أخبار

قرية القارة في الأحساء عشق أزلي مع صناعة الفخار امتد لقرون

قرية القارة في الأحساء عشق أزلي مع صناعة الفخار امتد لقرون

مع تطور الحياة وإعتماد الكثير على الوسائل الحديثة في حياتهم ، انحسرت كثير من الصناعات البدائية التي كانت توفر لهم الأدوات اللازمة لتسيير الحياة رغم بساطتها في ذلك الزمان الجميل ، ولم يعد اليوم لهذه الصناعات البدائية مكان إلى في ذاكرة التراث والمحافظة عليه ليس إلا ، غير أن بعض المناطق في المملكة ما زالت تبقي على هذه الصناعات ، تنتجها بشكل محدود ، ربما من باب المحافظة عليها وتعليمها للأجيال القادمة كإرث يجب المحافظة عليه ، ومن تلك الصناعات والحرف ، صناعة الفخار التي اشتهرت بها منطقة الأحساء منذ آلاف السنين ولا زالت حتى يومنا الحاضر ، إلى جانب العديد من الحرف والصناعات التقليدية الشعبية والتراثية الأخرى . وتعد صناعة الفخار من الحرف التقليدية التي اهتم بها أبناء الأحساء منذ القدم ولازالوا متمسكين بها حتى وقتنا الحاضر ، لا سيما وأنهم توارثوها أباً عن جد ، إلى جانب توفر المادة الخام الصالحة لهذه الصناعة التي أنتجت منها العديد من الأشياء التي كانت تلبي احتياج ورغبات الناس في ذلك الوقت كأواني طهي الطعام ، وأدوات حفظ المياه كالمصاخن ، والحب ، والزير وغيرها ، كما أنه مازالت هذه الصناعة والحرفة التراثية موجودة في مناطق كثيرة من دول الخليج بشكل عام ، ولكنها تتركز في الأحساء بشكل خاص ، وتحديدًا في قرية القارة والتي تبعد عن مدينة الهفوف حوالي 15كم . ويوجد هناك أسرة الغراش التي اشتهرت بهذه الحرفة التراثية واقترن اسمها بها ، وتوارثت هذه الأسرة هذه الحرفة بحيث الأب يعلم أبنائه ، الذين لا زالوا يسيرون على خطى الآباء ويقومون بممارسة ومزاولة هذه الحرفة يومياً داخل المصنع المتاخم لجبل القاره من ناحيته الغربية ، ويؤمه الكثير من الزوار والسياح المواطنين والأجانب ، على مدى أيام الأسبوع ، ويتزايدون بشكل كبير يومي الخميس والجمعة ، ويأتون من داخل المملكة ودول الخليج العربي . ويعد الطين المادة الرئيسية المستخدمة في هذه الصناعة البدائية ، ويختلف بحسب المنطقة التي يجلب منها لإستخدامه في صناعة الفخاريات ، فالطين المستخدم في الأحساء يتم جلبه من الجبل المحاذي للمصنع وله ثلاثة أنواع ؛ الأحمر والأخضر والأصفر ، ويتم خلط هذه الأنواع مع بعضها البعض وبنسب معينة لتكوين العجينة المطلوبة في هذه الصناعة ، كما أن العمل بهذه العجينة الطينية له ثلاث طرق ، تتمثل الأولى في التشكيل عن طريق عمل نماذج مفردة كل قطعة تعمل باليد على حدة ، في حين تتمثل الثانية في استخدام القوالب لكل آنية قالب تصب فيه العجينة وترفع من القالب بعد حرقه بالنار وإخراجه من الفرن ، وتتمثل الثالثة في استخدام الدولاب " العجلة " وذلك بوضع الطين فوق دولاب يدور وتشكل الطينة أثناء الدوران من أعلى باليد ، ومن أسفل بالرجل إلى أن يتم عمل وتصميم الشكل المطلوب . وفي السابق كان الحرفي أو " الفخاري " يقوم بكل العمل في الورشة ، الذي يشتمل على جلب المادة وإعدادها وتحضيرها ، وصنعها ، وتوليفها ، وحرقها ، كون أن الطلب قليل عليها ، قياساً بقلة الكثافة البشرية في ذلك الوقت ، والآن احتاج الحرفي لمن يساعده حتى يتمكن من تنفيذ أشكال حرفته التي باتت تعتمد على الأشياء الجمالية كالمباخر والحصالات والتنور الذي يستخدم لخبز البر الأسمر وكذلك الخبز الأبيض ، إضافة إلى أن التنور يستخدم أيضاً لصنع وتجهيز وجبة المندي سواء باللحم أو الدجاج ، وبالتالي أصبح العمل بالورشة يقوم به أكثر من شخص ، مثل الصنّاع ، والمولف أو المشطب ، والمساعد . وتتمثل طريقة إعداد الطين في جلبه من مكان تواجده ، ومن ثم يعمل على ضربه بواسطة عصا " القصار " لتنعيمه مما يساعد على نخله ، وبعد ذلك يكون جاهزًا لعملية الإعداد ، والتي تتم بوضعه في بركة دائرية الشكل نصف قطرها متر ونصف تقريباً ، وبجوارها ثلاث برك أخرى كل واحدة مستطيلة الشكل ، وتتكون نسبة الطين من 35 جفيرًا أو ما يعرف بالزبيل من الطين الأحمر و65 " جفيراً " أو زبيلاً من الطين الأبيض والأخضر ، ويصب عليها الماء ثم يترك لمدة ساعتين ، وبعدها تتم عملية الخلط واستخراج الشوائب بواسطة "المشخال"، ومن ثم يتم وضعه في "المصفاة" على فتحة في البركة كي يتم توزيع ما بها على البرك الثلاث الأخرى ، وتتصل البرك الثلاث بواسطة فتحات مع بعضها ، ويترك الطين حتى يتماسك ، ثم يأخذ الصناع منه ما يريد ، بنسبة حاجته للعمل .
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار