السياحة التاريخية

استهداف السائح المحلي ببرامج الهيئة العامة للسياحة والآثار أمر مفهوم ومهم للغاية، ذلك أن هذا السائح هو الهدف الذي تفتش عنه الجهات السياحية الخارجية أيضا. حجم المملكة ومستوى الدخل وعدد السكان الكبير يجعل استثمارا سياحيا محليا من شأنه أن يضاعف العائدات السياحية عشرات المرات. شريطة أن يواكب ذلك سلسلة أمور تشمل توسيع دائرة مفهوم السياحة وثقافة السائح ومداركه؛ حتى يستطيع أن يتعاطى مع السياحة حتى في محيط مدينته.
بالأمس أعلن الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، موافقة لجنة التراث العالمي على تسجيل حي الطريف في الدرعية التاريخية في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو. هذا ثاني موقع سعودي يتم تسجيله بعد مدائن صالح.
من المهم أن تتواصل تلك الجهود التي انطلقت مع إنشاء الهيئة العامة للسياحة برئاسة الأمير سلطان. لكن، وعودة إلى موضوع السياحة الداخلية، أتصور أن تفعيل صناعة السياحة الداخلية ـ في إطار المدينة الواحدة ـ أمر مهم، ويحتاج إلى استحداث برامج للزيارات تشجع من يسكن في الرياض أو جدة أو غيرها من المدن على زيارة معالم السياحة في هذه المدينة أو تلك، سواء كانت هذه المعالم متحفا أو معلما تاريخيا مثل الدرعية القديمة أو حارات جدة القديمة أو الآثار القريبة من حائل مثل فيد وسواها من آثار. هذا يتطلب قيام صناعة حقيقية واستثمارا في هذا الأمر يتضمن تهيئة الأماكن لاستقبال السياح وإنشاء فرق تراثية ومطاعم وخدمات أخرى تكون قادرة على تصميم برنامج اليوم الواحد في مواسم الإجازات الطويلة والقصيرة.
وجود الهيئة العامة للسياحة أعطى مشروعية دولية للآثار في بلادنا كنا نفتقد إليها، ورفع الحرج عن كثير من الأحاديث التي كانت ترتبط بعمق تاريخ الجزيرة العربية وعراقة حضاراتها، وهو أمر كان البعض يأنف من الخوض فيه لقناعات خاطئة حتما، حتى أن البعض استغل مثل هذه المواقف وربط بدء التاريخ والحضارة في الجزيرة العربية ببزوغ نور الإسلام، وهو أمر ليس دقيقا قط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي