التأمين التكافلي والمضاربة .. كيف يمكن الجمع بينهما؟

تُعد المضاربة أحد أنماط استثمار المال، وهي وسيلة لزيادة رأس المال وإنمائه. وتقوم المضاربة على اتفاق بين طرفين يقدم أحدهما المال للطرف الآخر ويتولى هذا الأخير تشغيل هذا المال واستثماره على أن يقتسما الربح فيما بعد بحسب النسبة التي يحددانها في العقد.
والمضاربة هي أحد ضروب العمل المشترك وامتزاج الخبرات والجهد، وهي من المعاملات التي أباحتها الشريعة الإسلامية, كونها تهدف إلى السعي لتحقيق الربح، وفيها يتحقق معنى التعاون والتكافل اللذين حثت عليهما الشريعة الإسلامية الغراء.
ولعل مفهوميّ المضاربة والتأمين التكافلي يقتربان كثيراً من بعضهما البعض في حالة المضاربة عن طريق التعاون الكامل بين عدد من الأشخاص، بحيث يتجاوز الأمر معنى المضاربة بصورته الشائعة إلى المضاربة وضمان المخاطر الأخرى التي تنتج من حوادث معينة يمكن أن يتعرض لها المضاربون.
وفي الحقيقة فإن هذه الصورة هي من أسمى درجات التكافل بين الأفراد، لأن الأمر لا يتوقف عند هدف اقتسام الأرباح أو المشاركة في تحمل الخسارة، وإنما أيضاً مساعدة من يتعرض لخطر معين من الأعضاء يجعله عاجزا عن كسب قوته، بل يصل الأمر إلى مساعدة ورثة المتوفى من الأعضاء عن طريق تقديم مبلغ مالي للورثة يساعدهم على تدبير شؤونهم المالية عند فقد عائلهم.
وبالنسبة إلى إدارة عمليات المضاربة فعادة تقوم مجموعة من المشتركين بإنشاء أو تحديد شركة معينة تتولى إدارة اشتراكات المضاربين وتوظيف هذه الأموال على شكل وحدات استثمارية متساوية القيمة، بحيث لا تتحمل الشركة الخسارة في استثمار تلك الاشتراكات ما لم يكن السبب في هذه الخسارة راجعا إلى الإهمال أو التقصير منها. ويحق للشركة الحصول على أتعاب المضاربة.
وعادة تغطي هذه الأتعاب رواتب الموظفين والمصروفات الإدارية ونسبة من صافي دخل المضاربة. وتوزع عوائد الاشتراكات على مشتركين بنسبة مشاركة كل منهم باعتبار أن هذه الاشتراكات هي إنماء لأموالهم, وذلك في نهاية فترة الاشتراك. والعلاقة التي تحكم المشتركين والشركة هي علاقة عقدية ينظمها عقد المضاربة المتفق عليه، ثم يأتي بعد ذلك وجود ميزة إضافية تلتزم بها الشركة المضارِبة تجاه المشتركين تتمثل في وجود تأمين تكافلي, بالإضافة إلى عقد المضاربة يغطي بعض المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء أثناء سريان فترة الاشتراكات.
وهذا يعني أن تقوم الشركة بإدارة حسابين في الوقت نفسه ومستقلين عن بعضهما البعض وناشئين عن عقدين مستقلين وهما حساب خاص بالمضاربة والآخر خاص بالتأمين التكافلي للأعضاء، حيث يغطي جزء من مبلغ الاشتراك تكاليف التأمين على الأعضاء. ليغطي مثلا الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي نتيجة حادث أو مرض أو حينما يصبح المشترك غير قادر على ممارسة مهنته. وفي حالة وجود مثل هذا النوع من التأمين التكافلي فإن الالتزامات والحقوق التي ينظمها هذا العقد هي نفسها التي ينظمها عقد التأمين في العادة، وهي نفسها المقررة في بقية العقود الرضائية مثل ضرورة توافر الرضا والإدلاء بالبيانات الضرورية من قبل المشتركين كالحالة الصحية للمشترك والالتزام بدفع الاشتراك. كما أن الاستثناءات التي لا يغطيها التأمين التكافلي في الغالب هي نفسها المنصوص عليها في عقد التأمين، كأن يكون سبب العجز ناتجا من حالة مرضية قبل إبرام عقد التأمين أو ناتجاً مثلاً من محاولة انتحار أو أن الخطر حدث بتدبير من الورثة أو من الموصى لهم أو من أحدهم ليظفروا بمبلغ التأمين، أو أن يكون العجز أو الوفاة نتيجة اشتراك العضو في حرب أو تمرد أو عصيان مثلا أو تنفيذا لعقوبة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي