خصائص عقد التأمين
يُمكن تعريف عقد التأمين (وثيقة التأمين) بأنه عقد يتعهد بمقتضاه المؤمِّن (شركة التأمين) بأن يُعوض المؤمَّن له أو المستفيد الذي أُشترط التأمين لصالحه عند حدوث الضرر أو الخسارة المُغطى بالعقد (الوثيقة)، وذلك مقابل القسط (الاشتراك) الذي يدفعه المؤمَّن له.
وعقد التأمين يشترك مع بعض أنواع العقود بخصائص عامة، يُمكن إيجازها بأن عقد التأمين: مُلزم للطرفين، رضائي، مُعاوضة، وزمني. إلا أن عقد التأمين يتحلى ببعض الخصائص الجوهرية التي تُميزه عن سائر أنواع العقود، بعدة خصائص هي:
أولاً: عقد التأمين عقد احتمالي، والعقد الاحتمالي بمفهومه البسيط هو العقد الذي يتوقف تحديد التزامات أطرافه على أمر خارجي قد يتحقق وقد لا يتحقق وغير معروف وقت تحققه. أي أن الالتزامات المتبادلة لطرفي العقد غير متساوية عند إبرام العقد، فلا يُمكن لأي من طرفي العقد عند إبرام العقد تحديد مقدار الربح الذي يُمكن أن يُحققه أو مقدار الخسارة التي يُمكن أن تلحق به، لتوقف ذلك على واقعة أو حادثة غير مُحققة الحدوث وغير معروف وقت وقوعها، فالتزام المؤمِّن بتعويض المؤمَّن له يتوقف على حدوث ضرر أو خسارة للخطر المُغطى بعقد التأمين، كاختراق مصنع أو تلف بضاعة مشحونة على متن سفينة مثلا. وبالرغم من ذلك، فقد تكون التزامات الطرفين متوقفة على واقعة أو حادثة مُحققة الحدوث لكن غير معروف وقت وقوعها، مثل وفاة المؤمَّن له في عقد التأمين على الحياة.
ثانيا: عقد التأمين عقد إذعان، ويمكن تعريف عقد الإذعان بأنه العقد الذي وضع شروطه الجوهرية مُسبقاً أحد طرفيه (الطرف الذاعن)، ليتقيد بها كل من يرغب في التعامل معه (الطرف المُذعن). والطرف الذاعن أقوى من الطرف المُذعن في عقد الإذعان، حيث إن له أن يُملي من الشروط ما يشاء، في حدود النظام بطبيعة الحال، ولا يحق للطرف المُذعن مفاوضته أو مناقشته بل له قبول التعاقد كما هو عليه أو رفضه، ولذا، وصفت مثل هذه العقود ''بالإذعان''. وفي عقد التأمين، فإن المؤمِّن هو الطرف الذاعن، حيث إنه يُملي بصفة منفردة جميع الشروط والأحكام والاستثناءات، وذلك في شكل صياغات موحدة بالنسبة لكل نوع من أنواع التأمين، وبهذا المفهوم، يُفترض أن المؤمِّن قد راعى كل مصالحه عند صياغته لهذه العقود، ويكون المؤمَّن له هو الطرف المُذعن ولا خيار له إلا قبول عقد التأمين كما هو عليه أو رفضه.
ثالثاً: عقد التأمين من عقود حُسن النية، ونصيب حُسن النية ودوره في عقود التأمين أوسع نطاقاً مقارنةً بأي عقد آخر، حيث إن التأمين يقوم بصفة أساسية على مبدأ مهم للغاية وهو مبدأ منتهى حسن النية (Utmost Good Faith)، لدرجة أن عقود التأمين وصفت بعقود منتهى حُسن النية، ويقضي هذا المبدأ بأن يكون التعامل بين المؤمِّن والمؤمَّن له بصدق وشفافية وأن يُظهر كل منهما عند التعاقد كل الحقائق المُتعلقة بالتأمين، ولا يُخفي أحد الطرفين أمراً جوهرياً عن الطرف الآخر، وقد يستمر هذا الالتزام أثناء سريان العقد، وفي حالة الإخلال به من قبل أي من الطرفين يحق للطرف الآخر فسخ العقد.
رابعاً: عقد التأمين يغلب على أحكامه الصفة العُرفية، فأغلب أحكام عقود التأمين تنحدر من قواعد عُرفية انبثقت من العادات التأمينية التي أتبعها المؤمِّنون في عقودهم التأمينية في العصور القديمة.