التدريب في ديوان المظالم .. خيار استراتيجي
عنوان هذا المقال كلمة لرئيس ديوان المظالم الشيخ إبراهيم بن شايع الحقيل ـــ سلمه الله ـــ أثناء افتتاحية مشروع برنامج التدريب لعام 1430هـ. وهذا العنوان ركيزة أساسية لمفاهيم الإدارة الحديثة التي تجعل التدريب في أولوية التنظيمات الإدارية لرفع كفاءة العاملين وسرعة الإنجاز وتحقيق الجودة الشاملة وفق تخطيط استراتيجي، والتدريب في معناه الفني لا بد أن يتضمن الأركان الرئيسة الثلاثة، وهي على النحو التالي:
1 ـ إعطاء معلومات جديدة عن المفاهيم التي يسعى المدرب إلى توصيلها إلى المتدرب وربطها بالواقع العملي.
2 ـ تقديم مهارات يمكن اكتسابها بحيث يسعى المدرب إلى تطوير الأداء المهاري للمتدرب وزرعها فيه من خلال العمل اليومي وطريقة أدائه.
3 ـ تغيير القناعات، وذلك من خلال إبراز المدرب القناعات الجديدة المبتغاة ومدى فاعليتها وإحلالها محل القناعات القديمة التي تعوق العمل وتزعزع الثقة بالعملية التطويرية.
ومن خلال ما تقدم يبرز لنا الفرق الأساس بين المدرب والمحاضر، ومدى الفائدة العملية لكل منهما. والمطلع على برنامج التدريب في ديوان المظالم يجد أنه سبق كثيرا من الأجهزة والمؤسسات في المملكة من خلال الاهتمام بالتدريب كخيار استراتيجي وجعله ضمن منظومة التطوير العام، وأيضا السعي الدؤوب إلى توفير أبرز برامج التدريب كفاءةً، وتهيئة برنامج التدريب مكانيا ونفسيا للمتدرب، وذلك بعقد برامج التدريب بعيدا عن جو روتين العمل والرتابة اليومية؛ حتى يندمج القاضي أو الموظف في البرنامج التدريبي وربط ذلك بلقاءات تعارف بين قضاة المحاكم والموظفين من خلال تنوع المشاركين من سائر المحاكم الإدارية في مختلف المناطق، وأيضا توفير برامج تدريبية متخصصة لقضاة الاستئناف الإداري تلامس المرحلة الانتقالية لمحاكم الاستئناف، وكذلك الدورات المتخصصة لقضاة المحكمة الإدارية العليا، ولم يقتصر الأمر على هذا، بل تم عقد دورات لرؤساء المحاكم الإدارية تناسب ظروف العمل وأسلوبه والمرحلة الحالية، وأسهمت هذه البرامج بشكل ملحوظ في تطوير القيادة التفاعلية بين رؤساء المحاكم والقضاة بما يزيد من تطوير العمل القضائي ومراقبته.
وعند استعراضنا البرنامج الأساسي لهذا العام نجد أن الدورات الشاملة على النحو الآتي:
1 ـ دورة التخطيط الاستراتيجي وبطاقة الأداء المتوازن: وهذه الدورة أسهمت في صناعة الخطة الاستراتيجية لديوان المظالم على أيدي جميع القضاة مع القيادة القضائية والرؤية المستقبلية لها، وستطرح قريبا كما أعلن عن ذلك.
2 ـ دورة تقويم الأداء الوظيفي: وهذه الدورة عالجت كثيرا من المفاهيم الخاطئة في التقويم الوظيفي، وأبرزت المفاهيم الحديثة لهذا الموضوع وربط ذلك بالتطبيقات العملية، سواء كان ذلك في القطاع العام أم القطاع الخاص، وهذه مرحلة متقدمة في عالم التدريب.
3 ـ دورة الجودة الشاملة: وهي دورة مستقاة في الأصل من التدريب للقطاع الخاص، إلا أن تطبيقها في القطاع العام يعتبر مرحلة متقدمة في حسن الأداء الوظيفي؛ وذلك لأن الاهتمام بالنوعية الجيدة والمقارنة بين الأداء الفعلي للناتج أو الخدمة مع التوقعات المرجوة يمكن الحكم عليه من خلال العميل أو المراجع في المفهوم الوظيفي ومجال الجودة في ديوان المظالم يكمن في التطوير المستمر للعمل القضائي والعمل المساند له، وتحسين الأداء بما يحقق الخدمة الجيدة.
ومن التطبيقات العملية لذلك تدشين رئيس الديوان ونائبه البوابة الإلكترونية في بداية الدوام أثناء حفل المعايدة لعيد الفطر المبارك هذا العام، والدورة عالجت مفهوم الجودة الشاملة سواءً كان ذلك فيما يتعلق بالأنظمة للقوى العاملة أو النواحي الفنية مع توضيح الاختلاف بين مفهوم الجودة الشاملة وشهادة الجودة (الآيزو 9000)، التي تتعلق بنواحٍ فنية معينة.
4 ـ دورة القيادة الموقفية: وهذه الدورة تزود القضاة بالمفاهيم والأساليب الإدارية في أعمالهم ومشكلات القيادة الموقفية، وصفات قائد الموقف الكفء، وكيفية صناعة قائد الموقف الكفء وتهيئة الأنماط الذاتية والإدارية للقيادة الموقفية، وربط ذلك بالتدريبات العملية المفيدة في العمل القضائي.
ومن خلال استقراء الواقع القضائي والبيئة العملية الملازمة له نستنج بما لا مجال للشك فيه أن البرنامج التدريبي المنعقد في ديوان المظالم لهذا العام أثبت تفوقه على كل البرامج التدريبية المزامنة له، وأن آثاره التنظيرية والعملية في البيئة القضائية أسكتت كل الزوابع الإعلامية والصحافية التي حاولت تشويه هذا البرنامج أو انتقاده، بل أسهمت هذه البرامج المتنوعة في تطوير القاضي في ذاته وعمله في عصر أصبح التدريب خيارا استراتيجيا لأي جهة تتطلع إلى إعداد كوادر بشرية قادرة على تلبية حاجات العمل ومواكبة التطورات والتغيرات السريعة التي تحدث في مجالات العمل.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسعادة والهناء في الدارين.