حرب اليقظة الأمنية مع الإرهاب لا تدور رحاها في الأرض والأجواء والبحار ملاحقة وتتبعا ورصدا لتحركات عناصره وخلاياه، إنما تدور أيضا على صعيد العقل والعصب ونذر الذات في الحرص على التسلح بالعلم والمعرفة الفائقة الدقة والتعقيد في عالم الجريمة وأخطاره على المستويات المادية والمعنوية كافة وبالتالي الارتقاء بالحاسة الأمنية والحدس والاستشعار العلمي إلى أعلى الدرجات تحفزا واستباقا لأي إرهاص عمل إرهابي في بداياته يخطط لتنفيذه في هذا المكان أو ذاك، مستهدفا الإنسان أو المنجزات.
لذلك، قابل السعوديون والمقيمون على أرضهم إعلان وزارة الداخلية عن تفكيك 19 خلية إرهابية وبما مجموعه 149 إرهابيا منهم 124 سعوديا، قابل الجميع هذا الإعلان بتقدير وتثمين عميقين للجهود الخارقة التي يبذلها رجال الأمن السعوديون، وبنوع من الثقة بقدرة جهاز الأمن بكل مفاصله ومواقعه وإدارته، على أن مثل هذا الإنجاز المتواتر على مدى السنوات الماضية هو علامة كفاءة أداء عالي الامتياز للأمن السعودي لقي ويلقى باستمرار شهادات الإشادة من العالم والمحافل الدولية، كما هو في نفوس أبناء هذا الوطن قرارة العين في حراسة لا تتثاءب أو يرف جفنها.
إن وقوع تلك الفئات الضالة التي شاءت أن تضرب منشآت نفطية واقتصادية وتجمع أموالا للإفساد في الأرض والتغرير بحدثاء السن واغتيال مسؤولين أمنيين وإعلاميين مستأمنين، إن وقوعها في قبضة رجال الأمن فيما هي تتوقع أنها في منأى عن الرصد يعني أن هذه المباغتات المبادرة من قبل الأمن السعودي في كل مرة باتت أسلوبا يفت في عضد الإرهاب ومعنوياته، ويؤسس القناعة باستحالة الإفلات من يقظة هذا الأمن. وهي نتيجة لا بد أنها وجدت طريقها وأثرت في روع أعداد كانت قابلة للإغواء، وإنما رسخت الضربات المتلاحقة للأمن السعودي للخلايا الإرهابية على مدى السنوات إدراكا مغايرا لما كان يتم تغريرهم وتضليلهم به.. وحتما تواصل الإنجاز في كشف خلايا الإرهاب سيعني ضغطا عمليا ونفسيا لانسحاقه معنويا من ناحية وتهيؤ فرصة النجاة بالنفس منه من ناحية أخرى عبر الباب المفتوح الذي تركته القيادة السعودية لمن أراد أن يهجر هذه الأعمال الضالة ويدخل في رحاب مجتمعه يبني ولا يدمر.
