اتجاهات الاقتصاد السعودي

يستشهد الأمريكيون بمقولة مشهورة للرئيس كندي وفحواها لا تسأل ماذا أعطتك بلادك، ولكن اسأل نفسك ماذا قدمت لها. وواقع الميزانية المعروضة وما احتوته من برامج غير اعتيادية وجديدة تقول لنا ماذا تعطيه بلادنا لنا، وواجب علينا الآن أن نسأل كرجال أعمال وموظفين ومختلف الوحدات الاقتصادية ماذا فعلنا لأجل الوطن ولأجل الأجيال المقبلة؟ وهل هذه الجهود سيستفاد منها أو لا؟
يتناول التقرير الخاص بالميزانية عددا من الأبعاد المهمة، حيث يتم التركيز على مصادر الدخل وكالعادة تحفظت وزارة المالية في تقدير الدخل المتوقع للدولة وبحجم أقل من المتحقق في العام الحالي بنحو 195 مليار ريال، كما تم تخفيض المصروفات عن العام الحالي بنحو 46.5 مليار ريال. وقدرت العجز المتوقع خلال العام المقبل نحو 40 مليار ريال. الميزة التي تحققت للدولة خلال الأعوام الماضية هي أن الدخل والصرف والفائض هي النتيجة والمحصلة النهائية والقصة المشتقة منها هي رغبة واضحة من الدولة في دفع عجلة النمو الاقتصادي على الرغم من الانكماش السائد خلال العام الماضي. ومما لا شك فيه أن ذلك يعد إيجابا وتوجها يثري القطاعات الاقتصادية ويحفزها للتوسع والاستفادة بصورة مباشرة. ولا نتوقع أن يكون العام المقبل مختلفا عن سابقيه وكلنا أمل في أن يتم استغلال الفرصة المتاحة في أن نتطور في ظل الخطة الواضحة والمركزة من قبل الدولة لنبني مستقبلا للأجيال المقبلة. والهدف هو استغلال الموارد المتاحة بكفاءة عالية ننمي من خلالها البدائل التي تضمن الاستمرارية لنمو وتحسن اقتصادنا ولأجيالنا المقبلة. ولعل التركيز على البنية التحتية الإنشائية والخدماتية والفكرية واضح من خلال مختلف البرامج المعروضة والتي لم نظن يوما أننا سنراها الآن هي موجودة ومتوافرة وتقدمها الدولة والمطلوب الاستفادة.
النتائج الاقتصادية الحالية متعددة وتصب في جانب إيجابي حول الاقتصاد الكلي السعودي وبالتالي تعد حوافز إيجابية وتعطي نوعا من التطمين وخاصة خلال السنوات المقبلة. أولا نمو الناتج المحلي لمستويات قياسية تريليون وستمائة وثلاثين مليار ريال وبمعدل نمو خلال العام 16.6 في المائة، ولم يكن النمو من القطاع النفطي فقط كما قد يرى البعض ويقلل من أهمية هذا النمو، ولكن من قطاعات أخرى وليست أقل أهمية، كما أن التوقعات تشير إلى استمرار التحسن والنمو في الفترة المقبلة. ثانيا: معدلات التضخم وانكماش الناتج المحلي لم يكن حجمها مرتفعا، حيث تلغي قيم النمو في الناتج المحلي مما يجعل النمو الحقيقي واقعا ملموسا ومؤثرا هنا. ثالثا لا يزال مؤشر التجارة الخارجية وميزان المدفوعات يدعمان الاقتصاد المحلي ويرفع من مستويات السيولة الداخلة للاقتصاد وبأرقام إيجابية ومؤثرة. الوضع انعكس إيجابا على معظم القطاعات الاقتصادية، ولكن نعود لقضيتنا الأولى ونسأل ماذا قدمت القطاعات الاقتصادية وخاصة القطاع البنكي لتنمية وتسريع عجلة النمو والدور الذي يجب أن تمارسه والذي سبق أن مورس من القطاعات البنكية في دول محيطة، يجب أن تكون هناك وقفة ومحاسبة لأننا نرغب في استمرار دوران العجلة، وأن تعتمد على قوى أخرى غير ما يتم من خلال الدولة والإنفاق والتمويل الحكومي لأننا نرغب في استمرار النمو وتحسنه لنا ولأجيالنا المقبلة.النتائج الكلية إيجابية والتفاؤل واستمرار التحسن ممكن من خلال الإمكانيات والموارد التي توفرها الدولة لتغذية نمو وتحسن الاقتصاد السعودي، ولكن الاقتصاد السعودي يملك جانبا إيجابيا من المعادلة قد لا يتوافر لغيرنا وهو قطاع خاص قوي ومتمكن لدعم الفورة الحالية وجعلها تستمر لعقد أو عقدين من الزمان لتخرجنا من وضعنا لوضع وتوجه أفضل يجعل النمو الذاتي الوضع المحقق وليس غيره.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي