دعوة إلى تنشيط سوق التمويل وجذب الثروات الخاصة إلى مشاريع التنمية

دعوة إلى تنشيط سوق التمويل وجذب الثروات الخاصة إلى مشاريع التنمية

طالب مصرفي سعودي بإيجاد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص في سوق التمويل المحلية لضمان تنفيذ المشاريع التنموية خاصة في ظل تركيز البنوك المحلية على إقراض مشاريع أو شركات تملكها الدولة أو تملك حصصا فيها، أو تركيزها على قطاع التجزئة للأفراد.
وقال مطشر المرشد ـــ وهو اقتصادي وكاتب ـــ في ورقة شارك فيها في مؤتمر إدارة المشاريع: إن هناك حاجة ملحة إلى تكوين شركات للأغراض الخاصة تختص بالتمويل بين الحكومة والقطاع الخاص على اعتبار أن وجود الدولة يعتبر ضمانة غير مباشرة لهذا النشاط، مستعرضا وضع التمويل الحالي الذي يكشف أن تمويل المشروعات من البنوك ـــ لا يرقى إلى المستوى المتوقع له.
وقال المرشد إن إقراض الأفراد (التجزئة) أصبح يحتل التركيز الأساسي للبنوك على ضوء الهوامش المرتفعة (العائد الأفضل للبنوك)، مبينا أن البنوك ترغب في توزيع المخاطرة على مجموعة أكبر لتكون ضمانات السداد أقوى لديها. وبين أنه في بعض الحالات لا يكون لدى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ضمانات السداد المطلوبة، أو مستويات الإفصاح والشفافية الكافية وهو ما يجعل البنك يحجم عن التمويل في هذا النشاط.
وخلص إلى أن البنوك لكل هذه الظروف تفضل المشروعات الكبرى مثل مشاريع الكهرباء، وسابك، وأرامكو والتعدين وهي المشاريع التي تشارك الحكومة في ملكيتها.
وأكد المرشد أن عدم وجود سوق ثانوية للسندات والصكوك يزيد من الصعوبات أمام توافر التمويل اللازم للمشاريع متوسطة الحجم، وهو ما يعني أنه من المتوقع أن يستمر تمركز مخاطر التمويل لدى عدد قليل من الشركات الكبرى وبعض المجموعات العائلية. ودلل على هذا الرأي بالاستنتاج أن البنوك ركزت على التمويل قصير المدى وفي الأغلبية لقطاع التمويل الشخصي، ولاحظ أنه ما بين 2005 وحتى الآن، تخطى الائتمان قصير الأجل (أقل من عام واحد) حاجز 55 في المائة من سائر الائتمان البنكي.
وشرح استراتيجية التمويل التي يقترحها بأنها تتضمن تكوين شركات الأغراض الخاصة بين الحكومة والقطاع الخاص (الضمانات الحكومية غير المباشرة)، مبينا أن الشراكه تمكن الحكومة أن تمتلك شركات ذات أغراض خاصة بصفة جزئية في المشروع وذلك في القطاعات الأساسية مثل البنية التحتية، السكك الحديدية، قطاع المياه، الطرق والطاقة وغيرها. وقال إن ذلك سيؤدي إلى أن توفر ملكية الحكومة الثقة والاطمئنان للبنوك لإقراض شركات الأغراض الخاصة إضافة إلى أنه بعد إدراجها سيكون لشركات الأغراض الخاصة تأثير إيجابي في عمق سوق الأسهم ونشاطها، مما يساعد على فتح منافذ جديدة أمام الثروات الخاصة. وشدد على أن هذا المقترح سيمكن من إيجاد فرص ومنافذ استثمارية جديدة، وبالتالي سيشجع الثروات الخاصة على البقاء داخل المملكة بدلاً من السعي للحصول على فرص بديلة في الأسواق المجاورة. وقال إنه على سبيل المثال بعض الدول المجاورة تدفع عائدا على الودائع يقارب 5 في المائة دون مخاطر صرف العملة، مقارنة بسعر الإقراض بين البنوك في المملكة SIBOR القريب من 1 في المائة.
واستعرض التمويل العقاري المقدم من الحكومة فقال: إن الحكومة قامت بضخ مبالغ ضخمة في صندوق التنمية العقاري، وبالنظر إلى الوضع الحالي، فقد أدى الموقف إلى نقص في الإمداد بما يزيد على مليوني وحدة في فئة الإسكان لذوي الدخل المحدود، وهو ما يعين ــ والحديث للمرشد ـــ على صندوق التنمية العقاري تغيير المنهجية وأن يبدأ في أن يكون أكثر استباقية وتوقعًا في اختيار مجموعة هياكل التمويل (صندوق وصكوك)، لافتا إلى أن فرص التمويل المتوقعة تفوق 600 مليار ريال خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقال إنه في ظل غياب نمو الائتمان البنكي وعدم وجود سوق ثانوية نشطة للصكوك والسندات، ستواصل الحكومة تحمل العبء الأكبر في تمويل مشروعات البنية التحتية الأساسية. وبين: بما أننا لا نستطيع توقع استمرار التمويل الحكومي بالوتيرة الحالية نفسها على المدى الطويل، لذا يلزم إجراء تغيير في نموذج التمويل الحكومي والتركيز على إنعاش تمويل البنوك إضافة إلى تفعيل أنشطة السوق الثانوية وبشكل عام أسواق رأس المال.
وقال إن الحكومة تسعى جاهدة إلى ملء هذه الفجوة، حيث إنه من خلال ذلك أصبحت الحكومة والصناديق الحكومية المصدر الوحيد للتمويل ـــ ولا سيما في بعض مشروعات البنية التحتية، حيث قامت الحكومة من خلال الصناديق الحكومية بتوفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية المنتقاة (على سبيل المثال، مشروع رأس الزور لإنتاج المياه ومشاريع الغاز والكهرباء، ومشروع الجسر البري السعودي). وقال إن الحكومة تستثمر الآن في مشروعات الإسكان منخفضة التكاليف من خلال دخول صندوق الاستثمارات العامة كشريك في إنشاء شركات تمويل عقاري، وتساءل: هل يجب على الحكومة تقديم التمويل المباشر أو تسهيل عملية التمويل؟
وشدد على أن استمرار توافر التمويل الحكومي بأسعار منخفضة يجعل تمويل البنوك أقل جذبًا، وكبداية، فإن التمويل الحكومي المباشر يعمل على تشجيع إقامة المشروعات، لكن على الرغم من ذلك يجب العمل على إيجاد قنوات ومصادر تمويل بديلة لتكون جاهزة في حال تراجع التمويل الحكومي من خلال مصادر أخرى مثل ثروات المجتمع في الداخل.
وشدد المرشد على أنه مع استمرار منافسة رأس المال الحكومي مع رأسمال القطاع الخاص، فإنه على المدى البعيد، سوف نفقد القدرة على ابتكار قنوات استثمارية أمام ثروات أفراد المجتمع والحد من تدفقها نحو الأسواق المجاورة، لذلك يجب توجيه فائض الميزانية الحكومية تجاه القطاعات الاستراتيجية مثل قطاع الطاقة البديلة والزراعة، والأمن الغذائي. وأورد معلومة تشير إلى أن 20 هللة فقط من كل ريال ينفق على مشاريع البناء والتشييد/البنية التحتية يبقى داخل المملكة، وهو ما يعني أن الدولة يجب أن تركز على تمويل المشاريع التي تدور في الاقتصاد من خلال إعادة النظر في في دور التمويل الحكومي في التنمية.
وتطرق المرشد إلى وجود فرص قوية للتمويل قائلا: إن إجمالي المشروعات في قطاع البنية التحتية كالمياه والطاقة والصرف الصحي والسكك الحديدية، إضافة إلى مشاريع الغاز، النفط، البتروكيماويات، الأسمنت والحديد يتجاوز 450 مليار ريال، مع الإشارة إلى هذا لا يشمل مشروعات البنية التحتية الاجتماعية كالإسكان، والتعليم. وقال إنه "إذا ما احتسبت هذه المشروعات فستضيف ما بين 180 و190 مليار ريال. كما أنها لا تشمل حزمة الحوافز الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله. وقال "من المتوقع أن يتم إكمال عدد كبير من المشروعات، ولا سيما في قطاع الإسكان والتعليم في غضون ثلاثة إلى أربعة أعوام.
وعرج الخبير المرشد على أسباب التأخر في إنجاز المشاريع فيما يتعلق بالجوانب التمويلية فقال: إن ترسية أغلب المشاريع لعدد محدد من المقاولين تجعلهم يواجهون تحديات تمويلية وصعوبات استيعابية وأزمة موارد، في حين أن كثيرا ما تكون كفاءة المقاولين من الباطن غير كافية وخبراتهم غير مناسبة لحجم العمل مما يؤدي إلى عدم وجود دقة في التكاليف ومدة المشروع وأخطاء في التصاميم ومشاكل في التخطيط والجدولة. ومن بين أسباب التعثر في رأي المرشد آلية اتخاذ القرار والتواصل والبيروقراطية وطلبات التعديل والتغير، ووجود أزمة في الموارد البشرية والنقص في الأيدي العاملة والمعدات والأهم ـــ في رأيه ـــ قضية التمويل وإدارة التدفقات النقدية.

الأكثر قراءة