محمد مصطفى رمضان .. هل قتلته رسائله؟
في مساء يوم الجمعة الحادي عشر من شهر أبريل عام 1980م، كانت المذيعة في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية هدى الرشيد تغالب حزنها وهي تقرأ خبر اغتيال زميلها المذيع محمد مصطفى رمضان أثناء خروجه من مسجد المركز الإسلامي بلندن عقب صلاة الجمعة، حيث اعترض طريقه شخصان، وأطلقا عليه الرصاص في صحن المسجد، ليسقط مضرجاً بدمائه أمام المصلين.
محمد مصطفى رمضان كاتب وإعلامي ليبي، كان من ضمن آلاف الليبيين الذين هجروا بلادهم خوفاً من بطش القذافي، فعمل في عدة مجالات إعلامية ليحط به الترحال في القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية في لندن.
ولم يكن محمد مصطفى رمضان من المحسوبين على المعارضة الليبية التي كانت تنشط في العاصمة البريطانية في ذلك الوقت، كما لم يعرف عنه أنه خرج محرضاً على النظام، أو داعياً إلى إسقاطه، وكان يرى أن الإصلاح ممكن عبر رسائل النصح والحوار، ولهذا قام خلال الفترة بين عامي 1972م و1977م ببعث رسائل عديدة إلى العقيد معمر القذافي تحت عنوان ''خطابات مفتوحة إلى معمر القذافي''، وكانت تلك الرسائل تتضمن ملاحظات وآراء حول العديد من القضايا الفكرية والسياسية، إضافة إلى مناقشة قضايا ليبيا المحلية.
خلال تلك الفترة شهدت ليبيا عدة تحولات، ففي أبريل من عام 1973م أعلن القذافي قيام ''الثورة الثقافية'' والحرب على ما أسماه النمط الرجعي للدولة، ودعا إلى تطهير البلاد من أعداء الثورة، وفي أبريل من عام 1976م تم قمع انتفاضة طلبة الجامعات، تلا ذلك مصادقة اللجان الثورية على قرار تصفية المعارضين في الخارج، ليكون محمد مصطفى رمضان واحداً من ضحاياها، ولتعلن تلك اللجان مسؤوليتها عن الجريمة وتمنع أهله من استقبال جثمانه في ليبيا ليعاد للدفن في لندن.
لمحمد مصطفى رمضان كتاب بعنوان ''الشعوبية الجديدة .. فصول في التاريخ والسياسة'' اعتبر فيه دعوات القومية التي رفعها القذافي وغيره من الثوريين العرب في ذلك الوقت شعوبية جديدة جنت على الأمة العربية، وأدت إلى إحياء النعرات القومية الأخرى.
يوم غدٍ الإثنين يصادف الذكرى الحادية والثلاثين لاغتيال محمد مصطفى رمضان، هذه الذكرى تجيء ونظام معمر القذافي يتصدع، وأركان نظامه يفرون، والغريب أن أحد أركان نظامه، المسؤول عن تصفية المعارضين بالخارج، بل ومن أطلقت عليه بعض الصحف البريطانية في ثمانينيات القرن الماضي لقب ''مبعوث الموت''، هارب الآن إلى لندن، المدينة التي شهدت إحدى جرائمه, وهي تصفية محمد مصطفى رمضان.