Author

أهم المشكلات التي تهدم البناء الأسري

|
بعض الأسر يعاني بشكل واضح صعوبة في التوافق مع أزمات الحياة، مثل هذه الأسر قد نجد أن المشكلات البسيطة نسبيا فيها تكون غير قابلة للحل، بل الأكثر من ذلك تأخذ مثل هذه المشكلات مسارا قد يصل إلى حد الاضطراب النفسي والصراعات الهادمة لكيان الأسرة، ومن ثم مع هذا التدهور في القدرة على مهارات التوافق نجد مثل هذه الأسر تنتقل من أزمة إلى أخرى دون أدنى شعور بالرضا عن الحياة. ومع هذا فجميعنا على يقين أنه لا توجد أسرة متكاملة الأركان، فأي أسرة تنتابها نقاط من القوة والضعف، غير أن نقاط الضعف حينما تتفاقم لتصبح صراعات تهدد كيان الأسرة، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى هدمها، وجب مواجهة مثل هذه الصراعات وتحديد أبرز المشكلات التي تهدد هذا البناء الأسري تمهيدا للعلاج. من أهم المشكلات التي تهدد البناء الأسري ما يلي: أولا: العنف الأسري الذي قد يطلق عليه أحيانا العنف المنزلي DomesticViolence وتعرفه رابطة علم النفس الأمريكية: بأنه أي شكل من أشكال العدوان اللفظي أو البدني أو النفسي، المباشر أو غير المباشر يمارسه أحد أو بعض أفراد الأسرة ضد أي عضو من أعضاء الأسرة ِAmerican Psychological Association 2010, ومن بين أشكال العنف الأسري التالي: 1 ـ العنف الأسري اللفظي الذي في الغالب قد يكون موجها من قبل رب الأسرة ضد المرأة والأبناء بشكل يغلب عليه الطابع القهري، فتسود الألفاظ النابية التي تقع على الأبناء لأتفه الأسباب، وتكثر المشاحنات بين الأبناء باستخدام ألفاظ جارحة مهينة لكرامة كل فرد من أفراد الأسرة، وقد يمتد مثل هذا النوع من العنف الأسري اللفظي لنجده سمة سائدة لدى الأطفال حتى وسط جماعات الأقران في المدرسة، فيشكو القائمون على الطفل من حدة سلوكه، وعدوانيته اللفظية وعدم امتثاله للتوجيهات أو التعليمات الموجهة إليه، ومن ثم تدهور في مهاراته الاجتماعية خاصة في كيفية تكوين علاقات وصداقات، إضافة إلى تدهور في قدرته على التحصيل الدراسي. وقد ينشأ هذا النوع من العنف الأسري اللفظي نتيجة كثرة الانتقادات اللاذعة السلبية وكثرة التوبيخ والتوجيه ذي النمط الحاد العنيف من قبل أحد الوالدين أو كليهما لبعضهما بعضا أو لأحد أبنائهما أو من الأخ الأكبر للأصغر. 2 ـ العنف الأسري الجسدي وهو أحد أبرز أشكال العنف الأسري السائدة في كل المجتمعات، ويخطئ بعض الدارسين حين يصنف هذا النوع من العنف الجسدي ضمن الاعتداءات الجسدية فحسب، إذ إنه يمتد من الإشارة بالأيدي وإيماءات الوجه الحادة الغاضبة لأتفه الأسباب أو حتى دون سبب تجاه أي عضو من أعضاء الأسرة، إلى الاعتداء الجسدي العنيف بالضرب والصفع والتعذيب واستخدام بعض الأدوات كالعصا وغيرها، وفيه يعبر أحد أفراد الأسرة عن شعوره بالغضب نتيجة الضغوط المختلفة بشكل يغلب عليه الطابع المادي سواء المباشر أو غير المباشر، فنجده يلوح بيده أو يكثر من التأفف والتذمر، ثم يأخذ شكلا أكثر ضراوة قد يصل فيه الفرد إلى الاعتداء على أي عضو من أعضاء الأسرة بالضرب المبرح أو غير المبرح الذي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى أضرار جسمانية ونفسية يصعب مداواتها. 3 ـ العنف الأسري الجنسي: مثل هذا النوع من العنف لا يشترط أن يكون موجها من الزوج تجاه زوجته أثناء العلاقة الجنسية، لتأخذ شكل علاقة صادية لا يشعر فيها أحدهما بالرضا إلا مع شعوره أو شعور الطرف الآخر بالألم الجسدي، أو قد يظهر العنف الأسري الجنسي في شكل آخر أثناء العلاقة الجنسية، بحيث يهتم فيه الزوج بذاته وإشباع احتياجه الجنسي على الرغم من عدم استعداد أو موافقة الطرف الآخر ـ الزوجة ــ على البدء في العلاقة، فتصبح بذلك مقهورة على الفعل، ومن ثم لا تصل إلى حد الرضا في العلاقة، الأمر الذي يترتب عليه في كثير من الأحيان إصابة المرأة بالاكتئاب والضيق، حتى بعض الأعراض السيكوسوماتية ـ أي النفس جسدية ـ إضافة إلى ذلك، قد نجد العنف الأسري الجنسي في كثير من الأحيان موجها من أحد أفراد الأسرة تجاه فرد آخر، مثل أخ تجاه أخته، أو تجاه أخ أصغر له، أو من أخت تجاه الأخت أو الأخ الأصغر لها، وفي كثير من الأحيان قد يتجلى هذا النوع من العنف بشكل غير مباشر من أسرة الفرد، أي أنه قد يحدث للفرد على مستوى عائلته الكبرى، فنجد بعض الأطفال وحتى المراهقين قد يعتدى عليهم جنسيا من قبل أحد أبناء العم أو الخال أو حتى من قبل أحد أصدقاء الأسرة المقربين أو أحد الأقران أو المعلمين داخل المدرسة، ومن هنا يمتد تأثير هذا العنف إلى الأسرة الصغرى لتقع المسؤولية على الوالدين. 4 ـ العنف الأسري العاطفي: أو ما يشيع تعريفه في كثير من الأوساط العلمية والإعلامية بالخرس الزواج Marital Mutism وفيه نلاحظ غياب الدعم والمشاركة بين أفراد الأسرة وبعضهما بعضا، وكأن مجموعة أفراد يعيشون تحت سقف واحد دون أن تربطهم أي عاطفة فنجد الزوج بجوار زوجته مصابا بالخرس لا يحرك ساكنا ولا ينطق بكلمة واحدة يظهر فيها عاطفته تجاه أم أبنائه، أو حتى يبدي فيها اهتماما بتلك المرأة التي صاحبته في مشوار الحياة، ومن ثم يقل التواصل بينهما إلى أن ينعدم، الأمر الذي يؤثر في علاقتهما بالأبناء وعلاقة الأبناء ببعضهما بعضا. وقد تشكو الزوجة من الفتور العاطفي، وكأنها تعيش كالترس داخل آلة دون عاطفة، وقد يمتد الأمر ليصل إلى العلاقة الحميمة بينهما فتصبح كالفرض أو الواجب الشرعي لا تتم دون أية عاطفة. ومن هنا تظهر أعراض الاكتتاب، والضيق، والحزن وفقدان التواصل، وتنشأ الأسرة مفككة دون أي عوامل دعم، كل فرد منها يعيش في عالمه المستقل. استشاري الطب النفسي المشرف العام على مركز مطمئنة الطبي
إنشرها