40 خبيرا ومختصا ينقبون عن الآثار التاريخية في موقعي «الدفي» و«المردومة» في الجبيل

40 خبيرا ومختصا ينقبون عن الآثار التاريخية في موقعي «الدفي» و«المردومة» في الجبيل
40 خبيرا ومختصا ينقبون عن الآثار التاريخية في موقعي «الدفي» و«المردومة» في الجبيل

أكدت الهيئة العامة للسياحة والآثار أنها وبدعم من الهيئة الملكية للجبيل وينبع، قامت بإجراء أعمال المسح والتنقيبات الأثرية وتوثيق موقعي" الدفي" و"مردومة" في الجبيل، بعد أن بدأ فريق مكون من 40 مختصا وخبيراً بالعمل في الموقعين، إضافة إلى ما يقارب 120 عاملا.
وأوضحت الهيئة العامة للسياحة والآثار أن بداية العمل انطلقت منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، حيث تم إجراء المسوحات، وإعداد الخرائط، وإسقاط الشبكيات على الموقعين، ثم بدأت التنقيبات الفعلية في كانون الثاني (يناير) الماضي، وستستمر حتى نهاية أيار (مايو) الجاري، لتستمر بعدها أعمال ترميم الموقع وتوثيقه ودراسة نتائجه. وأشارت إلى أن هناك فريق للترميم يعمل بشكل متواز مع أعمال التنقيبات الأثرية في الموقعين وذلك للحفاظ وتدعيم المباني المكتشفة حال ظهورها حسب احتياجها لذلك، كما أن هناك فرق مساندة في كلا الموقعين تعمل على تسجيل القطع الأثرية والعينات وتغليفها، وتنظيف الكسر الفخارية وحفظها في صناديق خاصة تمهيدا لدراستها وترميمها، وفريق آخر يقوم بعمل الرفوعات المعمارية وتوثيق المباني المكتشفة.
وبينت الهيئة أمس أن هذين المشروعين يأتيان في إطار برنامج للشراكة والتعاون بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع والهيئة العامة للسياحة والآثار، حيث إن هذه المواقع تقع داخل النطاق الجغرافي لأراضي الهيئة الملكية، ورغب الطرفان في الكشف عن آثار هذه المواقع ومعرفة حدودها الفعلية، وإدخال ما يتم الكشف عنه في مشاريع الهيئة الملكية لتعمير الأراضي المحيطة بهذه المواقع وتأهيل المواقع الأثرية كمتاحف مفتوحة تحافظ على الآثار المكتشفة، وتجعلها تتكامل مع ما حولها، وتتعاون مع الهيئتين في هذا المشروع أيضاً مؤسسة التراث الخيرية.
وأشارت الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى أن اسم "الدفي" أطلق على الموقع لقرب هذا الجزء من خليج الدفي، ويمثل الموقع فترة مملكة الجرهاء التي سادت في شرق الجزيرة العربية قبل الإسلام، وأكدت إنه يمكن إعطاء فترة القرن الثالث قبل الميلاد كتاريخ أولي. وستتضح الصورة بشكل أفضل بعد استكمال نتائج دراسة الطبقات والمعثورات.

#2#

أما عن التنقيبات الأثرية فقد بينت الهيئة أن وكالة الآثار قامت عام 1408هـ بإجراء حفرية استطلاعية لمعرفة العمق التاريخي لهذا الموقع، واتضح خلالها أن الموقع يمثل مرفأ أو ميناء لأحد المدن الجرهائية ألا وهي ثاج، والتي تعد من أبرز المدن القريبة آنذاك حيث تبعد 90 كيلو مترا غربي الجبيل، والتي يتزايد الآن احتمال كونها هي مدينة الجرهاء التي نسبت إليها مملكة الجرهائيين.
في حين تعود تسمية موقع "المردومة" نسبة لردم الساحل مقابل الموقع ، حيث كانت التلال الأثرية تقع قرب الجبيل البلد 23كيلومترا شمال غرب، وغرب المنطقة الصناعية في الجبيل مقابل جزيرة القرمة على الساحل مباشرة. وتراوح ارتفاعات التلال الأثرية مابين 12.5متر وسبعة أمتار عن سطح البحر مما يتيح لسكان هذه المستوطنة الإشراف على مدخل خليج مردومة.
وقالت الهيئة إنه بناء على نتائج التنقيبات الأثرية فإن فترة سكنى الموقع إلى القرن الأول الهجري فترة الدولة الأموية كبداية لتأسيس هذا الموقع ليستمر الاستيطان فيه حتى القرن الخامس الهجري أي قبل نهاية الدولة العباسية.
وقد بدأت أعمال التنقيبات الأثرية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، حيث تم تقسيم التلال الأثرية والتي تشكل شريطا من المرتفعات مقابل للساحل مباشرة إلى سبع مناطق عمل تبعد عن بعضها البعض مسافات تراوح بين 200 و50 مترا. كما بدأ العمل في المنطقة (أ) وتعد من أكبر التلال الأثرية، حيث تم الكشف عن مبنى كبير عبارة عن حصن أو مأوى لحامية. ويحتوي على غرفتين في الزاوية الشمالية الغربية، أما مدخله فيوجد في الناحية الجنوبية وهو مدخل منكسر روعي فيه النواحي الأمنية ببناء جدار حاجز مقابل المدخل. وتم رفع كميات كبيرة من الحجارة المنهارة على جانبي الجدران مما يدل على حصانة المبنى. كما تم الكشف عن سبع مجموعات معمارية أخرى متباعدة تشكل كل منها مجموعة أبنية متجاورة ومتلاصقة كل بناء له مدخل مستقل ويحوي فناء وغرفة أو غرفتين، وتنتشر في الأفنية وقرب المداخل الخارجية أفران ومواقد دائرية الشكل مبنية بالحجارة الصغيرة بقطر يبلغ 70 سنتمترا مبطنة أحيانا بجرار فخارية.
وتتشابه المباني في بعض الخصائص التقنية والمعمارية، البناء من مادة الحجر البحري (الفروش) واستخدم الطين في ربط الحجارة ببعضها كمونة، كما استخدم الجير المحروق في تعبئة الفراغات كحشوة بين الحجارة على جانبي الجدار. كما يلاحظ وجود مادة جيرية للياسة الجدران، كما استخدمت المادة نفسها للأرضيات فقد تم الكشف عن أرضية لإحدى الغرف فيها أجزاء من ملاط من الجص الأبيض. وعثر بالموقع على العديد من اللقى الأثرية، وتتميز هذه اللقى بجودة الصناعة مما يدل على علاقات تجارية بين هذه البلدة والمدن المجاورة على الخليج العربي. ويعد الهاون (المهباش) المصنوع من النحاس مع طقم الأيدي النحاسية من أهم ما عثر عليه في هذا الموقع، إضافة إلى مجموعة من الأواني الفخارية والزجاجية والأدوات الطبية النحاسية وبعض الأدوات المصنعة من خام الحديد، وأدوات صيد الأسماك. وإضافة إلى مهنة البحر، عمل سكان هذه البلدة بصناعة الأطياب والعقاقير، حيث تتوافر في الموقع أدوات طحين وخلط العقاقير والمواد العطرية، وهذا المجال من الأعمال اشتهرت به المنطقة الشرقية في الفترة الإسلامية المبكرة، حيث كانت المصدر لكثير من العطور والأطياب التي كانت تنقل إلى أسواق مكة والمدينة وغيرها من حواضر الجزيرة العربية خلال العصرين الأموي والعباسي حسب ما ورد في المصادر التاريخية. وتشكل هذه المباني مجتمعة بلدة صغيرة نشأت في هذا المكان على ساحل الخليج في قطاع الجبيل خلال العصر الأموي، واستمرت إلى نهايات العصر العباسي، وهي تشبه البلدة التي تم الكشف عنها أخيرا في الخبر في موقع الراكة والتي كان سكانها أيضاً يعملون في التجارة والصيد البحري. ويبدو أن هذه البلدات كانت تشكل سلسلة من القرى والمستوطنات الحضرية على طول ساحل الخليج خلال تلك الفترة.
وقالت الهيئة إنه يمكن الاستنتاج مما تم الكشف عنه من لقى أثرية أن سكان المستوطنة اعتمدوا بدرجة أساسية على العمل في البحر بمختلف الأنشطة، حيث تم الكشف عن أدوات صغيرة لصيد الأسماك، وأدوات صنع الشباك، ومفالق المحار (الأصداف) وكمية كبيرة من المسامير التي تستخدم في صناعة وصيانة السفن، وكميات كبيرة من عظام الأسماك والحبار وغيره. ومن المؤكد أن حرفتي التجارة والصناعة من الحرف التي مارسها سكان هذه البلدة لوجود بعض المعادن الخام التي تم العثور عليها في الموقع.

الأكثر قراءة