آل الشيخ لـ «دعاة الحج»: التزموا الوسطية
أكد الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على أهمية التعامل مع مسألة "التيسير في الحج" من منطلق أن الحجاج أصبح لديهم نقص في العلم الشرعي مما يجعلهم يقعون في إشكالية كبيرة عند وصولهم إلى المملكة, وليست لديهم معلومات واضحة عن رحلة الحج, وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية للحاج, ويأتي دور دعاة التوعية في الحج الذي ينبغي أن يكون في صالح الحاج ، موضحاً أن التيسير إذا كان وفق ضوابطه الشرعية فهو من مفهوم "خذوا عني مناسككم"، مشيرا إلى أن التيسير أصبح من الضرورة في موسم الحج أخذاً بالقواعد الشرعية، منبها إلى أن البعض يتجاهل هذه القواعد ظناً منه أنها إخلال بشروط وأركان الحج، وآخرون يعتقدون أنها تستخدم بسبب ضغوط الواقع، داعيا العلماء إلى التيسير ورفع الحرج عن الحجاج فيما لم يظهر دليل أو نص شرعي يتعارض معه، والحرص على براءة الذمة عند نقل المعلومة أو الفتوى، ومراعاة ظروف وواقع الحاج ومستوى ثقافته ، وأحواله الصحية، والتأكد من معرفته وعلمه بأحكام المناسك.
وطالب العلماء والدعاة المشاركين في برامج توعية الحجاج بضرورة التزام الوسطية في المعاملة ونقل الفتوى والمعلومة من مصادرها الأصلية والموثوق بها والحرص على معرفة واقع الحاج والتعامل مع الحجاج القادمين إلى المملكة عبر المنافذ المختلفة من منطلق عدم إدراكهم لأحكام وأركان وواجبات هذه الرحلة التي قد تكون بالنسبة لعدد كبير من الحجاج هي الأولى وربما الأخيرة بالنسبة لغالبيتهم، مشيرا إلى أن هناك نسبة كبيرة من ضيوف الرحمن يصلون إلى المملكة بعد رحلة قد تكون شاقة بالنسبة لبعضهم, ولذلك يصلون وهم مرهقون بدنيا وربما ذهنيا، وبلا شك يحتاجون إلى من يصغي إليهم ويهتم بأمورهم وأحوالهم، ومتى ما استطعنا الوصول إلى قلوبهم يصبح من السهولة التعامل مع العقل، وكان الانطباع الأول للحاج يصب في الاتجاه الصحيح وفي المسار الإيجابي, ونتمكن عندها من إرشاده إلى الصواب وأن ندله على المسار الذي يقوده إلى بر الأمان، مما يعني أن هذا الحاج سيمضي بقية وقته أثناء أدائه للمناسك وهو مطمئن متفرغ لعبادته ويؤديها كما ينبغي.
ولفت إلى أن المترجمين هم أول وأهم المساعدين للدعاة في موسم الحج, وتقع عليهم مسؤولية كبيرة للتواصل مع المستفسرين والباحثين عن إجابة شافية عن أسئلتهم, ولذلك نحن نختار الأفضل ومن أبرزهم دعاة الوزارة في الخارج وهم في الغالب علماء في بلادهم ولهم مكانتهم العلمية وقدرتهم الفكرية على التعامل مع النصوص الفقهية والأحكام الشرعية، وهنا نذكر ونؤكد على أهمية أن تصل المعلومة من الداعية إلى السائل عبر المترجم مختصرة وواضحة ومفهومة دون إضافة أو تعديل أو نقص لكونها معلومة مهمة وأمانة يجب إيصالها بضوابطها الشرعية, ولذلك ينبغي على المترجمين أن يكونوا حريصين على اختيار أبسط العبارات وأبلغ الكلمات، وأن يكون الإخلاص أصل أدائهم للرسالة الدعوية للحجاج.
وطالب الوزير آل الشيخ بضرورة توصيف مفهوم أزمة الفكر في الواقع المعاصر الذي تعيشه الأمة الإسلامية، حتى يتكامل النظر داخل جوانب وزوايا الأزمة وتحديد أبعادها الحقيقية ، وقال: " يجب علينا بحث جذور الأزمة الفكرية ومظاهرها وتأثير هذه الأزمة في الدين والمجتمع، وأن الوضع يحتاج إلى دراسة مركزة لمجموعة من الإشكالات والتعقيدات الفكرية التي نعتبرها من مصادر الانحراف الفكري، ومن أهمها إشكالية الفهم الخاطئ للقرآن الكريم والسنة النبوية، وإشكالية فهم العلاقة بين الأصالة والهوية والعصرية، وإشكالية التفاعل الضروري بين الثقافات بأنواعها وأشكالها وهويتها ومصادرها المتنوعة".
وأوضح أن التحصين من هذه الأفكار المنحرفة يمكن أن يتم عبر ثلاث خطوات، تبدأ بتشخيص علمي للأزمة الفكرية الحالية، والثانية تحديد دقيق للوضع الفكري الذي نتطلع للوصول إليه ، والخطوة الثالثة وهي الأهم تتمثل في القيام بإعداد وتنفيذ خطة استراتيجية يستخدم فيها جميع الموارد المتاحة ، للانتقال من الوضع الحالي غير المقبول إلى الوضع الذي نتطلع للوصول إليه ، وأن تتضافر الجهود لصناعة وابتكار برامج عملية جديدة وعصرية واضحة ومفهومة تسهم في إصلاح العقول والقلوب ، موضحاً أن إصلاح العقل لابد أن ينطلق من سلامة الفكر الذي هو الثمرة الحقيقية للفكر الناضج والعقل المكتمل علما ورسوخا في الاتجاه الصحيح من أبناء الأمة عبر تاريخها, وهو ما يمثل صورة حقيقية لمنظومتها الفكرية المشرقة المرتبطة بأمنها الفكري، التي ينبغي أن يكون للأمن الفكري في مسيرتها أهمية خاصة وأولوية كبرى للمساهمة في ضبط كافة الجوانب الأمنية.
وذكر أن من يرصد عمليات الإرهاب خلال السنوات الماضية سيلاحظ أنه إضافة إلى الانحراف العلمي والعقدي هناك ظاهرة جديدة تتمثل في الاعتداء على النفس والممتلكات, وهذا مشاهد من خلال ما قامت به قلة وشرذمة منحرفة من أصحاب الفكر الضال الذين نفذوا أعمال التفجير والقتل والتدمير وأفسدوا في الأرض ، مشدداً على أهمية مواجهة الإرهاب بأشكاله وأنواعه حتى يندحر خاسئاً وينهزم.
وأوضح آل الشيخ أن الإرهاب يجمع أنواعاً من الانحراف السلوكي، ولذلك لابد من مواجهته من خلال المحاور التالية : المحور العلمي، والمحور التربوي، والمحور السلوكي، والمحور الاجتماعي, مطالبا كل من يملك تخصصا مؤثرا ومفيدا أن لا يتقاعس وأن يبادر للقيام بدوره لمحاربة أصحاب الضلال والفكر الضال، وأن يسهموا في حماية عقول أبناء المسلمين وخاصة الصغار، "فالعالم له دور وتأثير، والمعلم له دور وتأثير ، والاجتماعي مؤثر، وعالم النفس مـــــؤثر، والبيت والمدرسة والعمل هي في الواقع لها تأثير في تكوين المجتمعات, ولابد من مشاركتها في منظومة الحماية والوقاية والعلاج". وأكد الوزير آل الشيخ أن الأمن عبارة عن رسالة عامة يجب أن نفهم علاقتها وتأثيرها في استقرار المجتمع المسلم ، وأن يدرك المسلم أنه لن تتحقق مصالح العباد في دينهم ودنياهم إلا عندما يتحقق الأمن الكامل، مضيفا: " وكلما زاد حجم ومساحة الأمن بأنواعه وأشكاله توسعت دائرة تحقيق المصالح، ولذلك يجب أن يصبح كل واحد منا رجل أمن وداعما لرجل الأمن ومساندا لرجل الأمن ، وهذا مطلب شرعي ومهم لتحقيق المصالح ، ورسالة الأمن ليست مهمة فرد دون آخر، أو جهة دون أخرى بالمعنى الحقيقي الذي يؤدي إلى استقرار المجتمع ، ومن الواجب أن يسعى الجميع ليكونوا رجال أمن، وأن يسهموا في نشر الأمن الذي أمر الله جل وعلا به, ومن أهم الأولويات الأمن على الدين والأنفس والأعراض والأموال".
وأكد الوزير آل الشيخ أن الأئمة وخطباء المساجد قاموا بما هو واجب عليهم وطلب منهم, وما زالوا يؤدون دورهم البارز والمهم والكبير لمحاربة الفكر الضال والإرهاب وكشف توجهات معتنقي المنهج المنحرف وأصحاب الأهواء، والتحذير من شرورهم وأخطارهم وتعرية كل ما هو مرتبط بالغلو والتطرف، من خلال خطبهم ومواعظهم في مساجدهم.