الملك الخالد ..

كنت للتو ناجحا من الصف الثاني الابتدائي عندما زرت برفقة الوالد – رحمه الله – أقارب لنا في قرية نائية شمالي البلاد في جو قائظ. القرية لم تكن سوى مجموعة من بيوت الشعر (تحول المكان إلى مدينة متكاملة الآن) كان الجميع مشغولين بصياغة برقية تعزية ومبايعة للأسرة المالكة بعد إعلان نبأ وفاة الملك خالد يرحمه الله في ذلك اليوم، متسمرين إلى جوار مذياع، كان هو الوسيلة الاتصالية الوحيدة بالعالم. في ذلك اليوم طلب مني بعض كبار السن كتابة البرقية على ورقة بيضاء ليبعثوها إلى شاب آخر للتو نال الكفاءة المتوسطة.
أكتب هذا المقال وأنا أتفحص مطبوعات وكتيبات عن جائزة الملك خالد ،التي شرفتني الأسبوع الماضي بدعوة للمشاركة في ورشة عمل لتطوير الخطة الاستراتيجية للجائزة بمشاركة نخبة من الزملاء الأفاضل من مختصين وأكاديميين. وهكذا أجد نفسي بين كتابة البرقية التي شكلت أول تجربة واختبار حي لي في التفاعل مع العالم الخارجي والمشاركة في ورشة عمل جمعية الملك الخالد معايشا فترة زاهية من التاريخ الحديث.
وهكذا فبين التاريخين ذكر خالد لا ينقطع، ولا الدعاء لخالد ينقطع .. ولا سنوات خيره تنسى .. منذ ذلك الحين وحتى الآن لا تذكر سنوات الربيع والخير حتى تذكر سنوات خالد .. ولا أعوام الرخاء إلا وتذكر مأثورات الملك الخالد. هذا على مستوى العامة ،الذين يتذكرون "سنة الطبق" ويقصدون بها عام زيادة الرواتب 100 في المائة، وسنوات ربيع الصندوق العقاري وكيف تحولت المنازل الشعبية إلى فلل، وغيرها .. أقول ذلك على مستوى العامة ،لكن على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي يعرف الجميع خطط التنمية الثانية التي نفذها الملك الخالد، وقصة تأسيس سابك، ومدينتي الجبيل وينبع الصناعية وكثيرا من الخطوات الاستراتيجية التي لا تزال تقود الاقتصاد والتنمية حتى الآن.
بل إن للملك الخالد – خالد بن عبد العزيز آل سعود - ارتباطا وثيقا بشعبه لا تعبر عنه أية كلمة ولا تصفه أية مقالة، ذلك أنك لو بحثت في سجلات الأحوال المدنية لوجدت أن النسبة العظمى من الأبناء الذين ولدوا في سنوات حكمه قد سميوا بخالد تيمنا بالملك الصالح، ولوجدت أيضا أن من كان اسمه خالد قد سمى ابنه بندر تيمنا بالملك وأبنائه .. وهكذا يطبع الحب في الاسم والقلب والوجدان. لا يزال خالد رغم مضي 30 عاما على رحيله حاضرا في ضمير الأمة وضمير الشعب ولا تزال الدعوات له بالرحمة تتصاعد إلى السماء من صدور أمهاتنا وجداتنا .. ومنا بإذن الله ومن أبنائنا إلى أن يرث الأرض ومن عليها .
فرحم الله الملك الخالد خالد بن عبد العزيز، وسدد خطوات أبنائه وبناته في مؤسسته الخيرية ،التي أصبحت أحد منابر الخير والعطاء على الرغم من حداثة عمرها في هذا المجال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي