سلمان بن عبد العزيز .. «أمير» الإنجازات والوفاء
لا أدري لماذا أتذكر عبارة ''الرجال مواقف'' عندما استرجع مسيرة الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، التي تكشف عن معدن إنسان أصيل، صاحب مبادئ ثابتة، ومُثل قويمة، وعزيمة من فولاذ، لا تلين، ولا تؤمن بالمستحيل، ولا أدرى لماذا كنت أتمنى دائماً أن أكون تلميذاً نجيباً في مدرسته، التي تُعلم منسوبيها معنى الوفاء بالوعد، والتضحية من أجل الآخرين، والانضباط والدقة والأداء المتميز، ولكن سرعان ما أدرك أن ليس في الأمر سر، إذا عرفنا أن الأمير سلمان اكتسب كل هذه الشمائل من تربيته في بيت المؤسس الملك عبد العزيز ـــ طيب الله ثراه ـــ واكتسبها من محصول ثقافي واسع، واطلاع متواصل على مدار الساعة، لكل ما هو جديد وحديث، فكانت الخلاصة أنموذجاً فريداً لولي أمر مطلع ومثقف، ومنظم إلى أبعد الحدود في عمله، وملم بكل شيء حوله، وقريب جداً من أبناء وطنه، في تلاحم متناغم، يؤكد أن العلاقة بين ولي الأمر ومواطنيه في المملكة، تختلف عن أي مكان آخر في العالم، ويؤكد أيضاً أننا كشعب سعودي، محظوظون بولاة أمر أتقياء، ''الإيمان'' عنوانهم، و''الرحمة'' شعارهم، و''فعل الخيرات'' سلوكهم، وربما لهذا السبب كنت حريصاً على كتابة هذه العبارات، التي أشعر أن قولها واجب، خاصة إذا كانت عن أمير محبوب، استحوذ على حب العباد منذ سنوات وسنوات، فبات أخاً للكبير، وأباً للصغير، وعوناً وسنداً لكل محتاج وفقير ومظلوم.
أرى أنه من المستحيل، أن أوجز مشوار الأمير سلمان بن عبد العزيز في مقال أو حتى كتاب، ذلك الإنسان الذي غدا اسمه يبعث على الفخر والاعتزاز، الممزوجين بالسعادة والخير الوفير، في نفوس أهالي الرياض خاصة ومواطني المملكة عامة، الذين شعروا أن أميرهم قريب منهم، يعرفهم قبائل وعائلات بل وأفرادا، ويعرف ظروفهم، ومشكلاتهم واحتياجاتهم، فاطمأنت قلوبهم، وأدركوا أن هناك من يهتم بهم ويسهر على راحتهم، خاصة الفقراء والضعفاء والمحتاجين، الذين تناست قلوبهم الحزن والقهر، لمجرد إحساسهم بأن الأمير سلمان على مقربة منهم؛ يدعمهم ويساعدهم في السراء والضراء، وتختزن ذاكرة هؤلاء، وخاصة المعوقين منهم، للأمير الإنسان، إلى أي مدى كان قريباً إليهم، بالأيادي البيضاء ''تارة''، وبالحب والحنان الأبوي ''تارة أخرى''، وكيف كان حريصاً على مسح دموعهم ورسم الابتسامة على شفاههم، وتوفير ما يحتاجون إليه، في رسالة واضحة المعالم، تؤكد أنهم بين إخوانهم وأحبائهم، وأن خدمتهم شرف كبير ومصدر سعادة لا حدود لها، ومن هنا حرص الأمير سلمان على أن يكون المؤسس والرئيس الأعلى لمركزه لأبحاث الإعاقة، والرئيس الفخري للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وأعلن عن أول مدينة صديقة للمعوق على مستوى المملكة، ورأس جمعية البر في الرياض، ليس هذا فحسب، وإنما كان الرئيس الفخري للجنة أصدقاء المرضى في المنطقة، رئيس مشروع ابن باز الخيري لمساعدة الشباب على الزواج، ورئيس مجلس إدارة مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري، ورئيس الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام، وغيرها من المؤسسات الخيرية، التي تهب لمساعدة الملهوفين والمحتاجين أينما وجدوا.
وتحتفظ مدينة الرياض، لأميرها سلمان بن عبد العزيز، بكثير من الجميل والعرفان، بعد أن نجح سموه بحكمة القائد، وذكاء المُخطط، في تحويلها إلى عاصمة عربية، بمواصفات عالمية، تناطح كبريات العواصم الأوروبية، ثقافةً وحضارةً وعلماً دون إخلال بثوابت الدين الإسلامي الحنيف والأخلاق السامية، فلا يذكر اسم ''الرياض''، إلا ويذكر اسم أميرها بكل الفخر والاعتزاز، وتعلم الأجيال في المملكة عامة، وفي الرياض خاصة، ماذا قدم الأمير سلمان للعاصمة، وماذا أنجز على مدى ما يقرب من نصف قرن، تولى فيها إمارة المنطقة، وأسس الهيئة العليا لتطوير الرياض، وأشرف مباشرة على أعمالها وإنجازاتها، ويتذكر كبار السن ''تحديداً'' كيف كانت الرياض في السابق، وكيف أصبحت خلال العقدين الأخيرين، فنظرة واحدة لأرجاء العاصمة، يدرك بعدها الشخص أنه في مدينة سابقت الخيال، وتجاوزت الأحلام، عبر عدد من المشاريع التنموية، التي قادها الأمير سلمان باقتدار، وصعدت بالعاصمة إلى آفاق رحبة من التقدم والازدهار، فيُكتب للأمير سلمان أنه صاحب المبادرات الاقتصادية المهمة التي عايشتها المدينة، فساند ـــ يحفظه الله ـــ تأسيس الغرفة التجارية في الرياض قبل نصف قرن مضى، وواصل دعمه لها، حتى باتت دعامة قوية في اقتصاد الوطن، معتمداً ومتوكلاً على الله ثم على الرعيل الأول، الذي آمن بالفكرة، وسعى إلى الهدف، متحدياً كل العقبات والصعوبات، إلى أن تحقق له ما أراد، ولرجال الأعمال ما خططوا له، وكانت هذه البداية لقرارات عدة، اتخذها أمير الرياض تباعاً، لدفع رجال الأعمال في العاصمة لإنجاز مشاريع عدة عملاقة في المجالات كافة؛ في التجارة والزراعة والصناعة والعقار، صبت جميعها في خدمة الاقتصاد الوطني، وعززت فرص العمل لأبناء الوطن، وأكدت أن لـ ''الرياض'' قائداً يعشق هواءها، ويسعى لازدهارها، منذ أكثر من نصف قرن.
ولا يقتصر جانب الاحتفاظ بالجميل على العاصمة ''الرياض'' وأهلها، وإنما يتجاوز حدود الوطن، إلى من هم أشقاء وأصدقاء لنا، إذ كانت المملكة سباقة ـــ كعادتها ـــ في نجدة الملهوفين، وإغاثة المنكوبين، وتلبية نداء المُستغيثين، في كل بقاع العالم، وكان الأمير سلمان، العنوان الأبرز في كل هذه المبادرات، بعد أن تولى بنفسه رئاسة اللجان المشكلة لإغاثة من يحتاجون إلى المساندة.
وأخيراً، أؤكد أنه مهما قيل في حق الأمير سلمان بن عبد العزيز فهو قليل من كثير، فنسأل الله أن يديم عليه الصحة والعافية وأن يحفظه من كل مكروه، وأن يديمه عزاً وفخراً للمملكة وأهلها، فله منا الدعاء ولنا فيه المثل والقدوة في إتقان العمل وفعل الخير على الدوام.
نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية