إخوانكم خولكم
(حقوق الخدم في الإسلام) كان هذا هو عنوان المقالة السابقة، حيث سلطنا الضوء على قضية الإندونيسية المعذبة (سومياتي مصطفى)، وما تعرضت له من سوء معاملة وتعذيب على يد ربة المنزل، وما قامت به وزارة العمل من خلال المتحدث الرسمي من توضيح القرارات الوزارية التي صدرت عن حقوق العمالة والإجراءات الصارمة والجزاءات التي توقع على من يثبت سوء معاملتهم لعاملة المنزل وبقية العمالة، وجهود الوزارة في رفع مستوى الثقافة لحماية العمالة من سوء المعاملة، وأشرت إلى ضرورة تدخل هيئة وجمعية حقوق الإنسان بعد التنسيق مع وزارة العمل ووزارة الثقافة والإعلام لإصدار كتيبات مناسبة على شكل مطويات توضح حقوق عاملات المنزل والعمالة بصفة عامة والإجراءات والعقوبات الصارمة التي تنتظر من يثبت عليهم انتهاك تلك الحقوق، لكن العبرة في أن تصل تلك الكتيبات إلى أكبر عدد من الأسر من خلال توزيعها على عمد الحواري ومكان الانتظار في المستشفيات والنقل الجماعي وفي المطارات والنوادي والمساجد والمكتبات وغير ذلك من أماكن تجمع الناس ثم لا يمنع بعد فترة من الزمن أن يعاد توزيعها عند تلك الجهات والأماكن بعد تعديلها مع استخدام جميع القنوات الفضائية المعروفة بالمستوى الجيد التي تعتمد على أشخاص مؤهلين لرفع مستوى الثقافة في مجال حسن المعاملة والآن مع:
التعامل النبوي مع الخدم
لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة؛ لأنه هو القائد والمعلم الأول. وقد ضرب عليه السلام المثل الأعلى والإبداع في حسن تعامله مع كل من حوله ومع المسلمين والناس أجمعين، ونركز الآن على تعامله عليه السلام ونصائحه لحماية الخدم من سوء الاستغلال. فقد روى جابر بن عبد الله ـــ رضي الله عنه ـــ أن النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ يوصي بالخدم والمملوكين خيراً، ويقول (أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم من لبوسكم، ولا تعذبوا خلق الله ـــ عز وجل ـــ. إن أخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتوهم ما يغلبهم فأعينوهم، وروى عن عبد الله بن عمر ـــ رضي الله عنهما ـــ قال: جاء أعرابي إلى النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فقال: يا رسول الله، كم أعفوا عن الخادم كل يوم؟ قال عليه السلام: (سبعين مرة) رواه الترمذي وأبو داود، وعن عبد الله بن عمر ـــ أيضا ـــ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) رواه ابن ماجد، وما ورد أعلاه عنه عليه السلام هو قليل من كثير عما ورد في كتاب (السيرة النبوية) لمؤلفه: أبو الحسن علي الندوي عن أخلاقه الكريمة ـــ عليه السلام ـــ مع أهل بيته وخدمه ومع جميع الناس، بل جميع المخلوقات. وهكذا نجد الحرص الشديد في الإسلام على حسن التعامل مع الخدم والحشم، باعتبارهم من البشر الذين يستحقون الرأفة والرحمة والعدل فيما نطعمهم ونكسيهم، ولا نشق عليهم في تكليفهم بما لا يستطيعون، وإن اضطررنا إلى ذلك فيجب أن نعينهم ونشجعهم بمكافأة، ولا نؤخر رواتبهم؛ لأنهم من الفقراء، وهم لم يتركوا عوائلهم وذويهم وبيئتهم ويحضرون إلينا إلا وهم في حاجة، وهناك من ينتظر منهم العون في بلادهم فكيف نؤخر رواتبهم؟ وقد نضطرهم إلى السرقة أو القيام بأعمال أخرى ترهقهم أو تدفعهم للحرام حتى يحصلوا على المال فيرسلوه لذويهم، وإذا كنا لا نقبل سوء المعاملة لأبنائنا وأقاربنا فكيف نرضاها للأجانب الذين يعملون في منزلنا؟ وكيف لا نعرف أنهم ينقلون ما يسمعون ويحسون به منا إلى معارفهم في بلادنا، ثم ينقلون ذلك لذويهم في الخارج، ما يعرض سمعة المملكة للإحراج، وهي الدولة القيادية الإسلامية الأولى مع أن كل ما حصل ـــ كما ذكرت سابقاً ـــ هي حالات محدودة ـــ لا تمثل الدولة ولا الشعب السعودي، لكن علينا ألا نعطي الفرصة لأجهزة الإعلام المحلية والخارجية التي قد تبالغ في الطرح والتصور وفي الحلقة (152) نكمل ما تبقى.