يفتح المجمع الفقهي السعودي ـــ الذي أمر الملك عبد الله بإنشائه ـــ مساحة كنا في أشد الحاجة إليها. فالمجمع الفقهي يمثل محطة لقاء مفتوحة لكل الرؤى والأفكار التي يحملها علماء هذا الوطن من شرق هذه البلاد إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.
هذا الأفق المضيء الذي يفتحه مجمع الفقه الإسلامي يأتي مكملا لما تقدمه هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء. لكن دور المجمع الذي يمكن استشرافه يمكن أن يعطي رؤية أكثر اتساعا، بحيث يغدو محطة تتلاقى من خلالها أطراف الطيف، فيغدو هذا اللقاء ملمح ثراء يمكن من خلاله تعميق اللحمة، ووضع الرؤى التي يتشارك فيها كل العلماء، من أجل وطن يباهي بوحدته التي تمثل معلما تاريخيا متميزا، وسط سلسلة من الخيبات العربية المتلاحقة.
والشيء اللافت أن الأمر الملكي جاء مفتوحا بعبارة شديدة المرونة تتعلق بشأن إعداد الدراسة في غضون خمسة أشهر، وهي الدراسة التي تضطلع بها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ووزارة العدل وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء.
العبارة الواردة في منطوق الأمر الملكي تتحدث عن اقتراح تنظيمه ـــ أي مجمع الفقه السعودي ـــ على ضوء ما أشير إليه (وما يستجد من نظر واستطلاع).
هنا يمكن أن نلمح تلك الرؤية التي تضع عينها على خارطة الوطن الممتدة، وعلى الأطياف التي تثري هذا الوطن، والكفاءات الفقهية التي تحدد مرجعياته.
هذا المجمع، عندما ينطلق، سيأتي مترجما لتطلعات الملك عبد الله، الذي أسس أبجديات الحوار الوطني، وكرس قواعد تلاقي أطراف الجسد الواحد، حتى غدا الوطن والمواطن وقيادته هو الخط الأول، الذي لا يمكن لأي مخلص أن يزايد عليه، أو يشكك في ولائه، أو يتجاوز خياراته، ليترجم أجندات ورؤى غير وطنية.
