فوق هام السحب

ما من نعمة إلا والحمد لله أفضل منها، فاللهم لك الحمد أن مننت علينا بشفاء قائدنا ورائد نهضتنا، فعاد إلينا طهوراً ونوراً، وشفاء وسروراً، أطل علينا والوطن ينتظر طلته بلهفة واشتياق وحب وفاء, فلم يغب عن القلوب منذ غادر الوطن، ولم ينقطع له الدعاء حتى اكتملت فرحتنا بشفائه، وحدثنا السعيد بقدومه، فكان عوداً حميداً، ومناسبة غالية لدى أبناء شعبه الذين أحبوه وخرجوا لاستقباله وتهنئته بعد رحلة علاجية تكللت ـــ ولله الحمد ـــ بالنجاح.
لقد كان رائعا وبهيجا ذلك الاستقبال .. وأروع ما فيه تلك الجموع الغفيرة التي اصطفت على جنبات الطريق بعفوية لاستقبال والدها وحبيبها خادم الحرمين الشريفين ولتعبر له عن حبها وفرحتها بعودته الميمونة .. كل ذلك دون ترتيب أو تنسيق يذكر.. كل ذلك لأن عبد الله بن عبد العزيز حاضر في قلوبهم ومشاعرهم، تماما كما هم حاضرون في قلبه ومشاعره.
عاشت المملكة في ذلك الاستقبال أجواء احتفالية رائعة، فكان الأمس القريب استفتاء عفوياً على حب أبناء الوطن لملكهم وحب الملك لهم، ففي المطار كانت صورة استقبال الملك المفدى مختلفة جداً، ازدحام كبير، واختلاط بين الشعب والقيادة، في اصطفافية مبهرة مبهجة، وللأعداء مغيظة مقهرة، وعلى جنبات الطريق ينتشر شباب الوطن، وإرادياً يقفون في الشمس لساعات طويلة حباً ووفاءً وولاءً لهذا الرجل الذي نذر وقته وجهده وصحته للوطن الغالي ولهم. صورة تجلى فيها الشعب السعودي الأبي وهو ملتحم بالقيادة والقيادة ملتحمة به، ولا يمكن لنا أن نشاهد مثلها أبداً إلا في مملكة الخير والإنسانية.
بالأمس القريب توالت المكارم، وانهالت العطايا إذ لم يترك أبو متعب ـــ حفظه الله ـــ جهة أو قطاعاً إلا ودعمه بما يستحقه. لم يدر في خلد الكثير من المراقبين الاقتصاديين والمحللين السياسيين أن مكرمة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين ستشمل الجميع، إلا أن مقدمها له قلب كبير، وشمائل كريمة تجلت بوضوح في مكرمته بهذه المناسبة الغالية التي شملت كل أطياف المجتمع السعودي، فدعم هيئة الإسكان وصندوق التنمية العقاري، كما دعم القروض والجمعيات الثقافية والاجتماعية والخيرية، ولم ينس الموظفين أيضاً فدعمهم دعماً هو في رأيي من نوع آخر، وبطريقة إبداعية مبتكرة، يشمل الجميع ويحفز على الإبداع.

على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وللشباب مع القائد وقفة .. دعم وإصلاح وتطوير, ولقد تجلت في هذه المكرمة شخصية عبد الله بن عبد العزيز الأب العطوف، والوالد الحاني, وذلك من خلال دعمه إنشاء لجنة عليا تقدم تقارير دورية متواصلة أسبوعية تضمن التوظيف لشباب الوطن من خلال برامج ممنهجة، وقد أمر بدفع إعانات توظيف شهرية لمن لم يوظف حتى يجد وظيفة مناسبة تضمن له رغد العيش، فمساعدته الشباب العاطلين إلى أن يتم توظيفهم طريقة ناجعة أعتقد أنها نظرة شمولية دقيقة من رجل يحمل الهم ويعيش المسؤولية، لم تنته المكرمات حتى شملت الموظفين في جميع البنود لتصل إلى التوظيف الكامل للشباب والذي يضمن لهم الأمن الوظيفي والاستقرار النفسي. فالتوظيف والمهارات والابتعاث وغيرها من قضايا التنمية البشرية كانت ولا تزال محل اهتمام القيادة الرشيدة التي تسعى إلى الرقي بالوطن، وتحقيق الرفاهية لأبنائه وأجياله من خلال عنصره البشري، المحرك الأول والأساس للتنمية البشرية.
لم تكن هذا المكرمة الشاملة مستغربة من ملك كان وطنه حاضرا في أحاسيسه حتى وهو على سرير مرضه، لم يكن هذا مستغربا من رجل بهامة عبد الله بن عبد العزيز الملك المحب لوطنه خاصة ولأمته عامة، فعطاءاته ومكارمه ساكنة في وجدان ومشاعر شعبه، وإنجازاته الحضارية والإنسانية سيسجلها التاريخ في صفحاته تقديرا ووفاء، وهي بداية الخير وسيتبعها خير غدق، وإصلاح كبير يسهم في تنمية الوطن ورفاهة المواطن، وكما يقال أول الغيث قطرة.
لقد أكدت المكرمة الكريمة حب القيادة لشعبها وحب الشعب لقادته، بل نحن نجزم بمتانة هذه العلاقة وقوتها، ومن يشك في هذا فليعاود النظر إلى تلك الجموع التي خرجت لاستقباله من خلال شاشة التلفزيون السعودي أو الوسائل الأخرى ليرى هبتها الطبيعية التي جسدت التلاحم الحقيقي بينها وبين قادتها .. أدام الله عز القيادة التي لم تفتأ تعمل للإسلام, الذي هو ديدنها منذ عهد الملك المؤسس وسار عليه من بعده أبناؤه البررة.
لك الله يا صاحب القلب الكبير أسأله سبحانه أن يلبسك لباس العافية وأن يغدق عليك نعمه الظاهرة والباطنة. ونظراً لضيق المساحة المتاحة أضطر هنا للتوقف على أمل اللقاء بكم في الأسبوع المقبل في قضيتين مؤرقتين للملك وللوطن، هما قضية السكن وقضية التنمية البشرية, ومن المؤكد أنهما في حاجة إلى أن نسهم جميعاً في إيجاد حلولها الجذرية والشاملة، سنتطرق لهما في المقال القادم.
أدام الله الوطن شامخاً عزيزاً وحفظه من كل مكروه وحقد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي