سنغافورة توظف خبرات المصرفيين الخليجيين المتخصصين في المالية الإسلامية
أكدت سنغافورة، إحدى كبريات عواصم التمويل العالمية، أنها تنظر في الاستفادة ولأول مرة من الموارد البشرية الخليجية المتخصصه في الصيرفة الإسلامية، وذلك عبر اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج. وتعاني سنغافورة من انعدام البنية التحتية الخاصة بالموارد البشرية المتخصصة في المالية الإسلامية، الأمر الذي جعلها تشجع كوادرها الشابة على التخصص في علوم المالية الإسلامية، لتتفوق على كثير من الدول العربية التي أغفلت هذا الجانب.
وقال ليم هونغ كيانغ، وزير التجارة والصناعة السنغافوري، في تصريح خاص لمجلة "المصرفية الإسلامية" على هامش القمة الآسيوية السنوية الأولى" للمؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية"، التي استضافتها بلاده "في هذه المرحلة من تطوير السوق، أعتقد أننا نستطيع تطوير عمق هذه السوق عبر التركيز على تحقيق الكفاءة الأعلى وابتكار منتجات مصرفية أفضل".
وعندما سئل الوزير السنغافوري عما إذا كانت دولته تخطط لإضافة بعض البنود المتعلقة بإمكانية النظر في استفادتها من خدمات المصرفيين الخليجيين المتخصصين في المصرفية الإسلامية، قال: "أنا متأكد أن هذه هي نياتنا. فعلى سبيل المثال نحن ممتنون للبحرين التي لها باع طويل كمركز للخدمات المالية في الخليج. فكلانا (يقصد الخليج وسنغافورة) يرى الخدمات التكميلية التي بإمكاننا عملها"
يذكر أن اتفاقية التجارة الحرة مع ثالث أسهل دولة في العالم من حيث تنفيذ العمليات التجارية، تم توقيعها مع دول الخليج عام 2008، إلا أنه ــ بحسب الجانب السنغافوري ــ تم تصديقها من قبل 4 دول خليجية باستثناء السعودية. وقال الوزير ليم هونغ كيانغ في إجابته عن السبب وراء البطء الذي شاب عملية المفاوضات، إن بلاده تبذل قصارى جهدها وإن آخر دولة صدقت على هذه المفاوضات كانت البحرين. وتابع: " ينقصنا السعودية والكويت. إلا أنهم شرحوا لنا أن المسألة (يقصد الخاصة بعملية التصديق) تتعلق بأمور داخلية عليهم اتباعها).
الجولة الثانية
وخلافا لما يدعيه بعض المراقبين المحليين بأن المالية الإسلامية لم تتأثر بالأزمة، أكد محافظ مصرف البحرين المركزي، رشيد المعراج في مؤتمر القمة الآسيوية للمصارف الإسلامية أن هذه الصناعة لم تتمكن من تجنب الجولة الثانية من الأزمة، حيث يقول: "فيما يخص الأجهزة والقوانين التنظيمية، من المهم أن نستوعب بصورة تامة دروس الأزمة المالية العالمية وندرجها في إطارات تنظيمية تنطبق على المؤسسات المالية الإسلامية. ورغم أن بعض الناس في الصناعة يعتقدون أن المصرفية الإسلامية خرجت غير متأثرة نسبياً من الأزمة المالية العالمية، وبالتالي ليس لديها ما تتعلمه من الخبرة الأخيرة في صناعة المصرفية التقليدية، إلا أنني أختلف معهم في هذا الخصوص.
#2#
وواصل: "رغم أن صناعة المصرفية الإسلامية كانت معزولة نسبياً عن آثار الجولة الأولى من الأزمة لأنه لم يكن لديها استثمارات في المنتجات المالية المهيكلة "السامة"، إلا أنها لم تستطع أن تتجنب آثار الجولة الثانية. فقد اشتملت هذه الآثار على الانخفاض الحاد للسيولة في جميع الأسواق، وعلى أثر الركود الاقتصادي العالمي على الجدارة الائتمانية لجميع المقترضين. وتقتضي مبادئ التمويل الصحيح (عدم تركيز المخاطر، وعدم الاعتماد على الرهان ذي القيم غير الواقعية)، وهذه تنطبق على المؤسسات الإسلامية بقدر ما تنطبق على المؤسسات التقليدية.
وأشار المعراج إلى أن الإطار الحصيف الحالي الذي ينطبق على المؤسسات المالية الإسلامية قائم بصورة وثيقة على الإطار الذي تم تطويره للمؤسسات المالية التقليدية. ورغم أنه تم إدخال تعديلات على الإطار التقليدي ليكون مناسباً للطبيعة الخاصة للمؤسسات المالية الإسلامية، إلا أن الإطار الأساسي شبيه بإطار "بازل 2" (بخصوص معايير الكفاية الرأسمالية) وقواعد حصيفة أخرى طورتها لجنة بازل على مدى السنين. نتيجة لذلك، وفي الوقت الذي تعمل فيه الأجهزة العالمية لوضع المعايير على تطوير معايير حصيفة جديدة تستفيد من دروس الأزمة، فإننا وفقاً لذلك بحاجة إلى أن نكون على استعداد لمراجعة الإطار الحصيف للمؤسسات المالية الإسلامية. وسنحتاج إلى تكييف المعايير الجديدة للكفاية الرأسمالية والسيولة (الموضوعة للمؤسسات المالية التقليدية) على نحو يتناسب مع الظروف الخاصة لصناعة المصرفية الإسلامية.
مشاعر اللبس والخوف
وإلى حد ما تراجعت مشاعر اللبس والخوف من الأزمة المالية، لكن تظل هناك مخاطر قائمة. وبدأ الناتج الاقتصادي العالمي بالعودة إلى النشاط اعتباراً من الربع الثاني من عام 2009. لكن وتيرة الانتعاش تختلف من منطقة لأخرى. ورغم أن الظروف العالمية تحسنت نوعاً ما، إلا أن التطورات الأخيرة في أوروبا كان من شأنها إحداث الاضطراب من جديد في الأسواق المالية، مع بروز الشكوك حول قابلية الاستدامة في المالية العامة في بعض البلدان في منطقة اليورو. مشاعر القلق المذكورة، التي تتكرر من حين لآخر، تعتبر تذكرة على نطاق واسع بأن الاقتصاد العالمي لا يزال يواجه تحديات خطيرة، في الوقت الذي تعمل فيه الحكومات والمؤسسات المالية والشركات على التكيف مع الحقائق الجديدة على الأرض، التي تفرض قدراً أكبر من الحصافة، والتشدد في أحوال السوق، وهبوط مستوى التحمل للحوكمة الضعيفة.
في آسيا، استرد النمو الاقتصادي عافيته بقوة على نحو يفوق مستويات ما قبل الأزمة، وأصبح ذا قاعدة أرحب من ذي قبل. لا تزال الأساسيات قوية في آسيا، حيث استمدت القوة من الطلب المحلي النشط، والأوضاع المالية السليمة، والانتعاش القوي في التبادل التجاري بين بلدان المنطقة. وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي، فإن من المتوقع أن تبلغ نسبة النمو 7.1 في المئة في المتوسط في عامي 2010 و2011، بعد أن كانت 3.4 في المئة في عام 2009. وبعد أن قامت آسيا بإصلاح وإعادة هيكلة أنظمتها الاقتصادية في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية قبل عقد من الزمن، فقد أصبحت في وضع جيد (بعد تراجع الاختلالات في المالية العامة) يؤهلها للخروج من الركود الاقتصادي على نحو أسرع من غيرها. كذلك فإن بلدان منطقة الخليج العربي تتمتع بآفاق متينة للنمو، وهي الآن في وضع يؤهلها لتحقيق نسبة نمو مقدارها 5 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2010 و2011 ــ وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي.
الآفاق العامة بالنسبة للمصرفية الإسلامية تظل إيجابية، رغم التداعيات السلبية من الأزمة المالية. من المعطيات الأساسية للمصرفية الإسلامية أن تكون نشاطات التمويل قائمة على نشاطات تجارية حقيقية. ونظراً للقبول الواسع والمتنامي للمصرفية الإسلامية وجاذبيتها كسبيل للاستثمارات الأخلاقية، فإن من المتوقع أن تستمر الصناعة في النمو بمعدل السرعة التي تنمو بها الأعمال المصرفية التقليدية. وبالتالي فإن الدراسات والاستبيانات تشير إلى أن الصناعة ستخترق قريباً حاجز التريليون دولار في إجمالي الموجودات. لكن المؤسسات المالية الإسلامية، شأنها في ذلك شأن البنوك التقليدية، تضررت بفعل الركود الاقتصادي وما نتج عنه من تراجع في أسعار الموجودات. بعض المؤسسات المالية تضررت بصورة بالغة بفعل التركيز المفرط على الموجودات غير السائلة وخطط الأعمال المفرطة في تفاؤلها. صناعة المصرفية الإسلامية بالتالي بحاجة إلى أن تتعلم وتستفيد من دروس الأزمة الحالية وأن تركز انتباهها أكثر من ذي قبل على القضايا المتعلقة بالكفاية الرأسمالية، وسيولة السوق، وإدارة المخاطر. في سبيل التغلب على هذه العقبات لا بد من التعاون القوي ضمن الصناعة وعبر مناطق الاختصاص المختلفة.
يقول الوزير ليم هونغ كيانغ: "تعد سنغافورة مدينة عالمية دولية تشع نشاطاً وحركة، وهي في وضع طيب يؤهلها لأن تربط الشركات بآسيا والأسواق الدولية. وعلى مدى الزمن، استطعنا إنشاء البنية التحتية اللازمة، والصلات والروابط العالمية، ومجموعة الخبرة التي تتمتع بالمعرفة اللازمة، والفهم والخبرة في الظروف المحلية في آسيا، على نحو يستطيع إضافة القيمة إلى الشركات الداخلة إلى المنطقة.
وإن سنغافورة، باعتبارها مركزاً مالياً يقدم نطاقاً تاماً من الخدمات المالية، على استعداد للعب دور تطويري أكبر في تعزيز المصرفية الإسلامية استجابة للطلب الإقليمي المتزايد على المنتجات والخدمات المالية الإسلامية. وقد عملت السلطة النقدية بصورة وثيقة مع الوكالات الحكومية الأخرى في سبيل تحقيق التكافؤ في الفرص بين المصرفية الإسلامية والتقليدية، بحيث لا تكون المصرفية الإسلامية في وضع سلبي من حيث الأغراض الضريبية والتنظيمية حين يكون هناك تشابه وتماثل في الجوهر الاقتصادي والمخاطر".
كثير من اللاعبين في الأسواق يعتمدون ويستفيدون منذ الآن من جوانب القوة والقدرات التي تتمتع بها سنغافورة، في سبيل جمع رأس المال وخلق صناديق البنية التحتية والعقارات، والقيام بنشاطات إدارة الثروات والموجودات. وهنا يقول الوزير السنغافوري: "على سبيل المثال؛ هناك تطور آخر جدير بالذكر وهو المشروع المشترك بين شركة Keppel T&T السنغافورية ومجموعة الراجحي السعودية لإنشاء أول صندوق للبيانات وفق الأحكام الشرعية. وفي الفترة الأخيرة تمكن الصندوق من جمع مبلغ ابتدائي مقداره 100 مليون دولار أمريكي من المستثمرين المؤسسيين في آسيا والشرق الأوسط. كذلك فإن من المفهوم لدينا أن عديدا من لاعبي السوق هم الآن بصدد التحضيرات لإطلاق صناديق الاستثمار العقارية الإسلامية وإدراجها في البورصة، وهذا من شأنه تعزيز موقع سنغافورة لتكون أكبر سوق لهذه الصناديق العقارية في آسيا (خارج اليابان)".
إن الأزمة المالية لم تعمل على تقليص حكاية النمو الآسيوية. والواقع أن آسيا خرجت من الأزمة في وضع أقوى مع النمو في الصادرات والإنفاق على الاستثمار. وإن سنغافورة في وضع جيد يؤهلها لتكون منصة إطلاق للشركات الخليجية الداخلة والمستثمرة في آسيا. كما أن منطقة الشرق الأوسط توفر كذلك عدداً كبيراً من الفرص للشركات الآسيوية للمشاركة في عملية النمو.
في الوقت الذي يشق فيه الاقتصاد العالمي طريقه نحو القوة، من المتوقع أن تشهد صناعة المصرفية الإسلامية الناشئة في سنغافورة تجدداً في النشاط، في الوقت الذي يتروى فيه المستثمرون لمراجعة الفرص في السوق.
يقول أحد المديرين التنفيذيين في المصرفية الإسلامية في أحد بنوك سنغافورة: "صناعة المصرفية الإسلامية في سنغافورة تمر الآن بالطور نفسه مثل النظام المالي العالمي. فهي تخرج الآن من منطقة الخطر، وهذا يعني أنها تقع الآن عند مفترق طرق مثير للاهتمام".
قال آفاق خان، كبير الإداريين التنفيذيين لقسم صادق التابع لبنك ستاندارد تشارترد في دبي: "ما يحدث الآن هو أن الناس يُعِدُّون خططاً للأعمال، وخططاً للمشاريع، ويدرسون احتياجات المشاريع، وأحكام التغطية. وليس معنى ذلك أنهم يتجنبون الدخول في المصرفية الإسلامية".
انسجاماً مع التعميم الصادر عن السلطة النقدية لسنغافورة (التي تعمل كبنك مركزي وجهاز تنظيمي للقطاع المالي في سنغافورة) فإن المصرفية الخاصة ومصرفية الجملة، إلى جانب إدارة الموجودات، هي محور نشاطات المصرفية الإسلامية في بنوك سنغافورة.
على الرغم من المزاج السائد الذي يتسم بالحذر، إلا أن سنغافورة أبرمت عدداً من الصفقات المهمة على مدى السنة الماضية. في مطلع السنة السابقة، أصدرت السلطة النقدية برنامجاً بقيمة 200 مليون دولار سنغافوري (141 مليون دولار أمريكي) من صكوك الإجارة (التي تقوم جهة الإصدار بهيكلتها على أساس الاحتياجات الخاصة للمستثمرين المؤسسيين). وقد تم هذا البرنامج بالتعاون مع بنك ستاندارد تشارترد. ويعد هذا الإصدار الأول من نوعه في السوق من قبل جهاز سيادي يتمتع بتقييم ائتماني بمرتبة ممتاز triple-A.
إضافة إلى ذلك أصدر بنك التنمية الإسلامي شهادات ائتمان مقومة بالدولار السنغافوري بقيمة 200 مليون، في حين أن سيتي دفلوبمنت City Development (شركة التطوير العقاري السنغافورية) أدخلت برنامجاً للسندات متوسطة الأجل بقيمة مليار دولار سنغافوري (706 ملايين دولار أمريكي)، كما أصدر مجلس العلماء في سنغافورة صكوك إجارة بقيمة 29 مليون دولار سنغافوري (20.5 مليون دولار أمريكي).
وفي حين أن تلك الشركات أظهرت أن الشركات السنغافورية تستعد بنشاط لفكرة الاستفادة من الأموال عبر سوق المصرفية الإسلامية، إلا أن السوق تفتقر إلى السيولة الكافية، وهذا الافتقار نتيجة لوجود عدد قليل من اللاعبين، كما يقول المشاركون في السوق.
رغم أن السوق السنغافورية لا تزال في مرحلة التطوير، إلا أنه يوجد فيها متسع للمزيد من اللاعبين. من بين البنوك القليلة التي تعطي خدمات مالية تقليدية وخدمات المصرفية الإسلامية في سنغافورة، هناك مجموعة سيتي بانك، وبنك ستاندارد تشارترد، وبنك أو سي بي سي OCBC، وماي بانك Maybank، وبنك سي آي إم بي CIMB. ووفقاً للسلطة النقدية فإن بنك آسيا الإسلامي هو البنك الإسلامي الوحيد المتخصص في المصرفية الإسلامية في سنغافورة. وعلى جبهة التكافل (أي التأمين الإسلامي) لا تعمل في سنغافورة إلا الشركات التالية: إتش إس بي سي للتأمين HSBC Insurance، ومؤسسة إن تي يو سي إنكَم NTUC Income، وشركة توكيو مارين نيتشيدو ري تكافلTokio Marine Nichido Re Takaful.
وفي حين أن الآفاق للمصرفية الإسلامية تعد وردية، حيث تشير التقديرات إلى أن هذه الصناعة العالمية تحقق نمواً سنوياً يراوح بين 10 في المئة و15 في المئة، وفقاً لتقديرات بنك التنمية الآسيوي، فإن سنغافورة، بما لديها من طموحات لتصبح مركزاً رائداً للمصرفية الإسلامية، تواجه عملياً عدداً من التحديات. فالمستوى المتدني من الوعي العام والتثقيف، وصعوبات التسويق، إلى عدم وجود الكوادر المؤهلة وأصحاب الخبرة بأعداد كافية، هي من بين القضايا الرئيسية التي ذكرها المشاركون في السوق.
مما لا شك فيه أن السلطة النقدية لسنغافورة قامت بعمل طيب من حيث خلق بيئة مناسبة وصالحة للنمو، وشدت انتباه الصناعة من خلال الإجراءات والقوانين التنظيمية في سبيل إعطاء البنوك قدراً أكبر من المرونة في هيكلة الأدوات المالية لإدارة مخاطرها وخلق مستويات لعب متكافئة للصناعة مع قطاع المصرفية التقليدية.
بعض هذه القوانين التنظيمية تشتمل على إعفاء من رسوم جمركية مزدوجة على التعاملات الإسلامية التي تشتمل على العقارات، ومنح المعاملة الضريبية التفضيلية ذاتها، ومنح الفوائد على دفعات الصكوك كما هي الحال مع السندات التقليدية.
ويقول المشاركون في السوق إن سنغافورة تستطيع أخذ ورقة من ماليزيا. لاحظ أنه لا يمكن تجنب المقارنة بماليزيا، على اعتبار أنها أقرب جارة إلى سنغافورة ومن الدول الرائدة والمنافسة في السباق لاحتلال مركز تجاري نشط للمصرفية الإسلامية. وقد استفادت ماليزيا بقوة من انطلاقتها الرائدة قبل أكثر من 20 سنة من سنغافورة، من خلال تثقيف السكان حول مزايا الاستثمارات الملتزمة بالأحكام الشرعية الإسلامية. وما ساعد على ذلك وجعل تقبله أمراً هيناً نسبياً هو أن معظم سكان ماليزيا هم من المسلمين.
يعتبر تثقيف الجمهور الاستثماري في سنغافورة أمراً حيوياً حتى تستطيع السوق تحقيق النمو، خصوصاً أن المعرفة والوعي بالمصرفية الإسلامية، سواء كانت المنتجات البنكية أو التكافل، في حالة متدنية. وقال المصرفي الإسلامي العامل في سنغافورة: "لا تزال المصرفية الإسلامية جديدة نوعاً ما، وبالتالي فإننا نحتاج إلى بعض الوقت قبل أن تفهم الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة والأفراد وتستوعب هذه المفاهيم وترى المنافع الاقتصادية المترتبة عليها".
وفي حين أن من المرجح أن جهود السلطة النقدية لسنغافورة (الرامية إلى تشجيع مزيد من المشاركة في السوق) ودخول مزيد من اللاعبين الذين يرجح لهم أن يقوموا بدور أكثر نشاطاً على المدى الطويل، إلا أن الحاجة ستدعو بقوة في مرحلة لاحقة وعلى نحو حاسم أكثر حتى من ذي قبل لتأمين مزيد من القوة العاملة والخبرة في الأدوات المالية في مجالات مثل الدخل الثابت، وهي مجالات تعاني سنغافورة أصلاً من النقص فيها.
لكن يقول المشاركون في السوق إنه بالنظر إلى مركز سنغافورة القوي باعتبارها من المراكز الرائدة الكبرى في المصرفية التقليدية، وما تتمتع به من حوكمة جيدة في الشركات، وما تتمتع به من شفافية واستقرار سياسي، إلى جانب قربها من إندونيسيا وماليزيا (وهما من البلدان التي توجد فيها أعداد ضخمة من المسلمين)، فإن آفاق سنغافورة على المدى الطويل تعد ممتازة.
قال خان (من قسم صادق في بنك ستاندارد تشارترد): "تعد سنغافورة من مراكز الاختصاص القضائي المتميزة. فهناك استقرار ووضوح ومنهجية في تطبيقات القانون، ومن السهل تماماً الدخول في الاستثمارات والخروج منها. وبعد فترة من الزمن ستبرز سنغافورة باعتبارها رائدة في المصرفية الإسلامية في المجالات التي تتخصص فيها، مثل إدارة الموجودات والعمليات البنكية بالجملة".
تُظهِر سنغافورة إحساساً متميزاً بإدراكها ما تقوم به، كما يتبين من تعزيز سمعتها كمركز مالي عالمي معترف به، وذلك بالدخول في المصرفية الإسلامية، وهو توجه يفيد كذلك في تعزيز موقعها الاستراتيجي من الناحية الاقتصادية وسط جمهور مسلم من الملاويين في الأرخبيل. وتسعى بقوة للتقدم في مواجهة المنافسة القوية من داخل المنطقة.