافة المكونة لأي مشروع اقتصادي ناجح''.
وأوضح، أنه وعلى الرغم من كل الجهود الرسمية الحثيثة، إلا أن خطط توطين الوظائف في القطاع الخاص السعودي في السابق لم تلق النجاح المنشود لأسباب عديدة ومركبة. وأضاف: ''لم تتجاوز نسب العمالة الوطنية في المنشآت الخاصة حاجز الـ 10 في المائة من إجمالي قوة العمل في السوق، على الرغم من أن 84 في المائة من إجمالي العمالة الوافدة إلى المملكة تحمل شهادات الثانوية فقط ومن غير المتخصصين، أي أن بالإمكان إحلالها بالعمالة الوطنية تدريجيا وبالتعاون مع القطاع الخاص''.
في الوقت ذاته، أكد وزير العمل، أن الوزارة ستعلن لائحة شركات الاستقدام خلال شهر رجب المقبل، وسيتم تشكيل هذه الشركات بعد الإعلان عنها.