أفضلُ طريقةٍ للتخلص من «ساهر»!

* أهلا بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 375.
***
* حافز الجمعة: ما أروع هذا المثل المصري: "أفسَدَ طبخةً جيدةً من أجل مليم ملح".
***
* كان موسمُ الحجِّ مكتملاً هذا العام بنجاحٍ تفوق فيه المنظِّّمون والعاملون على أنفسهم، وكادت حجة هذا العام أن تدخل من أوسع أبواب التنظيم التفويجي للملايين.. ولكن "مليم الملح" أفسد طبخة الحج التي كادت أن تصل بطعمها ومذاقها للكمال. "مليمُ الملح" الذي لم يُضَفْ لطبخةٍ أجاد الطهاةُ إخراجها، ففسد مذاقُ الطبخة. ما حصل للحجاج الذين افترشوا مطار جدة لأنهم تأخروا أياما عن موعد ذهابهم لأوطانهم لا يجب أن يعالج أبدا بتمرير المسئوليات.. إنها مسئولية أمّة.
***
* في صحف الكويت الأحد الماضي، كل عناوينها الأولى بلا استثناء كانت عن الحجاج الكويتيين الذين حُجزوا في مطار جدة، وصارت هي القضية الوحيدة الطافية على كل الأخبار. ولفتني عنوان لجريدة "الوطن" الكويتية بحرف أكبر من البنوط المعتادة، وكأن العنوان يصرخ: "حجاجنا ركبوا القطار، وناموا بالمطار". في الكويت أو في أي دولة تأخر حجاجُها وجأروا بالشكوى لحكوماتهم، وغضب شعبهم، لن يهمهم من الذي كان السبب المباشر بالتأخير.. كل ما يعرفونه ولا استعداد عندهم لسماع تبريرات أخرى، أن المملكة أخرت حجاجهم. وهنا ما يجعل الواحد منا يتمزق بهذا الاستهتار وضعف الاكتراث والتماهل في سمعة الأمة.. ليس فقط عمل بهذا الحجم المؤثر، بل إن كل فرد سعودي يقوم بعمل ضد أي أجنبي سيتم التنكيل بسمعتنا كلنا، وسنأكل علقمَ العواقب كلنا بلا استثناء.. لن يفيد أبدا أن يقول أحدٌ إنها قضية فرد، أو إن الآخرين يجرمون في حقنا داخل بلدنا.. هذا لن ينفع في الخارج، ولن يجد أذنا صاغية.. أبدا. علينا ابتداءَ ألا نقدم رؤوسنا على صحون، أو تتبرع جهة، أو يتبرع فردٌ منا بذلك. فلنقم كلنا بإعداد الطبخة ولا نفرط بمليم من الملح!
***
* في الكويت، دُعيت لندوة ديوانية معروفة، وكان التهليل والترحيب غامرا ليلة الجمعة الماضي، وكان الحديث عن "السعودية" كبلد كبير ومحترم ويقارنون إنجازاته لكي يتم الاقتداء بها في الكويت. وراحت الجلسة جميلة رهيّة تبودلت فيها مع المعلومات محبة أخوية، فما المجتمعُ الكويتي إلا نسيج من ذات القطيفة التي فيها نسيجنا. في الليلة التالية في ديوانية أخرى بعد شيوع مسألة "مأساة الحجاج" كما صاروا يسمونها.. لم يكن الحديثُ إلا مائلاً للوم الشديد ولم يجرِ موضوعٌ غيره. وفي المطار، استوقفتني الفتاة التي في جوازات المغادرة وقالت: "أفرجوا عن حجّاجنا". أفرجوا؟ هه!!
***
* شخصية الأسبوع: رجلٌ يزن كل ذرّةِ ملحٍ في كل طبخة، له صفة الطهاة المتأنين المهَرة الذين يحرصون على إخراج طبخاتهم مكتملة المذاق. إنك تتعجب أن مسئولا مثله لا يُقدَّم كأنموذج يقتدي به بقية المسئولين. فالمسئولُ المتفوقُ ليس مجرد رجل تعلم أو ترقى في مضماره إلى أعلى درجات السُلم، إن لم يكن بالموازاة قد صعد ذات الدرجات أو أكثر في سُلم الإنسانية. وسُلم الإنسانية يقف على مرتكزين: المعرفة العامة - الثقافة العميقة إن شئت- والمحبة الغالبة الجامعة. والشيخُ "عبد العزيز بن عبد الله السالم" أولى صفاته "المِلـْحية" أنه "يحبُّ" أن يحبَّ الناسَ، ويحب أن ينقل عن الناس، وهم لا يعلمون، أجملَ الأخبار والصفات عنهم. رجلٌ تربطه أقوى الصلات بمجتمعه بكونه اجتماعيا بطبيعته، ولا نقصد بالاجتماعي الاختلاط المفرط، ولكن باهتمامه واعتنائه بأشخاص مجتمعه، وبمجتمعه كحالة منفصلة تستحق الاهتمام والدراسة. وتربطه أقوى الصلات بالمسئولين بحكم تجذّر مسئولياته، يساعده في ذلك ملفٌ ناصع بالسمعة والإنجاز، ويرتبط مع المثقفين والكتاب ورجال الأعمال والشخصيات العامة والخاصة تؤهله ملـَكـَةٌ هائلةٌ من القبول والتوجّه المحبب في معالجة الاتصال مع الناس. وهو يغمرُ نفسَه بنفسِهِ، بعقلٍ وطبْعٍ مجبولين على التباسط والتواضع، وهو ينسج أجمل المقالات لم يكن يرصّع اسمه "كحضرتنا" تحتها أو فوقها، بل كان يتخذُ اسماً مستعاراً هو "مسلم بن عبد الله المسلم".. على أن هذا لم يستعص على عبقري ومثقف آخر هو الدكتور "عبد الرحمن الشبيلي" الذي نشر سرَّ من كشف الاسم لأول مرة, وهي مناسبة لمراجعة سفـَر الدكتور الشبيلي الأشهر: "أعلامٌ بلا إعلام". وبمجرد أن تذكر ذاك العنوان، أول اسم سيقفز في الخاطر لمن يعرفه، هو الشيخ عبد العزيز السالم. وتبقى صفته الأولى والأخيرة: المواطن عبد العزيز.
***
* وبما أننا نتحدث عن الطعام، ففي التوازن البيئي تفصح سلسلة الطعام، وهي السلسلة الحيوية المختصة بالحياة ذاتها، على أن لا شيء أبداً يعمل وحده. حتى في أقصى البيئات الموغلة القصيّة، الأشياء الحيّة تؤثر في بعضها من أجل البقاء، وتتفاعل مع محيط المكان حولها. خالقُ الكائناتِ لم يترك أقل الأمور تفصيلا من أجل التوازن.. حتى في ذرات جزيءٍ من الملح!
***
* وبالبريد وصلتني رسالة موزعة في كيفية التخلص من ساهر النظام المروري المتربص بكل مكان، والطريقة غاية في الذكاء والحكمة ولا ينقصها الملح، وهي: "لا تسرع!"
***
* والمهم: أجمل عنوان قرأته هذا الأسبوع: "أخوان أوزبكيان يتنازعان حقَّ حمل أمِّهما في الحج!"
في أمان الله..

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي