تلبيس العام بالخاص لا يكفي!

يقول المثل ''أن تحضر متأخرا خير من ألا تحضر''. في بعض الأحيان ينقلب المعنى جملة وتفصيلا ويصدق القول المعاكس فيقال ليتك لم تحضر أبدا ما دمت لم تحضر مبكرا. استشعرت حقيقة هذه الفكرة وأنا أطالع بعض الكتابات الصحافية المهاجمة لهيئة الاستثمار ـــ المتطورة أخيرا ـــ من مجموعة متعددة من الكتاب بقيادة مخضرم أنيق، وكأنهم للتو استيقظوا من سبات عميق. يا سادة، أأليوم راعكم ما يحدث؟ يآآآآآآآآآآآآآآه. صباح الخير. أشعر بتعب في خلايا الدماغ لاستيعاب أن ما يحدث لم تتم ملاحظته إلا اليوم .. في وقت بدأت الهيئة في التقدم بخطوات أكثر ثباتا وباحترافية أكثر مهارة بعد أن تعلمت من أخطائها الشيء الكثير. وهو الأمر الذي يقود لتساؤل عن توقيت هؤلاء الكتاب في الانتقاد الشرس اللامتوقف؟
يبدو لي أن المصلحة العامة غائبة. دليلي أن إنجازات وطريقة الإخراج والإدارة في هيئة الاستثمار العامة لم يتغيرا منذ زمن طويل، فما الذي تغير حتى تثور ثائرة الأشاوس اليوم (والحق يقال فإن هناك تقدما لا تخطئه العين في عمل الهيئة). مع هذا، أين كان كتابنا يوم كانت الطبول تقرع من كل جهة ـــ يوم طرح شركة إعمار مثلا؟ أحترم شخصيا كل من يكتب عن همه الخاص، فمثلا، هناك من ينتقد ـــ يشتم ـــ الخطوط السعودية لأنها ألغت حجزه أو أضاعت حقيبته، ويطالب بإلغائها أو تخصيصها أو معاقبة مديرها. بكل وضوح يقول ''أنا غاضب ولهذا أكتب محتجا أو معاقبا أو مطالبا برد اعتباري الخاص''. لا تورية. صدق مع النفس ومع القراء ومع المسؤولين.
هذا شيء مختلف تماما عن محاولات التذاكي غير الناجحة. أو عن محاولات تحقيق أهداف شخصية أو خاصة بحتة عبر إلباسها ثوب المصلحة العامة وعلى حساب إثارة مشاعر العامة. طريقة رخيصة الثمن ولكن أظنها مجدية. أجج العامة والمسؤولين وكبار القوم بسلسلة لا منتهية عن تلك الجهة، وكل مقالة هي زيادة عشرة كيلو على كتف المسؤول؛ قد يتحمل مقالة واثنتين ولكن هل يتحمل عشر مقالات ـــ ربما إن استعان بكتف يمر عليه التيس. هل إلباس النفع الخاص الثوب العام يكفي؟ ربما يكفي لدى البعض. ولكنه يفتقد الشيم الكريمة. لهذا، أحيانا، التوقيت مهم جدا للجمهور، لأن هناك جمهورا يأنف أن يكون جسرا لعبور غيره.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي