يشتري المستثمرون الأوراق المالية كالأسهم التي يتوقعون أن تعطيهم عائدا أعلى، ويبيعون الأسهم التي يتوقعون أن تعطيهم عائدا أقل. بصنيعهم هذا فإنهم يدفعون أسعار الأسهم التي يتوقعون أن تعطيهم عائدا أعلى إلى الارتفاع، والعكس بالعكس. مبدئيا، تستمر الأسعار في التغير حتى الوصول إلى نقطة تجعلها مساوية لأفضل تنبؤ من جهة السوق للأسعار المستقبلية، مأخوذا في عين الاعتبار عوامل مثل الأرباح والمخاطر.
مثال: لنفترض أن المستثمرين توقعوا ارتفاع سهم شركة ص 5 في المائة خلال أسبوع. هذا يعني أن الارتفاع السنوي وفق هذه النسبة سيكون 250 في المائة، حيث إن هذه النسبة أعلى بكثير من معدل العائد التوازني على أسهم ص، فإن هذا يدفع المستثمرين إلى شراء أسهم ص؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار الحالية لأسهم الشركة ص، يتوقف دافع ارتفاع الأسعار لهذه الأسهم، عندما ينخفض التغير المتنبأ به في السعر إلى الصفر تقريبا.
العوامل الوحيدة التي تغير الأسعار هي العوامل العشوائية التي لا يمكن التنبؤ بها مسبقا. وهذا يفسر لماذا في حالات كثيرة تنخفض أسعار أسهم عند إعلان نتائج جيدة. ربما لأن النتائج المعلنة ليست جيدة بالجودة التي توقعتها السوق.
والنقاش مبني في أصله على التوقعات expectations، والتي تعني بلغة مبسطة متوسط القيمة لما يحتمل وقوعه.
قد تكون التوقعات رشيدة، وهذا يعني أن ما سيحدث في المتوسط لن يختلف عن أفضل تخمين للمستقبل عند استعمال كل المعلومات المتاحة. الفكرة لا تنفي وقوع الناس في أخطاء، ولكنها تقترح أن الأخطاء لا تستمر.
يرى كثير من الباحثين الماليين واقتصاديي المالية، أن التوقعات في السوق المالية لا تختلف عن أفضل تخمين حالي للمستقبل عند استعمال كل المعلومات المتاحة. ويفهم من ذلك أن أسعار السندات (كالأسهم) في الأسواق المالية تعكس بصورة كاملة كل المعلومات المتوافرة. ومن ثم فإن التغير في قيمتها يصعب جدا أو لا يمكن التنبؤ به. وهذا يعني أن أسعار الأسهم تتبع ما يسمّى بالمشي العشوائي في تحركها.
ماذا يعني ذلك فيما يخص التقارير المالية لسوق الأسهم؟
إذا كنت ترى أن أسعار الأسهم – وغيرها من الأوراق المالية - تعكس تماما كل المعلومات المتوافرة، فهذا يعني أنه يصعب جدا أو يستحيل على المستثمر أن يتفوق على سوق الأسهم، أي أن يصل إلى نتائج لا تعرفها سوق الأسهم، ولا تنعكس في أسعارها. بل وصل الأمر من باحثين إلى القول بأن التحليلات المالية المملوءة بالرسومات والتفاصيل قليلة، إن لم تكن عديمة الفائدة.
في عام 1988، وضعت الجريدة المالية المشهورة ''وول ستريت جورنال'' المسابقة التالية.
كل شهر أجري اختيار بطريقة عشوائية لقائمة رباعية من سندات مالية سهمية من خلال رمي أسهم ريشة على جداول معلقة على الجدار تحوي القوائم المدرجة. ثم قام أربعة مهنيين متخصصين مثل محللي الأسهم ومستشاري الاستثمار، باختيار قائمة رباعية يعتقدون أنها مثمنة بأقل من سعرها، أي أنها مرشحة للارتفاع أكثر من غيرها.
خلال ما يزيد على ستة أشهر من الاختيار، قارنت ''وول ستريت جورنال'' أداء الأصول المختارة بواسطة المهنيين بأداء ما اختير بواسطة الرمي، وكذلك بأداء مؤشر داو جونز الصناعي.
الجدول التالي يبين النتائج للفترة 1988-2002:
هل النتائج السابقة تعني أن المهنيين يتفوقون على سوق الأسهم؟
يخالف بعض الباحثين لما يرونه من عيوب أثرت في موضوعية الاختبار.
الاختبار السابق في مقارنة أداء المهنيين بالسوق المالية لم يكن الوحيد، فهناك دراسات كثيرة للغرض نفسه. وبصفة عامة، فإن خلاصة هذه الدراسات هي التالي: كون الأداء جيدا في الماضي لا يشير بالضرورة إلى أن المهني سيعطي أداء جيدا في المستقبل. وربما عكس أداءه حصوله على معلومات غير متاحة في السوق. وهنا أذكر قصة واقعية قديمة.
استطاع الأمريكي بويسكي التفوق على السوق إلى عام 1986، حين قامت هيئة السندات المالية الأمريكية باتهام بويسكي بالحصول على أرباح غير نزيهة أو عادلة (قيل إنها بلغت مئات الملايين من الدولارات) في السوق المالية. وفي تسوية قضائية منع من المتاجرة بالسندات، وغرم 100 مليون دولار، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات. استطاع بويسكي جمع تلك الأرباح الهائلة غير القانونية بواسطة الاستثمار في أسهم الشركات التي في طريقها إلى أن يحصل عليها من قبل شركات أخرى بسعر أعلى من سعر السوق. وقد اتهم بويسكي بدفع رشى إلى أحد المستثمرين المصرفيين؛ للحصول على معلومات داخلية عن صفقات تملك شركات لشركات.
