في حضرة الرئيس

تشرفت كبقية زملائي باستقبال الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب لمجلس إدارة نادي النصر برئاسة الأمير فيصل بن تركي السبت الماضي وقد دار الحديث معه حول العديد من النقاط التي تهم الرياضة السعودية وقد أذهلني ـــــ رغم معرفتي وقناعتي بقدراته الإدارية والتنظيمية والقيادية ــــ معرفته الدقيقة بمعظم ما يدور في الأندية وكأنه سبق أن عمل فيها، وهذا لا شك يحسب له وسيكون معينا له على بناء حضارة جديدة للرياضة السعودية.
لقد تحدث الأمير نواف في بداية الاستقبال عن كينونة الأندية وإنها ثقافية اجتماعية رياضية وأن الدولة حفظها الله تهدف إلى خدمة ورعاية الشباب من خلال هذه المفاهيم الثلاثة التي تمثل عناصر بناء الشباب في الأمم، واعترف بأن اللعبة الشعبية الأولى ( كرة القدم ) طغت بحضورها على الجانب الرياضي، وأيضا الجوانب الثقافية والاجتماعية، كأدوار مهمة لهذه الأندية الحكومية، وأن هناك دراسات وحلولا جذرية للتعامل مع هذا الوضع بحيث لا تكون كرة القدم وحدها في الساحة، فالرياضة السعودية بحاجة إلى التطور في كافة الألعاب عوضا عن تفعيل الجوانب الثقافية والاجتماعية.
كما شرح الرئيس العام رؤيته للمؤتمر الرياضي العام الذي سيعقد في نيسان (أبريل) المقبل ولمدة ثلاثة أيام والفوائد المنتظرة منه، وأنه سيكون فرصة مناسبة للأندية لعرض تجاربها ومشاكلها وصعوباتها، وأيضا اقتراحاتها وآراءها حول التطوير, وأن هناك سكرتارية خاصة في المؤتمر لرصد كل الآراء والأطروحات والمعوقات بطريقة علمية مبوبة ومنظمة.
وقال الأمير نواف إن تأخير المؤتمر كان بناء على رغبة الكثيرين في إعطاء الأندية مزيدا من الوقت لدراسة ما ترغب في طرحه من خلال هذا المؤتمر الذي ستكون نتائجه ورقة عمل مهمة لمستقبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، قد أشار إلى موضوع الخصخصة وطرح رؤيته الخاصة حول صعوبة تطبيق هذا المفهوم بالشكل الذي يتحدثون عنه في الإعلام، وضرب مثل بالأندية الإنجليزية في إنها كانت في الثمانينيات الميلادية أكثر من 18 ناديا مطروحة في سوق الأسهم وأنها الآن أصبحت ناديين فقط، وهذا يؤكد أن الخصخصة بالرؤية المطروحة الآن قد لا تكون مناسبة وأنه يؤيد أن تتطور الرعاية يكون في الأندية, وتصبح عدة شركات ترعى ناديا واحدا كما يحدث في "فيفا" حيث يتم رعايته من قبل 15 شركة عالمية.
وعرج بالحديث عن ارتفاع أسعار عقود اللاعبين المبالغ فيه، وأن ذلك ليس في صالح اللاعب أو الكرة السعودية على المدى الطويل، وأكد أنه تحدث في هذه الجزئية مع كل رؤساء الأندية الذين قابلهم وأهمية أن تكون أسعار العقود معقولة، وفي هذا الصدد أشار إلى إمكانية دراسة السماح لأبناء المقيمين الذين ولدوا على أرض السعودية في اللعب مع الأندية السعودية والبحث عن آلية للاستفادة منهم وأن ذلك سيكون بعدد محدد حتى لا نفقد اللاعب السعودي وأن الأمر يحتاج إلى الدراسة مع جهات أخرى في الدولة.
من وجهة نظري أن الحمل كبير جدا, والوضع معقد جدا والوزارة أو الرئاسة كمنشأة تضم أكثر من سبعة آلاف موظف تقريبا وتنتشر فروعها في كافة أرجاء السعودية، وتحتاج إلى وقفة وإعادة نظر في الهيكل التنظيمي سواء تم تحويل الرئاسة إلى وزارة أو بقيت كما هي الآن، ولكن الهيكل التنظيمي بعد مرور 35 عاما على تأسيسها يحتاج إلى تطوير.
ويتبع تطوير الهيكل التنظيمي تطوير أهداف ورؤية قطاعات الرئاسة العامة ووكالاتها، فما كان مناسبا قبل ثلث قرن قد لا يكون مناسبا الآن، وهذا يتطلب تطوير كافة الأنظمة واللوائح والقرارات التي صدرت طوال الأعوام الماضية ووضعها بالشكل المناسب لهذه المرحلة ولعل أبرزها وضع الأندية من حيث المفهوم والمضمون، فهل فعلا لا تزال أنديتنا تتكون تركيبتها كما هو مكتوب على أبوابها الخارجية ( ثقافي ـــ اجتماعي ـــ رياضي)؟ وبعد أن يتم كل ذلك ينتظر أن يشمل التغيير والتطوير اللجنة الأولمبية السعودية، وأن يعمل فيها من يجيد العمل والفكر الأولمبي بدءا من ميثاق الحركة الأولمبية الدولية التي أسسها " كوبيرتان", إلى من يسعى لتطوير الثقافة الأولمبية لدى النشء وإعطائهم جرعات من أهداف اللجنة الأولمبية الدولية، مثل نشر المحبة والسلام والمنافسة الشريفة، ووضع أنظمة ولوائح موديل 2011م تقدم لجيل سعودي يتطلع لتحقيق الميداليات الأولمبية، خصوصا في ألعاب القوى،السباحة، رفع الأثقال، التايكوندو، والفروسية وغيرها من الألعاب الفردية التي تجلب الذهب، والتي يمكن أن تساهم في رفع علم السعودية عالميا، وهذا لن يتم إلا من خلال ميزانيات ضخمة تهيئها الدولة لهذا القطاع.
ولن ننسى هنا الأنشطة الشبابية والبرامج التي لها مدلولات أخرى من العمل الشبابي في الرئاسة، ثم بعد ذلك يتم الانطلاق إلى الاتحادات ولعل أهمها وأبرزها هو اتحاد القدم الذي سيكون النقطة المفصلية في معيار النجاح والفشل، وهذا الاتحاد يحتاج إلى متخصصين في مجالات كرة القدم وليس إلى موظفين, وهذه نقطة مهمة و"فيفا" يسمح بالتعيين أو الانتخاب.
وإذا كان الانتخاب سيضعنا أمام أسماء لن تقدم شي فالأفضل أن يتم التعيين عبر الجمعية العمومية والتعيين مسموح به من "فيفا" حتى لو شمل كل أعضاء مجلس الإدارة وهذا حسب نص المادة ( 17 ) من النظام الأساسي لـ "فيفا" الصادر في آب "أغسطس" 2010م .
هناك من يعشق العمل في مجال كرة القدم في الأنظمة واللوائح وفي الاستثمار وفي الاحتراف وفي التحكيم وفي الإدارة الرياضية، هؤلاء هم من يستطيعون أن يبدعوا، أن يطوروا، أن يتعلموا، أن يخططوا، وأن يبرمجوا، خصوصا إذا كانوا من جيل الشباب وتحديدا من هم دون سن الـ 40 .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي