ظهور أول محفظة لإدارة الأصول الإسلامية يـلغي نظرية «الصنارة»

ظهور أول محفظة لإدارة الأصول الإسلامية يـلغي نظرية «الصنارة»
ظهور أول محفظة لإدارة الأصول الإسلامية يـلغي نظرية «الصنارة»
ظهور أول محفظة لإدارة الأصول الإسلامية يـلغي نظرية «الصنارة»

تتهم إدارة الأصول الإسلامية دوماً بأنها ارتجالية وعشوائية لا تحكمها قواعد واضحة، وأنها في بعض الأحيان هي أبعد ما يكون عن تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية. ويشبه المحلل جون سندويك هذا الوضع بالصنارة التي يلقيها صاحبها وليس عليه إلا أن ينتظر ما سيعلق بها وتخرج به، دون أن يكون لديه أي تصور عن هذا المجهول.

وأعلن الباحث أنه ـــ بمساعدة الباحث توم بولسون ـــ نجحا عبر دراسات مكثفة في وضع محفظة إسلامية لإدارة الأصول المتوافقة مع الشريعة، تقضي تماماً على حالة العشوائية التي طالما اتهمت بها إدارة الأصول والثروات الإسلامية.

جون سندويك بالاشتراك مع توم بولسون
#2#
لا ترتبط كافة الأنشطة التي تصنف تحت إدارة الأصول الإسلامية أو إدارة الثروات الإسلامية في الغالب بنظيرتها التقليدية. ففي الأولى يكون الإصرار كبيراً على أن يكون الناتج وليد فتوى، ثم يتم «إلقاؤه» في السوق في انتظار ما سيعلق به. فهي منتجات في أغلبها عشوائية غير منظمة ولا يوجد لديها ما تقدمه بما يسمى احترافياً بإدارة الأصول.

ويحلو للبعض تسمية هذا الأمر بنظرية «الصنارة» التي تلقى في المياه دون أن يعرف ملقيها مسبقاً ما ستأتي به Throw It and See What Sticks.

وتفترض تلك النظرية أن المستثمر لا يبحث عن تطوير فرصه في الحصول على مدخرات من خلال استثمار منظم. وبدلاً من ذلك يقوم المستثمر بشراء استثمارات من البنك الذي يتعامل معه بشكل تلقائي. وبتوسيع النظرية يمكن القول إن المستثمرين المسلمين لا يهتمون بتخطيط وتنفيذ برنامج يعتمد على ممارسات استثمارية حديثة وعالمية، بل يلجأون لخليط غير متجانس من الاستثمارات بطريقة عشوائية. وتفترض النظرية أن المسلمين يهتمون بتطبيق الإسلام في شتى مناحي الحياة إلا فيما يتعلق باستثماراتهم.

ومن الملاحظ أن أتباع تلك المدرسة يشغلون حيزاً كبيراً من السوق المصرفية، سواء في البنوك الخاصة أو فروع إدارة الأصول في بعض البنوك الغربية والعربية في المنطقة. وقد أكد عدد من المصرفيين أن العملاء المسلمين لا يفضلون الاستثمارات الإسلامية، وأن البنوك التي يعملون فيها جربت طرح صندوق استثمار إلا أنه لم يلاق إقبالاً. وأشاروا إلى أن البنوك تخشى الاستثمار في مجال لا تفهمه.

ومما يدعو للاستغراب أن هذه النظرية لا تطبق إلا في أسواق إدارة الأصول الإسلامية؛ ففي بقية الأسواق العالمية توجه البنوك العملاء إلى خدمات محددة “سندير الأصول الخاصة بك طبقاً لنظرية المحفظة الحديثة بما يحقق لك أفضل النتائج”.

مؤسسات إدارة الأصول

تعد نظرية المحفظة الحديثة بمثابة حجر الأساس في إدارة الأصول في العالم، وبكل المقاييس فهي الأنسب لإدارة الأصول الإسلامية. (وهي العلاقة ما بين العائد المتوقع للاستثمار وبين مستوى المخاطرة، وكيفية استخدام التنويع للوصول إلى العائد المتوقع الأمثل ضمن مستوى مخاطر معين). وتوضح كيف أن مدير الأصول يفحص وضع العميل سواء أكان فرداً أم مؤسسة من خلال خريطة طريق للاستثمار، وهو ما يوضح كماً وكيفاً الاستثمار الأنسب للعميل. ومن خلال وضع العميل يمكن تحديد استراتيجية الاستثمار التي تحقق للعميل الأهداف التي يرمي إليها. ويتم ربط تلك الاستراتيجية بنموذج توزيع الاصول، وهناك أربعة تصنيفات للأصول: النقد (سوق المال)، والدخل المحدد، والأسهم، والاستثمارات البديلة (ويقصد بها صناديق العقارات وغيرها مما يصعب وضعه في التصنيفات السابقة). وهذه التصنيفات تعد انعكاساً للمخاطر؛ فالنقد والدخل المحدد يعدان أقل مخاطر نسبياً، بينما الأسهم والاستثمارات البديلة أعلى مخاطر. وكلما ارتفعت مخاطر الأصول، زادت مخاطر المحافظ والعكس صحيح.

وتشير دراسات عديدة إلى أن نجاح أو فشل الاستثمارات يرتبط بالقرارات «الكبيرة» macro decisions التي يتخذها مدير المخاطر. ويقصد بتلك القرارات تلك التي تتحكم في طبيعة الاستثمار، وهي تختلف عن قرارات أصغر مثل قرار شراء “نوكيا” أو “موتورولا”، الشراء يوم الجمعة أم السبت. ففي أداء الاستثمارات لا يكون لاختيار السندات وتوقيت الاستثمار تأثير كبير. اما القرارات المقصودة فهي تلك التي ترتبط مثلاً بتوجيه المحفظة للنقد والدخل المحدد والابتعاد عن الاستثمارات ذات المخاطر العالية. أو الاختيار بين الاستثمار في أسهم الاتصالات أو أسهم الموارد الطبيعية.

مؤسسات إدارة الأصول الإسلامية

تستخدم نظرية المحفظة الحديثة في إدارة الأصول في كافة القطاعات ما عدا الاستثمارات المطابقة للشريعة، على الرغم من أنه لا توجد اختلافات حيوية بين إدارة الأصول التقليدية والإسلامية سواء كان العميل فرداً أو مؤسسة.

إن الخطوات المتبعة لما يطلق عليه إدارة الأصول تتلخص في: (1) دراسة وضع العميل. (2) اختيار استراتيجية الاستثمار. (3) نخصيص الأصول. (4) اختيار السندات. (5) مراقبة الاستثمار وإعادة توازنه.

ويلاحظ أن الاختلاف بين إدارة الأصول التقليدية والإسلامية يظهر في الخطوة الرابعة المتعلقة باختيار السندات security selection. ويكمن الاختلاف في اختيار أصول عالية الجودة ومؤهلة تكون على درجة مقبولة من موافقة أحكام الشريعة.
#3#
ولحسن الحظ أن مجتمع المصرفية الإسلامية يقدم بدائل شرعية للتصنيفات الموضوعة للأصول: فالمرابحة تعادل النقد، والصكوك في مقابل الدخل المحدد، والأسهم التي توافق أحكام الشريعة تعادل الأسهم، وهناك عديد من البدائل المتوافقة مع الشريعة كما هو الحال في الاستثمارات التقليدية.

ويمكن أن نخلص إلى أن الاستثمار الإسلامي يقدم أيضاً استراتيجيات الاستثمار الثلاث وتصنيفات الأصول الأربعة الموجودة في الاستثمار التقليدي على النحو التالي: إذا أراد مدير أصول أن يقبل تفويض استثمار من عميل يرغب في الاستثمار طبقاً للشريعة فإن المدير سيصمم تخصيص محفظة بالمعدلات نفسها المستخدمة للعملاء الآخرين.

الصناديق المطابقة لأحكام الشريعة

يرى البعض أن المستثمرين المسلمين مثلهم مثل غيرهم في الحاجة إلى مدخرات منظمة جيدة التخطيط. وهذه الطبيعة البشرية لا يختص بها أصحاب عقيدة أو عنصر أو جنس معين.
وقد تم فحص اختيار السندات فيما يتعلق بإدارة الأصول، وهو العنصر الذي يحتاج إلى خلفية شرعية. وكي يتم هذا لا بد من تسليط الضوء على عالم الأصول الإسلامية كي يتم تحديد عدد صناديق الاستثمارات التي تحقق المعايير الدولية لإدارة الأصول، وفي الوقت نفسه ترضي الجانب الروحي للعميل بمطابقتها الشريعة.

ولا يمكن بحال أن تتم إدارة أية أصول من أي نوع بدون أدوات بيانات، وهذه الأدوات تتوافر بعدد كبير في عالم إدارة الأصول التقليدية؛ ومنها «بلومبرج» و»مورننج ستار» و»رويترز»، وغيرها. وتتضمن كل منها مكونات إسلامية، قاعدة بيانات تلبي احتياجات المستثمرين المحترفين من المعلومات المتاحة في عالم الأصول الإسلامية. إلا أن جميع تلك الخدمات لديها قوائم غير مكتملة للسندات الشرعية التي تناسب المستثمر المتوسط، وكذلك الأكثر ثراءً. ويلاحظ أن أغلبية المستثمرين يجدون تلك القوائم غير مستعملة في إنشاء محافظ متنوعة في أنواع الأصول كافة.

ويرجع هذا إلى أن أغلبية الاستثمارات تبنى على أساس صندوق الصناديق funds-of-funds. وعند ملاحظة التخصيصات الحقيقية في صناعة المصرفية الخاصة في سويسرا ـــ على سبيل المثال ـــ يتضح أنه لا وجود لحسابات أصغر يتم استثمارها بشكل مباشر في سندات فردية. وتقدر الحسابات الأصغر بعشرات ملايين الدولارات، إذ إن العملاء الذين تقدر حساباتهم بـ 50 مليون دولار أو أقل يسمون عملاء صغارا.
وتختلف معايير الصغر من بنك لآخر أو من مدير أصول لآخر؛ إلا أن المفهوم يبقى كما هو كالتالي:

(1) لا يمكن للمديرين أن يكرسوا استثماراً محدداً باهظ التكلفة لكل حسابات العملاء على حدة.

(2) لا يعتمد نجاح أو فشل الاستثمار على اختيار السندات وإنما على القرارات الاستثمارية الأكبر وهو ما يمكن الوصول إليه من خلال صندوق الصناديق.

(3) تعد موارد وحدات إدارة الأصول سواء في البنوك أو شركات الاستثمار محدودة. ومن ثم فلا يمكن لمدير أن يدعي الكفاءة الاحترافية في كل أسواق الأصول لكل الوقت، وهو الأمر الذي يولد الحاجة لمديرين لصناديق محددة. وتسود مخصصات صناديق الصناديق في عالم إدارة الأصول؛ فحتى صناديق المعاشات التي تقدر بمليارات الدولارات، وكذلك الأوقاف تستخدم الصناديق في عديد من مخصصاتها، إلا أن هناك عدداً قليلاً من كبار المستثمرين يقومون بشراء سندات مباشرة لكل مخصصاتهم. ومن بين أكثر من 3 ملايين سند قابل للاستثمار في شتى أنحاء العالم تسيطر الصناديق الاستثمارية على عملية تخصيص إدارة الأصول. وذلك أن تلك الصناديق تتميز بالتخصص في بيئات جغرافية مختلفة وصناعات وسندات مختلفة.

تجدر الإشارة إلى أن الصناديق التقليدية تعد سوقاً ثرية ومتسعة،ً فبنهاية 2009 كان هناك 65 ألف صندوق استثماري حول العالم، وتدير تلك الصناديق أصولاً تقدر بـ 23 تريليون دولار.

ولكن ماذا عن الصناديق الاستثمارية الإسلامية؟

هناك 830 صندوقاً استثمارياً و82 مليار دولار في أصول تحت الإدارة. وهناك دراسات تشير إلى أرقام أقل، إذ تقدر عدد الصناديق بـ 750 تدير 52 مليارا فقط. وفي كل الحالات يعد حجم الصناديق الإسلامية متواضعاً إلى حد كبير؛ إذ لا يمثل سوى 1.3 في المئة من الصناديق التقليدية، و0.36 في المئة من الأصول التي تتم إدارتها.

ولا تتاح أغلبية الصناديق الإسلامية للمستثمرين المحترفين لأنها لا تحقق المعايير الاحترافية. كما أنها تحتاج في هذا الإطار إلى مراقبة ووجود «فلاتر» من شأنها ضمان مطابقة تلك الصناديق للمعايير. وإذا ما تحقق ذلك فإن عدد الصناديق الإسلامية سيتقلص إلى 99 بقيمة 30 مليارا فحسب، وهي الصناديق التي تطابق المعايير الاحترافية.

وبهذه الأرقام المتواضعة يتبادر إلى الذهن سؤال: هل يمكن بهذه الأرقام أن نحصل على إدارة أصول احترافية للعملاء الذين يسعون إلى الحصول على استثمارات مطابقة للشريعة؟ والإجابة باختصار هي: نعم. حيث توجد إمكانات تؤهل لتلبية احتياجات العملاء من ناحية الاحترافية والمعايير الدولية والتوافق مع الشريعة.

النتائج الأولية: أول محافظ إسلامية

في محاولة عمل قاعدة بيانات للصناديق الموافقة للشريعة في نهاية 2008 كان عددها قليلاً؛ إلا أنها كانت آخذة في النمو بطريقة سريعة. وعلى سبيل المثال فقد كان عددها في 2007 لا يتجاوز 160. ومع الأزمة العالمية أصابتها حالة من الجمود حتى أنه لم يطرح سوى صندوقين في 2009.

وفي بداية 2009 قام المؤلف ومساعده باستخدام أدوات المراقبة والتصفية للصناديق التقليدية، مع إضافة المطابقة للشريعة. وتم إعداد ما يمكن أن يطلق عليه أول نماذج تخصيص أصول مطابقة للشريعة. وتعد تلك الخطوة بمثابة إعلان عن بدء ظهور ما يسمى بإدارة الأصول والثروات الإسلامية.

وقد أظهرت النتائج أن المخصصات الإسلامية لها 24 في المئة بمعامل اختلاف إيجابي عن المعدلات العالمية التقليدية. وتعد تلك النتائج مهمة بكل المقاييس ولكل مديري الأصول. وقد ظهر هذا الأداء خلال أوقات عصيبة اقتصادياً، وكان مؤشر الوقت من يناير 2006 إلى ديسمبر 2008، قد تضمن إحدى أصعب الأزمات المالية في التاريخ الحديث. وتسببت الأزمة في تردي تقديرات الأصول حتى بلغت 90 في المئة أو أكثر.

وقد تميزت المخصصات السابقة بالتنوع، حتى أن الاستثمار كان يشمل تصنيفات الأصول الأربع. كما أنها جاءت في ظل محافظ استراتيجية الاستثمار المتوازن Balanced investment. ولكن مع مزيد من الدراسة وجد أن المخصصات الأولية ضعيفة في بعض الجوانب المستخدمة لتنقية وتأهيل الصناديق الاستثمارية. كما وجد ضعف في التنوع، وهو ما يعد من المخاطر المركزة. ومن نقاط الضعف استخدام الوكالة proxy في الدخل المحدد في معظم الأوقات التي تم خلالها قياس النتائج. وهناك نقطة ضعف تتعلق بالمبالغة في تقدير حجم الاستثمارات في الأسواق الناشئة العالمية والعربية.

وأشارت النتائج بوضوح إلى أن الطرح القائل إن إدارة الأصول الإسلامية يمكن أن تكون مساوية إن لم تتفوق على الاستثمارات التقليدية ـــ يعد طرحاً له من الوجاهة نصيب.

اختبارات لاحقة لنموذج المخصصات الإسلامية

بدأ الباحثان العمل في مجموعة من نماذج محافظ المخصصات الإسلامية في 2009. وكانت البداية بعمل قاعدة بيانات عالمية حديثة للأصول الإسلامية، ثم العمل على تصنيفها وتصفيتها باستخدام الأدوات التقليدية، إضافة إلى الأدوات المطابقة للشريعة التي تم التوصل إليها سابقاً.

ويعد إنشاء قاعدة بيانات محدثة في حد ذاته عملاً فريداً، حيث لم يسبق أحد لهذه المبادرة. وقد تضمن البحث تسمية أية سندات قابلة للاستثمار تضم في ألفاظها التعريفية مصطلحي «صندوق» و»إسلامي». ولكن الأمر لم يكن بالسهولة التي يبدو عليها؛ فهناك المئات من المنتجات الاستثمارية ظهرت في 2002 متواكبة مع إطلاق عشرات البنوك التي حملت اسم «إسلامية» في منطقة الخليج العربي.

وقد رفض أحد تلك البنوك على سبيل المثال أن يكشف عن اية بيانات عن الصناديق الخاصة به سواء أكانت تقليدية ام إسلامية، بدعوى أن تلك المعلومات لا يحصل عليها إلا العملاء فقط. وفي حالة تلك البنوك اضطر الباحثان لحذف كل الصناديق التابعة لها من قاعدة البيانات التي يتم إعدادها. كما أن عدداً من الصناديق لم يكن لها توصيف استرشادي، مما تسبب في نوع من الارتباك لدى الباحثين، وكذلك لدى المستثمرين الراغبين في الحصول على معلومات عن تلك الصناديق. وشعر الباحث بالارتياح للعثور على صندوق صكوك نظراً لندرة صناديق الدخل الثابت بين الصناديق الإسلامية. إلا أنه بالتقصي وراء طبيعة هذا الصندوق وجد أنه عقاري ذو توقعات مخاطر عالية لا تمت لمفهوم الصكوك بصلة.

وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن 99 صندوقاً إسلامياً فقط تطابق المعايير العالمية ـــ كما ذكر سابقاً. ولكن على الرغم من ضآلة الرقم والمخاطر ذات الصلة، إلا أن هذا يمثل الحد الأدنى اللازم لتكوين محافظ متوافقة مع الشريعة. كما أن المخاطر في كثير من حالاتها لا يمكن قياسها أو أنها تكون صعبة في قياسها. وعلى سبيل المثال: ما المخاطر الإضافية التي يمكن أن تقابل صندوقاً قيمته 90 مليون دولار لأصول تحت الإدارة إذا كان مجال الاستثمار يمنع الصناديق الأقل من 100 مليون دولار؟ وما المخاطر الإضافية التي يمكن أن يواجهها من يشتري صندوقاً ذا سجل تتبع 3 سنوات مقابل المعايير الموضوعة بألا تقل تلك المدة عن 5 سنوات؟ وهي أسئلة لم يجب عنها أي من مسؤولي المخاطر في إدارة الأصول.
إن مدير الأصول الناجح يتبنى توجه إدارة مخاطر يحتوي على عناصر كمية وكيفية تضمن تقليل أو منع مخاطر الاستثمار.

نتائج وضع نماذج محافظ أكثر تدقيقاً

تمت مراجعة نموذج لمحافظ ونشرت النتائج في يناير2011. وتظهر نتائج المخصصات الإسلامية بعد تنقيتها لاستراتيجية استثمار متوازن، ثم أضيفت نتائج من صناديق استثمار تقليدية من شركات استثمار عالمية كبرى تتبع استراتيجية الاستثمار نفسها.

تجدر الإشارة إلى أن التخصيص الإسلامي الذي تم التوصل إليه من خلال الدراسة يختلف عن المؤشرات العالمية لـ «بلاكروك»، و»كريديت سويس»، و»جوليوس باير». فقد وضع تخصيص مرجعي في 31 ديسمبر الماضي، ثم تم البحث عن طبيعة أدائه خلال السنوات الثلاث السابقة. وقد أديرت الصناديق الأخرى بنجاح خلال المدة نفسها، ومن النتائج يلاحظ أن المحفظة المتوافقة مع الشريعة في منطقة سلبية لفترة خلال مدة المتابعة التي بلغت 36 شهرا،ً بينما كانت المحفظة التقليدية غارقة خلال أغلبية فترات مدة الملاحظة. فقط في ديسمبر 2010 تحول اثنان من ثلاثة صناديق تقليدية إلى منطقة إيجابية. وخلال ثلثي المدة التي استغرقتها المتابعة كانت المحفظة الإسلامية تزيد على الاستثمارات التقليدية بمعدلات واضحة.

وقد تغير فرق الأداء بين الاستثمارات التقليدية والإسلامية من وقت لآخر خلال تلك الفترة، إلا أنه بقي يراوح بين 8 و12 في المئة. وارتفع في وقت ما إلى 18 في المئة وفي النصف الثاني من 2010 كان بمعدل 10 في المئة.

ويعد هذا الفارق في أداء كل من نوعي الاستثمار التقليدي والإسلامي بمثابة مكسب مذهل، وهو ما يحول عشرات المليارات من الاستثمارات الحديثة لمديري صناديق التحوط.
وقد تم تصميم مخصصات محفظة باستراتيجيات استثمارات بالدولار الأمريكي باستخدام منتجات استثمارية تطابق المعايير الدولية للسيولة والحجم والشفافية وحوكمة الشركات، إضافة إلى المعايير الشرعية.

وأظهرت المقارنة أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الصناديق الثلاثة. وهذا الارتباط يكشف بجلاء وجود معيار عالمي للاستثمار المتوازن، وأن مديري الأصول في شتى الأنحاء يعدون تنوع أسواق المال والدخل المحدد والاستثمارات البديلة بمثابة المعايير الذهبية للمحافظ المتنوعة عالمياً. وقد وجد أن كل من الصناديق التي تم اختبارها ـــ المنتجات المتوازنة من «بلاكروك» و»كريديت سويس» و»جوليوس باير» ـــ تضع مؤشراتها كمرجعية لها. وقد وضعت تلك المؤشرات لتكون بمثابة دليل استرشادي لنجاح أو فشل توجه المديرين.

وقد قارن الباحثان هذه المؤشرات بالمخصصات الإسلامية خلال الفترة نفسها؛ وكما كان متوقعاً خرجت النتائج متشابهة.

وختاماً: قد يرى محترفو تخصيص الأصول عند قراءة هذه الدراسة أنها لم تقدم مخصصات مباشرة ومتشابهة بين محفظة النموذج الإسلامي ونظيره التقليدي، نظراً لعدم الكشف عن كل الصناديق في النموذج الموضوع. وهم على حق في هذا الطرح، حيث توافرت بيانات أولية في اختيارات الصناديق الاستثمارية. ومن الصعوبة بمكان تجميع البيانات التي تم جمعها. ولهذا فإن الباحثين لم يقدما كل ما حصلا عليه، بل يحتفظان بأغلبيتها كأسرار لم يأن وقت الكشف عنها. والمهم في الأمر أن النتيجة اسفرت عن تطوير استثمار محفظة متوافقة مع أحكام الشريعة من المتوقع أن تصمد أمام أية اختبارات أو نقد.
ولم تتم معايرة مخصصات المحفظة الإسلامية مع محافظ إسلامية أخرى، لأنه ببساطة لا توجد أية محافظ أخرى. وقد تم البحث في المؤسسات الاستثمارية المختلفة ولم يعثر على أية أدوات إدارة أصول إسلامية بشكل احترافي.

وقد أثبتت الدراسة أن المحفظة الإسلامية تبلي بلاء حسناً حتى تحت ضغوط السوق المختلفة. وبالمثل فإنها تؤدي بشكل مماثل لنظيرتها التقليدية في الظروف الطبيعية للأسواق. ويتطلب الوقوف على أسباب هذا مزيدا من الاختبار والتحليل.
لقد أثبتت إدارة الأصول الإسلامية أنها تعادل ـــ إن لم تفق ـــ نظيرتها من الاستثمارات التقليدية.

الأكثر قراءة