Author

هل من قانون لمنع الأبواق المزعجة وضجيجها؟

|
وصلت مرحلة الإزعاج التي تسببها كثرة استعمال الأبواق ( البواري) (أو طيط طاط) إلى مرحلة من الإزعاج لما تسببه من القلق والضجر النفسي، سواء داخل الأحياء التي يقطنها أطفال وعجزة ومرضى ما إن يجدوا فرصة للنوم إلا يأتي من ينغص عليهم بإطلاق الأبواق لأتفه سبب, أو على الطرق, خاصة التقاطعات. فما إن تفتح الإشارة أو حتى قبل ذلك تبدأ سيمفونية من العزف الجماعي للأبواق والشتم المخفي. وفي معظم مدن العالم يمنع استعمال الأبواق, ويوجد قانون يطبق المخالفات على من يستعمل الأبواق, والبعض الآخر يمنع استعمالها من دون سبب ضروري أو طارئ. والسبب أن تلك الدول تعنى بمواطنيها وعدم إزعاجهم أو تسبب إصابتهم بالأمراض النفسية والعصبية من تلك الأبواق وإزعاجها. في الكثير من الدراسات هناك ما يؤكد ذلك بل إن بعض الدول تقدر أن هناك خسائر يتكبدها المجتمع تصل إلى مئات الملايين. انتشرت المطاعم والمقاهي في المدينة وأصبحت متنفسا للسكان للتلاحم الاجتماعي والتنفيس عن الهموم ورؤية الأصحاب, لكن تلك المقاهي, خاصة التي تطل على الطريق أصبح الحديث فيها متعبا ومزعجا نفسيا. بسبب ارتفاع أصوات الأبواق حولها. والأسوأ هو استعمال بعض الأفراد وسائل أخرى للإزعاج مثل الفرقعة التي تصدرها بعض سيارات المراهقين وكأنها دوي انفجار يرهب ويزعج الناس. أو تعديل بعض عوادم السيارات والدراجات النارية (الدبابات)، لتصدر أصواتا مزعجة طوال فترة سيرها ليعم إزعاجها الجميع. فهل لهم الحق في إزعاجنا وأين حقوقنا. وكيف نسأل عن الحرية والديمقراطية والمسؤولية ونحن لا نحترم حريات غيرنا أو حريات بعضنا؟ قد نكون من البراعة والتقدم بمكان إلا أننا قد نكون أكثر براعة في اختراع لهجات حديثة للتخاطب فيما بيننا, وهي الأبواق. ويتضح لي أن الأجيال القادمة ستفاجأ بأن اللجهات المحلية التي سيعايشونها قد تغيرت عما نحن نمارسه الآن! فقد أصبحت لدينا لهجة ''طاط طيط'', وهي لهجة حديثة بدأنا في تطويرها وبعد فترة ودون أن ندري أصبحت وسيلة للتنفيس أو شد الأعصاب أو الشتيمة أو التحية. ''طيط طاط'' أصبحت أيضا منتشرة, خاصة أثناء قيادة السيارة. فتسمع أنواع المفردات أو العبارة. ''طاط'' أهلا، وطاط طاط طاط يعني أبعد عن دربي هذا طريق ملكي أو ملك القبيلة. وطاططيط طاط يعني أنا مبسوط. بل أصبح هناك نوع من الإبداع الموسيقي في مد وإطالة النغمة أو تخفيف الصوت لتصبح لها معان كثيرة مثل طاط طويلة يعني ولعت الإشارة يا ...! الإزعاج السمعي هو إحدى مشكلات النقل والمرور في المدن ومعظم دول العالم تمنعه. وهو إحدى أهم مشكلات النقل داخل المدن, فمشكلات النقل الرئيسية هي الاختناقات المرورية والازدحامات ثم الحوادث ثم التلوث. والتلوث السمعي لا يقل أهمية عن التلوث البيئي، ويجب أن نضع له حلولا. وتقدر بعض الدول أن ما يسببه الإزعاج أو التلوث السمعي بالملايين. فهو قد يكلف الدولة لعلاج المرضى مئات الملايين وقد بسبب توقف العامل والموظف عن العمل أو إنهاء مكالمة أو التحدث لعميل بعض الدقائق التي لو جمعناها لعدد سكان المملكة لأصبحت مئات الساعات من تعطل العمل وهي تكلفة اقتصادية. كما أن لها تكلفة اجتماعية قد تسبب الأمراض العصبية وتؤدي إلى تفكك الأسر وكثرة المنازعات. وفي دراسة لمدينة سانتياغو في تشيلي, التي عدد سكانها يقارب عدد سكان مدينة الرياض، وجد العلماء أن الإزعاج السمعي يكبد المدينة والاقتصاد والمجتمع خسارة بقدر 300 مليون دولار سنويا (أكثر من مليار ريال). ويبدو لي أننا لا نشعر بمدى الخسارة لدينا, لكنها قد تكون أكبر وبالمليارات. إنها عادة سيئة وتصرف أحمق تمنعه جميع الدول فمتى نحمي مجتمعنا واقتصادنا الوطني من تلك الخسائر. ومتى نرى قانونا يمنع استعمال الأبواق؟ وإذا كان موجودا فلماذا لا يفعل ويكون محورا لحملات المرور، وأن يتم وضع حملة إعلانية وإعلامية للقضاء على تلك الظاهرة غير الحضارية والمسيئة لمجتمعنا ومدى تحضرنا.
إنشرها