الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 7 ديسمبر 2025 | 16 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.66
(-1.59%) -0.14
مجموعة تداول السعودية القابضة161.8
(-2.35%) -3.90
الشركة التعاونية للتأمين120.5
(1.01%) 1.20
شركة الخدمات التجارية العربية116.3
(-1.02%) -1.20
شركة دراية المالية5.48
(1.29%) 0.07
شركة اليمامة للحديد والصلب33.32
(2.15%) 0.70
البنك العربي الوطني22.44
(1.81%) 0.40
شركة موبي الصناعية11.2
(0.72%) 0.08
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة31.3
(-3.69%) -1.20
شركة إتحاد مصانع الأسلاك21.44
(-0.92%) -0.20
بنك البلاد25.56
(-1.31%) -0.34
شركة أملاك العالمية للتمويل11.54
(0.70%) 0.08
شركة المنجم للأغذية54.15
(-2.17%) -1.20
صندوق البلاد للأسهم الصينية12.1
(0.83%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية55.2
(0.45%) 0.25
شركة سابك للمغذيات الزراعية115.7
(-0.26%) -0.30
شركة الحمادي القابضة28.54
(-0.83%) -0.24
شركة الوطنية للتأمين13.05
(0.08%) 0.01
أرامكو السعودية24.42
(-0.41%) -0.10
شركة الأميانت العربية السعودية17.31
(1.82%) 0.31
البنك الأهلي السعودي37.28
(0.16%) 0.06
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات30.28
(-0.46%) -0.14

''الفضائح الكبرى تصنعها دول كبرى''

وليام شكسبير أديب ومؤلف وشاعر إنجليزي

ذكرتني أكوام الوثائق الأمريكية على موقع ''ويكيليكس'' ـــ فاضح الأسرار ـــ بأغنية للمغني الأمريكي الشهير بوب ديلان، أطلقها في عام 1965 تحت عنوان ''لا بأس يا أمي.. إنني أنزف فقط'' أو It's Alright, Ma I'm Only Bleeding. ففي أحد مقاطع الأغنية يقول ديلان: ''.. في بعض الأحيان، حتى رئيس الولايات المتحدة، يجب أن يقف عاريا''. فقد أراد أن يقول: في العمل العام (ولا سيما السياسي والاقتصادي)، لا أحد يمتلك القدرة على البقاء وراء الستار (أو خلف القناع) إلى ما لا نهاية. وقتها كان ديلان ينشد هذه الأغنية على قارعة الطريق مقابل البيت الأبيض الأمريكي. لا نعرف إذا ما كان موقع ''ويكيليكس''، يمتلك وثائق سرية أمريكية اقتصادية داخلية، أو أنه سيمتلكها في المستقبل. لكن المرجح أن هذا الموقع الذي أهان الدبلوماسية الأمريكية بتعريتها على طريقة الـ''استربتيز'' (أو التعري قطعة بعد أخرى)، بات متخصصا في البرقيات التي ترسلها سفارات الولايات المتحدة في العالم، إلى وزارة خارجيتها مصنفة تحت ختم ''سري''، وتعد بعشرات الآلاف. وفي الواقع.. أن الموقع '' الفاضح''، استبق الكشف عن الوثائق 30 عاماً. فالغالبية العظمى من هذه الوثائق، تدخل في الغرب الخزائن الموصدة بكل الأقفال المتوافرة، قبل أن تُطرح للعامة بعد ثلاثة عقود من الزمن. وبعض هذه الوثائق تُقفل لمدة 50 عاماً، وبعضها الآخر يبقى تحت الأرض لـ75 عاماً، بعد أن يدخل أبطالها تحت الأرض إلى الأبد.

ماذا لو تمكن ''جنود ويكيليكس'' من الوصول إلى الوثائق المرتبطة بمقدمات الأزمة الاقتصادية العالمية؟ دون أن ننسى، أن هذه الأزمة التي اندلعت في عام 2008، تحفل بمقدمات تعود إلى أكثر من 20 عاماً قبل الانفجار. ماذا يمكن أن تحتوي هذه الوثائق؟ كيف كانت سوق ''وول ستريت'' تعمل؟ كيف كانت البنوك المركزية ـــ وتحديدا الأمريكي ـــ تغطي على الجريمة الاقتصادية الكبرى؟ ما التفاصيل الحقيقية الخاصة بالأدوار التي لعبتها الحكومات الغربية، في فوضى الأسواق والمصارف؟ كيف ستكون وثائق ''البطل الاقتصادي'' آلان جرينسبان رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)؟ وكيف استطاع هذا ''البطل'' الانفراد بالقرار الاقتصادي دون تدخل من الإدارات الأمريكية المتعاقبة على مدى 18 عاماً متواصلة؟ ما هي المراسلات والاتصالات الخاصة بنشاطات المحتال الأمريكي الكبير برنارد مادوف؟ وهل تم بالفعل متابعة هذا المحتال؟ ماذا تضمنت الوثائق ـــ إن وجدت ـــ من معلومات عن القروض التي كانت تُمنح لمن يرغب، من دون الحد الأدنى من الضمانات؟ هل كانت هناك مراسلات (وثائق) تُحذر بالفعل من مغبة الفوضى المالية، وتجاوز المصارف الحدود الآمنة؟. ما محتوى الوثائق الخاصة بتحذيرات شخصيات غربية مختلفة، من العواقب المترتبة على ترك الأسواق تعمل بدون ضوابط أو حتى رقابة، وبالتأكيد دون سلوك أخلاقي؟

نحن نعلم أن ''ويكيليكس'' سينشر مجموعة من الوثائق الخاصة بالشركات، وذلك طبقاً لما أعلنه الموقع المذكور، ولكن غالبية هذه الوثائق تختص بنشاطات وتحركات شركات على الساحة العالمية، بما في ذلك علاقاتها المُريبة مع الحكومات الأجنبية، والضغوط ـــ بل التهديدات ـــ التي تمارسها على بعض الحكومات للفوز بعقود تصب في مصلحتها أولاً وأخيراً، لا في مصلحة الدول المعنية. ولا بأس في أن تعم الفائدة بصورة أو بأخرى أولئك الذين يقومون بتسهيل وتمرير العقود!. ونعلم ـــ حسب ''ويكيليكس'' ـــ أن هناك مصارف تستعد لـ''دور البطولة'' في الوثائق المزمع نشرها. لكن تبقى الوثائق (المراسلات، محاضر الاجتماعات، الاتصالات) الاقتصادية المحلية في الولايات المتحدة، هي الأهم في معرفة ما خُفي من حقائق عن الأزمة الاقتصادية العالمية. وهذه الوثائق في الحقيقة لا يتم تداولها بين واشنطن وسفاراتها، وبالتالي لا تدخل ضمن الملفات السرية لوزارة الخارجية.

إذا كان العالم يحتاج إلى معرفة الحقائق عن عالم السياسة والدبلوماسية ـــ بصرف النظر عن الطريقة ـــ فإنه في حاجة قوية إلى معرفة تفاصيل المقدمات التي سبقت الأزمة. لماذا؟ لأنها ـــ أي الأزمة ـــ نالت من كل شيء، الاقتصاد ومعه السياسة والثقافة والمجتمع والأخلاق والتسامح والانفتاح والتعاون. نالت من كل معاول البناء. والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هو: هل لو كانت ''ويكيليكس'' حاضرة على الساحة الأمريكية ـــ العالمية قبل عشر سنوات أو أكثر، يمكن أن تسهم في كبح جماح مقدمات الأزمة الاقتصادية العالمية؟. وبصيغة أخرى للسؤال نفسه، هل لو تم الكشف عن الألاعيب الاقتصادية التي سادت الساحة الأمريكية بصورة لم يسبق لها مثيل، يمكن أن توفر حصانة ضرورية ومطلوبة للاقتصاد العالمي؟ لا شك في أن ظهور الحقائق ـــ أي حقائق ـــ تسهم إلى حد بعيد في تغيير السياسات المتبعة، وتُحدِث تبدلاً في المنهج المتبع. ففي العادة، ما ينفع سراً لا يستوي علناً، مع الاعتراف بأن الكشف عن الحقائق والخبايا ـــ والنيات ـــ في السياسة والاقتصاد تحديداً، يعزز مواقع أولئك الذين يُحبون إسقاط نظرية المؤامرة على كل شيء. ولا شك في أن هؤلاء يتمسكون بما قاله المؤلف والكاتب الأمريكي فينيمور كوبر ''الجميع يقولونها. وما يقوله الجميع يجب أن يكون صحيحاً''. ومعه قال مؤلف وكاتب أمريكي هو لوجان سميث ''إنه لأمر مفزع.. أن يكون ما يقوله الناس علينا صحيح''.

محبو عامل المؤامرة ـــ أو نظريتها ـــ يستطيعون في ظل أكوام وثائق ''ويكيليكس''، أن يمضوا قُدما في إسقاطها على الأزمة الاقتصادية العالمية، رغم أنها ـــ أي الأزمة ـــ لم تكن مؤامرة بأي حال من الأحوال، وذلك طبقاً لنتائجها الكارثية على المُتَهمين أنفسهم بالمؤامرة. ولكن بلا شك، كان وراء الأزمة مؤامرة ما. أبطالها أولئك الذين تسيدوا الأسواق العالمية الكبرى، وفي مقدمتها ''وول ستريت''. مؤامرة تورط فيها السياسيون الكبار، لا حباً فيها، ولكن لإيمانهم الأعمى، بضرورة أن تبقى الأسواق بمعزل عن الرقابة والقيود والضوابط، بل المحاسبة أيضا!. ولأن الأمر كذلك، فقد انزوت القيم والأخلاق، وتقدمت على مدى أكثر من عقدين معايير تعالي السوق على المجتمع!. ومما لا شك فيه، لو ظهر ''ويكيليكس'' اقتصادي أمريكي محلي، لاطلعنا على مراسلات بين آلان جرينسبان ـــ مثلاً ـــ ووزراء المالية الأمريكيين الذين تبدلوا وهو في منصبه، تتضمن تطمينات منه على الأمور تجري على ما يرام، بل أفضل مما يرام! وأن أولئك الذين يحذرون من وقوع أزمة، ليسوا سوى أفاقين أو متشائمين أو كارهي النجاح!. وسيقول جرينسبان: إن الأم تيريزا ليست أكثر أخلاقاً أو نظافة من سماسرة ''وول ستريت''، وأن القروض التي تُمنح للناس دون ضمانات، هي لمساعدتهم ومساعدة أسرهم، لا لتكبيلهم بديون لن يستطيعوا ما عاشوا تسديدها. سيقول: انظروا إلى برنارد مادوف، كيف يخصص عشرات الملايين من أمواله للجمعيات الخيرية. إن أولئك الذين يصفونه بالمحتال، هم المحتالون! سيكتب جرينسبان في الوثائق: إن الأزمة الحقيقية، هي تلك التي يعيشها الذين لا يرغبون في اقتصاد حر، ويعتبرون النمو الراهن الذي يخلب الألباب.. عبثياً. لماذا؟ ـــ والكلام لـ ''بطل الأزمة'' ـــ لأنهم يريدون منا أن نعيش كما كان الشعب السوفياتي يعيش تحت الحكم الشيوعي!

وبالطبع لن يقول جرينسبان في مراسلاته المفترضة ـــ قبل الأزمة ـــ ما قاله بعدها. ماذا قال؟ إن هذه الأزمة لا يمكن لأحد أن يتصورها. إنها لا تحدث إلا مرة واحدة كل 100 عام!!

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية
«ويكيليكس» جرينسبان