برسالة للرقم 5060 ستسهم في إنقاذ مريض

يقول الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ في محكم كتابه: ''فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا''، وفي آية أخرى يقول: ''من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة، والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون''، ويأمرنا ربنا ـــ جل وعلا ـــ في عدد من الآيات الكريمة بتلمس حاجات إخواننا وأخواتنا من المحتاجين ومساعدتهم، كذلك توصي الأحاديث النبوية الشريفة بتكاتف ومساعدة البعض، حيث يقول نبينا محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ: ''المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا''. هذا من ناحية تلمس الحاجة والعمل على قضائها بشكل عام، لكن في حالة ذوي الأمراض المزمنة مثل حالة مرضى الفشل الكلوي فالأمر مختلف، حيث الحاجة أكبر والفضل في عمل الخير أكثر, حيث المعاناة الحقيقية لمرضى الفشل الكلوي ـــ شفاهم الله ـــ التي لا يعرفها غير المريض وعائلته وبعض المحيطين به، والبعض الآخر من الذين تبرعوا بوقتهم ومالهم لدعم مساعدة مرضى الفشل الكلوي.
يحتاج المريض إلى الغسيل الكلوي الدموي بنحو ثلاث إلى أربع جلسات أسبوعيا (تستمر الجلسة من ثلاث ساعات إلى أربع ساعات في كل مرة)، ويحتاج المريض إلى أدوية قبل جلسات الغسيل الكلوي وبعدها, حيث تصل التكلفة إلى نحو 9600 ريال شهريا، وبتكلفة إجمالية تصل إلى نحو 115 ألف ريال سنويا، هذا في المدن التي تتوافر فيها مراكز غسيل كلوي، وفي المدن والمحافظات التي لا يتوافر فيها مراكز, تضاف إلى التكلفة معاناة المريض وعائلته من مشقة السفر.
رحم الله الأمير فهد بن سلمان، وجزى الله الأمير عبد العزيز بن سلمان خيراً ـــ الراعي الحقيقي لجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي ـــ على ما قام ويقوم به من عمل وجهد لدعم الجمعية، وليس بمستغرب على الأمير ذلك لأنه من خريجي مدرسة الأمير سلمان بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ المؤسس والرئيس لعدد من المؤسسات والأعمال الخيرية. منذ إطلاق برنامج رعاية غسيل دموي لمرضى الفشل الكلوي المحتاجين في عام 1428هـ، خدم البرنامج أكثر من 700 مريض، بتكلفة سنوية وصلت إلى نحو 80 مليونا و500 ألف ريال. وتقدم الجمعية تكاليف الأدوية الأساسية التي يحتاج إليها المريض قبل وأثناء وبعد جلسات الغسيل، وتوفير الفحوص الدورية (أسبوعية ـــ شهرية ـــ نصف سنوية)، وتوفير العلاجات اللازمة لحالات الطوارئ التي قد تحدث للمريض أثناء جلسات الغسيل الكلوي.
يوجد حاليا 11 ألف مريض مصابون بداء الفشل الكلوي، وعدد المرضى في تزايد, حيث تبلغ الزيادة السنوية نحو 9 في المائة، وبعض المرضى من المحتاجين غير القادرين على تحمل نفقات الغسيل الكلوي، أو قيمة الأدوية، أو وسيلة النقل، أو تكاليف الرعاية الطبية الطارئة، خاصة مع صعوبة التعايش مع هذا المرض من الناحية العلاجية والاجتماعية.
ولا شك أنه لإنجاح مشروع مساعدة ودعم الجمعية يجب تكاتف الجميع، وفي هذا السياق نتمنى من وزارة الشؤون الإسلامية حث خطباء الجوامع على تخصيص خطبة إحدى الجمع لزيادة الوعي لدى أفراد المجتمع عن حجم معاناة وتكاليف الغسل الكلوي، ولبيان فضل مساعدة الجمعية وحث الناس على التبرع المادي وفضل التبرع بالأعضاء.
وكذلك نتمنى من شيخنا الفاضل الدكتور سلمان العودة تخصيص حلقة إذا أمكن من برنامجه الناجح ''حجر الزاوية'' لبيان فضل الإسهام في دعم مرضى الفشل الكلوي، وبيان فضل التبرع بالأعضاء من الناحية الشرعية للمتوفين دماغيا.
ونتمنى من البنوك والشركات ورجال الأعمال العمل على إيجاد مصادر دخل قابلة للاستمرار تدعم الجمعية على غرار ما حدث في التسابق في تأسيس كراسٍي بحثية في الجامعات السعودية، ووصل حجم المبالغ المتبرع بها لبعض تلك الكراسي خانة المليارات، وبعض الجامعات استطاعت استقطاب أكثر من كرسي بحثي. وبالتالي قد يتناسب مع دور البنوك المحلية في دعم النشاط الاجتماعي تبني مشروع تأسيس صندوق خيري يكون أداة مهمة لإيجاد مصادر دخل قابلة للاستمرار تدعم تمويل برنامج علاج مرضى الفشل الكلوي، كذلك الشركات بما فيها الشركات العائلية يجب أن تقوم بالإسهام في دعم هذا العمل الخيري الذي يتناسب وحجمها. ودعم مثل هذه الأعمال سيكون له أثر كبير تطول فوائده شريحة كبيرة من الناس المحتاجة إلى الدعم الحقيقي.
ختاما، إن ما يدعو إلى القلق هو تزايد عدد المرضى والزيادة السنوية المرتفعة التي تصل إلى نحو 9 في المائة، وبالتالي في حال استقرار نسبة الزيادة عند ذلك الحد فإن عدد المرضى في السنوات الخمس المقبلة مرشح ليصل إلى نحو 17 ألف مريض. وبالتالي تأتي أهمية العمل الجماعي, حيث إن نجاح مشروع مساعدة ودعم الجمعية مسؤولية الجميع كلٌ حسب استطاعته، ومهما كان حجم المشاركة حتى لو كانت بسيطة، ستكون عاملا مهما لإنقاذ مريض.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي