رغم تغير الظروف والأحوال وبدء تنفيذ مشاريع تقنية كبيرة في محافظة جدة وأعمال التطوير لمنطقة جدة التاريخية، لا تزال منطقة البلد في جدة تعيش طقوسها الرمضانية التي يتوارثها الأجيال عن أسلافهم وأجدادهم منذ عقود من الزمن، فما أن يهل الشهر حتى تبدأ وسط جدة ومنطقة جدة التاريخية ميدان البيعة وشارع قابل وعلوي وشارع الذهب والنوري وغيره بافتراش البسطات المتنوعة للأكلات الشعبية مثل البليلة, والكبدة, والحلويات الشرقية، والمقاهي على قارعة الطرق، وليال السمر ولبس العمة الجداوية التي تميز تلك المنطقة ويرتديها الصغار والكبار، إضافة إلى العبارات والمواويل الشعرية التي يتناقلها أصحاب البسطات لجذب الزوار ويرددها الصغار.
يقول دخيل الله الشلالي صاحب بسطة لبيع البليلة نمتهن هذه المهن منذ عقود نتوارثها، ونقدمها لأطفالنا, فالمنطقة لها زوارها الدائمون من داخل وخارج جدة، فكثير من الأسر والمعتمرين يقصدون المنطقة سنويا للتعايش في الأجواء الرمضانية والأكلات الشعبية "البليلة, والكبدة" التي وصفوها بالطعم الخاص في تلك المنطقة، وتعد الأكلات الشعبية رقم واحد في جذب الزوار للمنطقة. وأضاف أن المنطقة تشهد غيابا تاما لذوي الاحتياجات الخاصة بعد أن كانت تتم جولات لهم في المنطقة مرجعا ذلك للأعمال التطويرية التي تعوق دخولهم وتنقلهم بكل حرية كما كان سابقا. وحول وضع البسطات قال الشلالي شارع قابل يضم بسطات لبيع البليلة منها المغربي، والشلالي، والإشراف، والحايطي، وشارع علوي، وشارع الذهب، والكورنيش، والنورية.
وأوضح: "ويكون التنافس بين البسطات والشوارع وبإطلاق العبارات التقليدية والمواويل التي يرددها الصغار لجذب الزوار للتذوق".
وحول حالات التسمم التي تحدث لبعض الناس أشار الشلالي إلى أن المنطقة لم تسجل أي حالة تسمم منذ سنين فالأمانة لها اشتراطات صحية وجولات تفتيشية مستمرة ومكثفة, فلا توجد أي حالة تسمم مسجلة لمنطقة البلد.
وبشأن عمل البليلة أشار "طريقنا واحد، ولكن الطعم يختلف فلكل بسطة نكهات وإضافات معينة تميزها عن غيرها، ولكل بسطة زبائن دائمون لها, مبينا أن هناك إقبالا من قبل الأجانب على الأكلات الشعبية بشكل سنوي للتذوق، إضافة إلى رغبة البعض في تعلم كيفية عمل البليلة".
البائعة الوحيدة
من جهتها قالت أم بندر، المرأة الوحيدة التي تدير بسطة لبيع الكبدة في شارع الذهب منذ أكثر من 15 سنة، إن زوار سوق الكبدة في منطقة البلد من خارج جدة، فأغلب الأسر الخليجية والسعودية عند زيارتهم لمكة المكرمة يحرصون على زيارة المنطقة للتعايش، وفق الأجواء الرمضانية، وتناول الأكلات الشعبية للبحث عن الطعم المتميز والخاص بتلك المنطقة، موضحة أن منطقة البلد كبيرة ولكل منطقة ناس معينون لبيع الأكلات الشعبية حددتهم البلدية وهم متواجدون كل سنة, مبينة أن سوق الكبدة تشهد هوامير كبدة يسيطرون على السوق لجذب الزبائن، مؤكدة أن روح التنافس بين البسطات هو العامل الوحيد على تطويرها وتحسين أدائها، مبينة "تكثر عادة المشدات والخلافات بين أصحاب البسطات مع بعضهم ولكن سرعان ما تزول لبدء العمل من جديد"، موضحة أن منطقة البلد تشهد سنويا زيادة في عدد الزوار من جميع الفئات كبارا وصغارا مستمعين للمواويل التي تطلقها البسطات، وتتنافس كل بسطة عن الأخرى بموواويل جاذبة للزبائن.


