العادات السيئة والقناعات الخاطئة!

محاولة رصد بسيطة لبعض الظواهر الغريبة في المجتمع، التي بسببها تكثر بعض الأمراض ستصيبك بالذهول والحيرة معا، خاصة إذا كانت مثل هذه الظاهرة لها أثر سلبي في صحة أطفالنا وأجيال الغد، ولعل تعاطي التدخين وزيادة الوزن (السمنة)، اللذين بسببهما كثرت الإصابة بأمراض القلب والسكري وأمراض أخرى، خير شاهد على أهمية التدقيق في بعض الظواهر ودراستها دراسة عميقة.
أدرك تماما أنه كثر الحديث عن مساوئ التدخين وأضراره البالغة، لكن مما يؤسف له أن هذه العادة السيئة بات متورطا فيها أطفال لم تتجاوز أعمارهم 13 و14 عاما، وامتدت لتشمل حتى الفتيات في مقتبل العمر، فضلا عن النساء بصفة عامة، وتحول ما كان بالأمس يتم بالخفاء وفي أضيق حدود وقلة قليلة إلى ظاهرة يتم التفاخر بها في المجالس والمقاهي، أما السمنة فانتشرت بين الأطفال في سن مبكرة من العمر، خاصة في المراحل الدراسية (الابتدائي المتوسط والثانوي)، حيث تشاهد منهم غير القادر على اللعب مع أقرانه، بسبب زيادة وزنه وضيق تنفسه عند الركض أو عند بذل أي جهد بدني بسيط.
هل تعلمون أن هناك أمراضا مثل الضغط والسكري وأمراض القلب على مختلف أنواعها، لم تعرف بأنها تصيب الشباب تحت سن الـ 40، باتت اليوم تستهدف شبابا في ريعان الشباب يعانون هذه الأمراض، وأصبحت مشاهدتهم يتلقون العلاج ومراجعة العيادات الطبية أمرا مألوفا.
ليست هنا المشكلة وحسب، إنما تكون المعضلة أكبر عند الحديث مع الأسرة ومحاولة تنبيهها إلى أن السمنة على سبيل المثال مضرة بصحة الطفل، وستؤثر في حياته المستقبلية برمتها وتحرمه من التمتع بسن الطفولة، فتصدم بقناعات قديمة خاطئة مترسخة في أذهانهم عن أن الجسم كلما كان ممتلئا فهذا دليل على الصحة والغذاء الجيد، تعود تحاول أن تشرح لهم الأمراض التي تسببها زيادة الوزن أو عدم الاهتمام ورعاية ومراقبة ابنهم المراهق، فتجدهم غير آبهين أو مهتمين، الأفدح عند إصابة طفلهم البالغ من العمر ثلاث سنوات بالسكر، أو غيرها من الأمراض تجدهم يؤكدون أن هذا المرض جاء بسبب العين والحسد، وآخرون قد يصل بهم الأمر للادعاء أن جنيا تلبس بصغيرهم!
الممارسون للرعاية الطبية سواء كانوا أطباء أو معالجين نفسيين أو إخصائيين اجتماعيين يدركون الجوانب التي أتحدث عنها، لأنها مع الأسف باتت مشاهدات موجودة وملموسة. لكن المعضلة أننا نشاهد أطفالا في مقتبل العمر، وهم أمل المستقبل، يتم طحن طفولتهم بسبب عادات غذائية سيئة، وبسبب عدم الإشراف الأسري الجيد، وعدم المعرفة والإلمام لدى الأسرة بالتعامل مع المراهق واحتياجاته.
إن أكثر ما يدعو للألم عندما يكون بين أيدينا طفل صغير نجده مصابا بأمراض السمنة والسكري وغيرها من الأمراض التي كان يمكن تلافيها وتلافي الإصابة بها بقليل من الوعي والمعرفة.
أحسب أن على أجهزة الإعلام بمختلف وسائله من الفضائيات إلى الصحف مسؤولية كبيرة في هذا الجانب، وكذلك على المدرسة دور توعوي وقيادي في نشر الثقافة الصحية، حيث يمكن للمدرسة أن تستهدف الأهل في منازلهم بقليل من التخطيط. ولا أجدني مبالغة إذا قلت إنه يقع أيضا على أئمة المساجد والخطباء دور توعوي في هذا السياق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي