اتهام نظام الخدمة المدنية بإعاقة المهندسين.. ومطالب بسد ثغرات «المشتريات الحكومية»
سيطرت قضيتا إنشاء هيئة عليا للمشاريع الحكومية والكادر الهندسي على نقاشات اليوم الأول من مؤتمر إدارة المشاريع أمس، وحضرت القضيتان في ثلاث جلسات متتالية، سواء من خلال المحاضرين أو من خلال المداخلات.
وبينما رأى بعض الحضور أن إعادة المطالبة بإنشاء هيئة أو وزارة للمشاريع أو للأشغال يعيد الوضع إلى المربع الأول، خاصة بعد إلغاء وزارة الأشغال العامة، قال عضو في مجلس الشورى إنه يجب سؤال اللجنة الوزارية عن هذا الأمر، وذلك في سياق مطالبته بإنشاء هيئة عامة للمشاريع. واللافت أمس إن ثلاثة مشاركين حكوميين أوصوا بعدة توصيات تقع ضمن صلاحيات وزاراتهم مثل إنشاء هيئة للمشاريع، وهيئة وصندوق للمقاولين، وبنك إسكاني، وتعديلات على أنظمة حكومية هي نظام الخدمة المدنية والمشتريات الحكومية لرفع كفاءة المهندسين بالنسبة للنظام الأول وسد ثغرات في النظام الثاني.
#2#
وبدأ الدكتور حبيب بن مصطفى زين العابدين وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية نشاطات اليوم الأول عندما استعرض مشاريع لوزارته في المشاعر المقدسة، هي مشاريع خيام منى، قطار المشاعر، جسر الجمرات، والمسالخ الخاصة بالهدي والأضاحي، مبينا أن قيمتها تجازوت 30 مليار ريال، ولم تشهد أي تعثر.
وأشار زين العابدين إلى أن ما ساعد الوزارة على ذلك هو تفعيل فقرة في نظام الأشغال العامة تتيح لمسؤولي الوزارة اتخاذ أي قرارات يرونها تساعد على شرعة إنجاز المشاريع.
تخفيض التكلفة
وقال وكيل وزارة الشؤون البلدية إن الوزارة استطاعت في عهد الأمير متعب بن عبد العزيز تخفيض تكلفة قطار المشاعر من 13 مليار ريال إلى 6.6 مليار ريال من خلال المفاوضات الناجحة مع الشركة الحكومية الصينية. وكشف أن استشاري المشروع كان قد حدد مبلغ سبعة مليارات ريال كقيمة للمشروع، في حين أن الشركات المحلية قدمت عطاءاتها وعروضها بنحو 13 مليار ريال، وعندما تم الاتصال بالشركة الصينية طلبت بعد معرفة تفاصيل المشروع تسعة مليارات خفضت فيما بعد إلى 6.6 مليار ريال.
وخلص زين العابدين إلى أن المتابعة الحثيثة من قبل الوزارة لمشاريعها أسهمت في ظهور مقاولين سعوديين واستشاريين بدأوا صغارا، لكنهم الآن ينفذون مشاريع بمليارات الريالات حاليا – على حد تعبيره.
وأوصى وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية بإعادة النظر في نظام المشتريات الحكومية الحالي، معتبرا أنه سبب من أسباب تعثر المشاريع، وتفعيل التنسيق من خلال ورش العمل، كما حدث في تفويج الحجاج إلى جسر الجمرات من خلال التعاون مع جهات عالمية تساعد على رفع كفاءة العاملين في المشاريع.
هيئة المقاولين
من جانبه، طالب الدكتور أحمد صلاح حبيب وكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط للشؤون الاقتصادية بإنشاء هيئة للمقاولين تساعد على تقليل تعثر المشاريع، وترفع من كفاءة القطاع، وإنشاء صندوق تمويلي للمقاولين. ولفت حبيب إلى أن بعض البنوك تحجم حاليا عن تمويل المقاولين، وذلك يعود بالضرر عليهم، وهو ما يستدعي العمل لإنشاء مؤسسات مالية تدخل في هذا النشاط، وتكون رافدا له.
وقال حبيب في ورقة بعنوان ''المشاريع التنموية في خطط التنمية'' إن عدم اكتمال منظومة الحكومة الإلكترونية في بعض الوزارة يقلل من فرص الاستفادة من برامج الوزارة.
وبين وكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط أن هناك عدة تحديات تواجه الاقتصاد السعودي من بينها تعثر المشاريع، والشركات العائلية التي تحتاج إلى آلية مناسبة لتحويلها إلى مساهمة عامة، ومدى قدرة القطاعين العام والخاص على خلق شراكة فاعلة.
بنك إسكاني
وطالب في سياق حديثه عن الاقتصاد السعودي بإنشاء بنك للإسكان يساعد على فك الأزمة في هذا القطاع، مع أهمية العمل على تطبيق كود البناء السعودي، وتوطين الوظائف في قطاع البناء والتشييد على اعتبار أنه من القطاعات التي تلقت دعما ماليا كبيرا، وهذا يعني أهمية توطين الوظائف فيه وخلق فرص عمل للشباب. من جانبه، تطرق الدكتور سليمان العريني إلى قضية تعثر المشاريع من خلال ورقة بعنوان ''التخطيط الاستراتيجي في المملكة مقارنة دولية''، توصل من خلالها إلى أن الجهات الحكومية تعمل منفردة، ما يرفع احتمالات تعثر المشاريع، نظرا لتدني مستوى التنسيق، وتداخل الاختصاصات الذي يظهر في مراحل مهمة من المشروع. وقال إن من دلائل ذلك تكليف ''أرامكو'' ببعض المشاريع، وذلك دليل ضمني على وجود مشكلة حقيقية في الجهات التي تنفذ المشاريع.
أسلوب إدارة المشاريع
في ذات السياق، اختصر الدكتور محمد القويحص أزمة تعثر المشاريع في المملكة بعدم كفاءة أسلوب إدارة المشاريع الحكومية، وهو ما أدى إلى أن بعض الأجهزة الحكومية لا تزال تطبق مواصفات قديمة، وتؤخر كثيرا من المشاريع، والذي انعكس بتأخر تسليم المشاريع، وبالتالي تقليل استفادة المواطن منها. وانتقد تحول بعض المهندسين إلى إداريين، معتبرا ذلك جزءا من المشكلة التي تحتاج إلى حل جذري، وطرح من أجل ذلك مقترح إقرار لائحة الوظائف الهندسية. وطالب القويحص بالتطبيق الشامل لإدارة المشاريع وإنشاء هيئة عامة للمشاريع للإشراف على المشاريع التابعة للحكومة، والتعجيل بتطبيق عقد الأشغال (الفيدك)، وتطوير الأنظمة المالية في الوزارات لتعجيل صرف مستحقات المقاولين.
دلائل وتقارير
وكان القويحص قد استعرض بعض دلائل تعثر المشاريع من خلال التقارير التي ترد إلى مجلس الشورى فقال إن هذه التقارير تؤكد وجود مشكلة حقيقية تستدعي التحرك الفاعل لتحقيق رؤية وتوجيهات القيادة. ونوه بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين المتكررة أثناء إعلانات الميزانية السنوية، معتبرا أنها دليل على أهمية المشكلة وشعور القيادة بها.
ثغرات.. وثغرات
ومن بين التقارير التي استعرضها القويحص تقرير للرقابة الذي أكد وجود فترة طويلة بين إعلان المناقصة والترسية، وبين هذه المرحلة والمراحل الأخرى المتمثلة في الترسية، وتوقيع العقود، وتسليم الموقع للمقاول، وتأخر بالتالي تسليم المشروع من قبل المقاول. والتقرير الثاني الذي استعرضه القويحص تقرير المراقبة العامة الذي يشير إلى قضية تأخير المشاريع ومخالفة الأنظمة الحكومية في هذا الشأن، والافتقار للكفاءات التي تدير هذه المشاريع، وتحويل أكثر من 17 مليار ريال إلى أبواب أخرى في الميزانية بدلا من تنفيذ المشاريع بها. وقال إن ذلك التقرير يشير أيضا إلى نحو 18 مليار ريال لم يستفد منها في تنفيذ مشاريع حتى نهاية فترتها، ونقص الأراضي. في حين قال تقرير لوزارة الاقتصاد والتخطيط – والحديث للقويحص– إن التعثر أصبح ظاهرة، وإن هناك ضعفا في الكفاءات التي تدير المشاريع، وتعقيد الإجراءات، ونقص الأراضي الذي يعود بالتالي على هذه المشاريع بنتائج سلبية.