مصحف «الفيلقية» .. قيمة تاريخية عمرها 4 قرون

مصحف «الفيلقية» .. قيمة تاريخية عمرها 4 قرون

قدر متخصصون عمر مصحف مسجد ''الفيلقية'' بأربعة قرون، حيث بقي هذا المصحف صامدا في أوراقه لم تمزقها عاتيات الأيام ولم يهمله أصحابه، ويقول عنه كبار السن في مدينة أوشيقر ''299 كيلا عن العاصمة الرياض'' في منطقة الوشم: ''إنهم كانوا قد شاهدوا أئمة مسجد الفيلقية في تلك المدينة التي كانت منارة من منارات العلم في الجزيرة العربية عبر التاريخ يقرؤون منه في صلاة التراويح والتهجد''. وعثر عليه الباحث عبد الله بن بسّام البسيمي قبل 24 سنة (1408هـ) في حاوية وسط مسجد الفيلقية تحتوي على مجموعة كبيرة من المصاحف التي تفلتت صفحاتها وأصبحت دشتا، وسلمه في ذلك الحين إلى دارة الملك عبد العزيز، التي قامت بترميمه وتحسين حالته وتقوية أوراقه. واحتفظت به الدارة ضمن مركز المخطوطات المحلية ليحين وقته وتعرضه ضمن معرض تراث المملكة العربية السعودية المخطوط. أوراقه الكبيرة، حيث يبلغ طوله 36 سم وعرضه 25 سم، تدل أن خطوطه عريضة وكبيرة، وبالتالي أنه كتب بهذا الحجم للقراءة، أو أن حجمه جعل منه مفضلا للقراءة من قبل أئمة المسجد، ولا يعرف إن كان من قبل في مساجد أخرى؟.. لكنه آخر ما شوهد - حسب شهادة كبار السن في المدينة - في مسجد الفيلقية، يشبه خطه خط المصاحف المملوكية المكتوبة في تلك الفترة وما قبلها، لا يعرف ناسخه ولا مكان النسخ؛ بسبب فقد آخره الذي عادة ما يختار النساخ الصفحة الأخيرة لتوثيق عملهم، أوراقه بيضاء مع قليل من الورق الأصفر والأخضر، احتفظت بلونها بالرغم من كل هذه المسافة الزمنية وخطوطه بالأسود الغامق المؤطرة بخطوط رمادية، عليه أعلام من أهل أوشيقر خدموا هذا المخطوط إما بالنسخ أو الشرح، فضلا عن الحفظ، هو أقدم مصحف في نجد يصل للدارة، لكنه أكبر دليل على عناية أهل العلم بالقرآن الكريم بنسخه ووقفه لله تعالى وترميمه، يقول الباحث البسيمي عن سبب تسليمه لدارة الملك عبد العزيز: ''هي الجهة المسؤولة عن حفظ مثل ذلك من المخطوطات، وتمتلك من أساليب العناية والحفظ ما لا أملكه كفرد، وإن كنت أتساوى معها في الحب للمخطوطات وعشقها إلا أن لها حقا علينا أن نتعاون معها وأن نتعامل مع الأمر باحترافية وبتخصص بعيدا عن التملك، فهذه المخطوطات ظاهرها ملك لصاحبها ،لكن باطنها ملك لطلبة العلم والباحثين وأولي الدراسات، وعرضه في المعرض الحالي يدل على أن الدارة لا تخفي شيئا''. وبالرغم من أن هذا المصحف يحوي فقط 258 ورقة، حيث يبدأ من الآية 149 من سورة البقرة:(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، وينتهي بسورة نوح، إلا أن قيمته في خطوطه المملوكية وشروحه على الهوامش وأسماء أعلامه، وتواريخ بلغات غير عربية، فضلا عن دلالته على الاهتمام الذي لقيه القرآن الكريم من النسخ والحفظ والقراءة، فالمخطوطات حديث التاريخ الصادق الذي لا يمل ونبض يعيد للماضي حقه في الحاضر.
إنشرها

أضف تعليق