بعد أن تعرض العالم للأزمة الاقتصادية بدأ المسؤولون الماليون في العالم بالتفكير في وضع أسس نظام مالي دولي جديد، مع تحسين الضوابط الدولية لتكون أفضل وأكثر فاعلية، فبدأت أسواق المال العالمية توجه أنظارها إلى الاقتصاد الإسلامي وبيان ما لديه من حلول، والتعرف على ضوابطه، تلك الضوابط التي جاء بها الإسلام منذ أكثر من 14 قرناً وطبقها المسلمون لأكثر من عشرة قرون، ولم يشهد التاريخ لهم بأزمات عاصفة كما حصل مع الحضارة الغربية، فظهرت بعض ملامح الاهتمام من قبل الجامعات ومراكز البحوث الغربية بالاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية، كما بدأت بعض فروع لكبار المصارف العالمية في التطبيق الجزئي القاصر لبعض صيغ الاستثمار الإسلامي، وأقول قاصر لأنه مبني على محاكاة أدوات ومنتجات إسلامية دون أن يكون نابعاً من تأصيل حقيقي للقواعد والصيغ الشرعية، فصار كثير من المسلمين المقيمين في الغرب الحرصاء على دينهم يعيشون انفصاماً بين النظرية والتطبيق في الوقت الذي يعتقدون فيه أن الدين الحنيف يتصف بالإحاطة والشمول والتوازن والانسجام.
البحث عن التوازن الطبيعي
أمام هذا الانفصام وأمام النظريات والأفكار والوقائع التي تنتهك بعض المحرمات الشرعية في الحياة الاقتصادية، هب عدد من المسلمين الغيورين على دينهم للمناداة بضرورة تعلم مبادئ الاقتصاد الإسلامي، ليس رغبة في البحث عن عمل في البنوك أو المؤسسات التي تمارس المصرفية الإسلامية، لكن رغبة في إيجاد التوازن الطبيعي الذي لا يقبل أن يؤمن أحدهم بالله في الصلاة ويتجاهل تعاليمه ـ سبحانه ـ في المعاملات المالية.
وتجسيداً لهذا المبدأ على أرض الواقع أضافت أكاديمية سبيل السنة, التي أنشئت عام 2004 في ولاية نيوجرسي في الولايات المتحدة, إلى منهاجها الخاص بتعليم العلوم الشرعية باللغة الإنجليزية برنامجاً لتدريس مبادئ الاقتصاد الإسلامي تحت اسم المعاملات المالية المعاصرة Modern Financial Transaction بأسلوب علمي مبسط مدعم بالأمثلة والتمارين العملية بحيث يلبي حاجات الموظفين الجدد في المصارف الإسلامية أو المتدربين في هذا المجال، كما يمكن أن يستفيد منه الشخص العادي الذي يتعامل مع البنوك الإسلامية أو الذي يريد أن يقف على الفرق بين هذه المصارف وقرينتها التقليدية، مع التركيز على الالتزام بمعايير علمية رصينة متمثلة في الالتزام التام بالمعايير الشرعية التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI.
نشر العلوم الشرعية في العالم
إن أكاديمية سبيل السنة أنشئت من أجل نشر العلوم الشرعية في العالم من خلال تدريسها باللغة الإنجليزية لما يقرب من ألف طالب من جميع أنحاء المعمورة، وفي خلال فترة وجيزة أصبحت من كبريات المؤسسات التعليمية في العالم، لذلك أخذت على عاتقها هذه المهمة لإيمانها بأن تدريس العقود والمعاملات المالية المعاصرة جزء من تدريس العلوم الشرعية، ولقد وجدت الأكاديمية في هذه المعايير ضالتها المنشودة في بيان الضوابط الصحيحة للاقتصاد الإسلامي، فالمعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة تعد إنجازاً من إنجازات هذا العصر، وإضافة علمية فقهية من حيث التصنيف والتبويب وطريقة العرض وسهولة العبارة التي تتناسب بشكل كبير مع طريقة وتفكير الطالب الغربي، ما أضاف إلى منهج الأكاديمية السهولة واليسر والسلامة في منطلقاتها ومفاهيمها الشرعية وفي تحليلها الاقتصادي.
يشار إلى أن أكاديمية السنة تأسست عام 2003 في ولاية نيوجرسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت الدراسة في الأكاديمية بصفة منتظمة منذ عام 2007 بعد أن اتخذت مدينة عمان عاصمة الأردن مقراً لها، ويشرف عليها نخبة من المتخصصين في العلوم الشرعية، واستفاد منها بضعة آلاف من الطلبة والطالبات في جميع أنحاء العالم، حيث إن عدد الطلاب يقارب ألف طالب في الفصل الواحد. وتعد أكاديمية سبيل السنة أكاديمية إسلامية رائدة في مجال التعليم عن بعد، تعمل على نشر العلم الشرعي، المستند إلى كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإيصاله إلى كل راغب فيه، مع استخدام أحدث وسائل التقنية المعاصرة لطريقة التعليم عن بعد، بضوابطه التي تقربه من التعليم المباشر، وخطت الأكاديمية ــ بحمد الله تعالى ــ خطوات ثابتة ومتزنة، واستفاد منها كثير من الدارسين والدارسات في جميع أنحاء العالم. ونظراً لصعوبة تفرغ المسلمين في الغرب لطلب العلم الشرعي بسبب منظومة الحياة المادية، فقد أخذت الأكاديمية ذلك في الاعتبار عند وضع المنهج الدراسي، ولذا يتميز منهج الأكاديمية بمرونة النظام الدراسي بما يتيح للطالب فرصة اختيار عدد المقررات التي تناسب ظروفه مع استيعاب جميع الراغبين في دراسة العلم الشرعي، مع عدم التأثير في ظروفهم الاجتماعية والمهنية ومواقع إقامتهم.
معادلة منهاج الاقتصاد الإسلامي
في عام 2008 وقعت الأكاديمية على اتفاقية تعاون مشترك في مجال التعليم الأكاديمي مع جامعة العلوم الإسلامية العالمية WISEومقرها الأردن، وبموجب هذه الاتفاقية تمنح الجامعة الطلاب المتخرجين في الأكاديمية شهادة جامعية متوسطة في الفقه وأصوله، وهذه الشهادة معتمدة من وزارة التعليم العالي الأردني. وفي عام 2010 وقعت الأكاديمية اتفاقية أخرى مع جامعة العلوم الإسلامية العالمية WISE لتقديم برنامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها مع اعتماد مقر الأكاديمية كمركز معتمد من قبل الجامعة.
كما تسعى الآن الأكاديمية بالتعاون مع بعض الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى معادلة منهاج الاقتصاد الإسلامي ليحصل به الطالب على درجة الماجستير. ولضمان سلامة المنهج الذي تسير عليه الأكاديمية، كونت الأكاديمية هيئة شرعية استشارية متمثلة في أصحاب الفضيلة الدكتور عبد الناصر أبو البصل رئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية والشيخ الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ عميد معهد دار المصطفى بتريم, كذلك فضيلة الشيخ العلامة نوح حاميم كلر.
