كلانا

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشُد بعضه بعضاً ـ وشبك بين أصابعه».
أجسامنا أمانة لدينا استأمننا الله عليها، فوجب علينا أن نحافظ على هذه الأمانة كي نحيا ونعيش طويلاً بإرادة الله، ولا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، بل نعمر الأرض ونعبد الله ونعمل لخير أنفسنا وخير الآخرين. فحق على كل واحد منا أن يحب لأخيه كما يحب لنفسه وأن يعامل الآخرين معاملة طيبة كما يحب أن يعامل هو، ويكره لأخيه ما يكرهه لنفسه، وكذلك كل واحد منا مأمور تجاه أخيه وبنص الحديث أن «لايظلمه ولا يحقره ولا يخذله ...» وهذا من الإيمان الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : «والله لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
والأخوة هنا مع عمومها تشمل بالدرجة الأولى أخوة الإسلام، وهي المراد بالحديث كما يبدو.
فالمسلم يهتم بأخيه المسلم ويعطف عليه ويعمل على كل ما يفيده ويصلح أمره، ويزيد من الترابط والألفة والمحبة والتواد والتراحم، ويقوي التواصل بينهما.
ولذا وجب علينا وضع هذه القيم موضع التنفيذ، وفي هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
ومما يخدم في اتجاه ما ذكر هو العمل على رعاية محتاجي الأعضاء كمرضى الفشل الكلوي ودعمهم بكل السبل الممكنة، إذ يلقى ذلك ما يؤيده إسلامياً كما في الآية الكريمة «... أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ...» ( المائدة : 32).
ويحدث الفشل الكلوي بشكل عام نتيجة قصور في عمل الكلى ووظائفها، التي منها تنقية الدم في جسم الإنسان من السموم والأملاح، حيث يؤدي ذلك القصور إلى خلل عام في الجسم يضر بصحته، وقد يتسبب ذلك في وفاته.
وبما أن عدد مرضى الفشل الكلوي يزداد في المملكة كل عام، فإن تكلفة علاجه التي تشمل تكاليف الغسيل والأدوية وأجور النقل والمواصلات .. إلخ، هي أيضا في ارتفاع، ومن لايقدر مالياً، من المصابين بالفشل الكلوي على دفع تكاليف العلاج المتعلقة بالغسيل الكلوي، فإن صحته تتضرر، ويمثل ذلك خطراً على حياته.
وحتى تاريخه، فقد بلغ عدد المصابين بهذا المرض في المملكة نحو 11 ألفاً أو يزيد.
وبحسب مجلة صحتك (الشرق الأوسط) الصادرة في 24 أيلول (سبتمبر) 2010م، فإن عدد المصابين بالفشل الكلوي في الولايات المتحدة 400 ألف. ووصل العدد في العالم إلى مليونين، والأعداد في ازدياد.
ومن حسن الحظ أن أجازت الجهات الشرعية في المملكة زرع الأعضاء من المتبرعين بها والمتوفين دماغياً (بما في ذلك الكلية) في المرضى الذين هم في حاجة إليها لإنقاذ حياتهم.
وجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، رائدة في تقديم الرعاية للمصابين بمرض الفشل الكلوي في كل أنحاء المملكة. وحق على الجميع، أفرادا وجماعات، أن يدعموا هذه الجمعية من الناحية المادية أو التبرع بالكلى، لأن في ذلك خدمة للمصابين بهذا المرض. وهذا الدعم بلا شك يساعد الجمعية في القيام بدورها (الوطني والإنساني) وخاصة أن عدد مرضى الفشل الكلوي الذين يحتاجون إلى التبرع في ازدياد، مقابل العدد القليل ممن يتبرعون بكلاهم حتى الآن.
والمأمول من الجميع تلبية نداء الدين والواجب والإنسانية بالتبرع كل حسب استطاعته، متذكرين قول الله تعالى (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي