في منزل الشيخ محمد بن عثيمين
اليوم هو أول أيام عيد الأضحى المبارك, وفي يوم العيد يحلو الحديث عن الوطن، وتتداعى الذكريات الجميلة عنه، وهي ذكريات كثيرة ولله الحمد، ومن الذكريات التي تداعت إلى الذهن تلك الصورة الجميلة التي رأيتها قبل حوالي ربع قرن، وعلى وجه التحديد سنة 1408هـ، أثناء زيارة الملك فهد بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ إلى منطقة القصيم، صورة جمعت الملك فهد ــ رحمه الله ــ والملك عبد الله بن عبد العزيز ــ حفظه الله ــ وألبسه لباس الصحة والعافية، والشيخ محمد بن عثيمين ووالده رحمهما الله، والمكان في مجلس شعبي صغير في منزل الشيخ ابن عثيمين، الذي تولى بنفسه تقديم القهوة لضيفيه الكريمين.
تلك الصورة تحمل من العفوية الشيء الكثير، وتلخص العلاقة القوية التي تجمع أبناء الوطن، وبشكل خاص العلاقة التي تربط بين أفراد الأسرة المالكة والعلماء، كما تغني تلك الصورة عن كثير من الكلمات التي تتحدث عن المملكة، وعلاقات مختلف الأطياف فيها، وهي علاقة تحمل من الخصوصية ما يعود إلى النشأة الأولى للدولة السعودية التي قامت على أسس من الكتاب والسنة.
هذه العلاقة المتميزة أربكت كثيراً من المحللين ورجال الإعلام، ممن يقيسون كل حدث بما يجري في دول أخرى، ليخرجوا بنتائج يتوقعون أنها تنطبق على المملكة، ثم تكشف الأحداث أن ما توقعوه بعيد كل البعد عن الحقيقة، هؤلاء المحللون الذين كثيراً ما تحدثوا عن خلافات داخلية، ووضعوا سيناريوهات لما سيترتب على هذه الخلافات، ثم تكشف الأيام أن ما كان يقال مجرد إشاعات وتحليلات بعيدة عن الواقع.
تلك الصورة التي تمثل العلاقة بين الدولة والعلماء، لم تكن الوحيدة، بل نموذج له أمثلة سابقة، وأخرى لاحقة، تتمثل في ما يحظى به العلماء من مكانة كبيرة لدى القيادة والمجتمع، مكانة نراها في التقدير لما يصدر عنهم من فتاوى وآراء، وفي الزيارات التي يقوم بها كبار المسؤولين في الدولة للعلماء في مختلف المناسبات، وفي ما يلقاه العلماء من احترام من الجميع.
إن كلمة خصوصية سعودية، قد لا تعجب البعض وهم يناقشون ما يجري في المملكة من حراك اجتماعي وفكري، إلا أن ما تعيشه هذه البلاد من حالة استقرار، وتلك الروابط التي تجمع القيادة بالشعب، وهي روابط تأسست مع تأسيس الدولة، وجعلت الوصول إلى رأس الهرم في الدولة وإخوانه أسهل من الوصول إلى بعض صغار المسؤولين، خصوصية سعودية ستظل مستعصية على كثيرٍ من المحللين، والدارسين للحالة السعودية.