معوقات عمل المرأة في السعودية والحلول

تشكل البطالة المنتشرة بين النساء في السعودية، هاجسا وقلقا، بالنسبة للقائمين على معالجة ملف البطالة في المملكة؛ لكون معدل البطالة بين السعوديات يسلك اتجاها تصاعديا، حيث قد بلغ معدل البطالة بين المواطنات الإناث في السعودية في عام 2007، (26.6 في المائة)، ثم ارتفع في عام 2008 ليصل إلى (26.9 في المائة)، وواصل الارتفاع في عام 2009، ليصل إلى (28.4 في المائة)، والذي يمثل نحو أربعة أضعاف ما هو عليه معدل البطالة بين الشباب، الذي بلغ نحو 6.9 في المائة خلال عام 2009.
من بين الأسباب التي أسهمت في تفشي البطالة بين النساء في المملكة، الزيادة المطردة في أعداد المواطنات السعوديات في السعودية خلال السنوات القليلة الماضية نسبة إلى إجمالي عدد السكان في المملكة، حيث قد بلغ عدد الإناث في السعودية نحو 9.2 مليون مواطنة أو ما يعادل نحو 49.1 في المائة من إجمالي عدد السكان السعوديين في المملكة، والبالغ عددهم 18.7 مواطن ومواطنة وفقا لآخر إحصاء أجرته السعودية في عام 2010.
من بين الأسباب أيضا، التي أسهمت في ارتفاع معدل البطالة بين الإناث في السعودية، ضيق ومحدودية فرص ومجالات العمل المتاحة للمرأة في السعودية، والتي إلى حد كبير تكاد أن تكون محصورة بشكل كبير في قطاع التعليم الحكومي، حيث تشكل نسبة الإناث اللاتي يعملن في ذلك القطاع نسبة 84 في المائة، في حين تشكل نسبة مشاركتهن في القطاع الصحي الحكومي نحو 4.7 في المائة.
إن تدني نسبة مساهمة المرأة السعودية في إجمالي قوة العمل والبالغ قوامها 8.6 مليون فرد، حسب فئات العمر والجنس (15 عاما فأكثر)، والتي لا تزيد على 5.9 في المائة، قد أسهم أيضا في انتشار البطالة بين النساء السعوديات، وفي ضعف مشاركتهن في القطاع الخاص، التي لا تزيد على 2.02 في المائة.
إن تعثر تنفيذ عدد من القرارات الحكومية المهمة والحيوية، التي استهدفت توسيع مجالات عمل المرأة السعودية في القطاع الخاص، والتعزيز من مساهمتها في سوق العمل، قد أسهم كذلك في زيادة معدلات البطالة بين النساء، حيث على سبيل المثال، أدى تعثر تنفيذ القرار الشهير 120، وبالذات الفقرة الثامنة من القرار، التي نصت على قصر العمل في محال بيع المستلزمات النسائية الخاصة على المرأة السعودية، إلى تعطيل جهود الحكومة الرامية إلى توظيف أعداد كبيرة جدا من النساء، ولا سيما في ظل انتشار محال بيع المستلزمات النسائية في مناطق ومدن المملكة كافة، وإمكانية استيعابها للنساء الراغبات في العمل في مجال بيع المستلزمات النسائية.
ورقة عمل قدمت في ندوة بعنوان: ''رؤية مستقبلية للحد من البطالة لخريجات الجامعات''، التي عقدت في جامعة الملك سعود برعاية الأميرة حصة بنت طراد الشعلان، حرم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلال الفترة من 14 إلى 15 آذار (مارس) من العام الجاري، حددت عددا من العوامل التي تسببت في انتشار البطالة في السعودية وبالذات بين النساء، التي من بينها على سبيل المثال، عدم مواءمة العرض من القوى العاملة لاحتياجات سوق العمل، وارتفاع أجور العمالة الوطنية مقارنة بمستوى الإنتاجية، وثقافة العمل الحكومي السائدة في السعودية، والتي أسهمت في تفضيل المواطنين للعمل في القطاع العام؛ مما تسبب في حدوث حالة من التشبع في القطاع الحكومي بالعمالة الوطنية، وجعل إمكانية الاعتماد على القطاع الحكومي، في حل مشكلة البطالة، سواء المنتشرة بين الذكور أو التي تنتشر بين الإناث في المملكة أمرا يكاد أن يكون شبه مستحيل. للتغلب على مشكلة البطالة بين النساء في السعودية، فإن الأمر يتطلب القيام بالخطوات التالية:
- توسيع مجالات عمل المرأة في سوق العمل، من خلال تفعيل القرارات الحكومية المعطلة مثل قرار رقم 120 وغيرها، إضافة إلى استحداث فرص عمل جديدة للنساء، تتناسب مع طبيعتهن وفطرتهن، مثل العمل في مجال الاستشارات، وفي مجال تصميم الأزياء، والديكور المنزلي، والفنون الجميلة، وصوالين التجميل، وإلى غير ذلك.
- حصر احتياجات سوق العمل من التخصصات العلمية المطلوبة، ومواءمة مخرجات التعليم مع تلك المتطلبات، بما في ذلك استحداث تخصصات علمية جديدة تتواكب مع احتياجات سوق العمل المستقبلية.
- رفع كفاءة الكوادر النسائية السعودية المهنية والفنية، من خلال استحداث مراكز تدريب وطنية، تعمل على التعزيز من القدرات الفنية والمهنية للداخلات الجدد إلى سوق العمل بما يتوافق مع احتياجات السوق.
- تنمية وعي المجتمع بأهمية عمل المرأة، وضرورة مساهمتها جنبا إلى جنب الرجل في المسيرة التنموية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، ولا سيما أن عمل المرأة في الوقت الحاضر، أصبح بالنسبة إلى عدد كبير من النساء السعوديات، أمرا تفرضه الحاجة والظروف المعيشية السائدة، وبالذات في بلد مثل المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بمستوى حضاري ومعيشي متقدم للغاية، يتطلب توفير مستوى مرتفع من الدخول.
- تركيز الجهود على إنشاء منشآت صغيرة ومتوسطة نسائية؛ لكون هذا النوع من المنشآت قادرا على استيعاب أعداد كبيرة من العمالة النسائية.
- تعزيز ثقافة الاستثمار لدى النساء السعوديات، وتشجيعهن على إقامة المشاريع التجارية والاستثمارية، التي تسهم في خلق فرص عمل للمرأة.
- تطوير آليات التعامل مع مشكلة البطالة النسائية في بلادنا، من خلال استحداث قاعدة معلومات دقيقة عن الباحثات عن العمل، ومطابقتها مع احتياجات السوق من العمالة النسائية.
- ابتكار أساليب فرص عمل جديدة وخلاقة، تسهم في توسيع مجالات عمل المرأة السعودية، مثل العمل من المنزل، والعمل عن بعد، والعمل الجزئي، وتسخير التقنيات والتكنولوجيا الحديثة لخدمة هذا التوجه.
- محاكاة تجارب ونماذج سعودية ناجحة في مجال سعودة الوظائف النسائية، مثل تجارب النماذج الناجحة، في القطاع المصرفي، وفي قطاع الإعلام، وبالغرفة التجارية الصناعية في جدة وفي المنطقة الشرقية.
- خفض سن التقاعد الحالي في القطاعين العام والخاص للمرأة العاملة، إلى عمر مناسب يسمح بدخول أعداد جديدة من النساء إلى سوق العمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي